الأزمة المالية العالمية القت بظلال من الشك علي كثير من الثوابت الاقتصادية في العالم لسقوطها في أول مواجهة مع الأزمة.. وكانت الحوكمة احد هذه الثوابت التي شككت في جدواها.. في ندوة حول "دور شركات الوساطة والسمسرة والالتزام بقواعد حوكمة الشركات" حاول المحاضرون ان يتجاوزوا الحديث المعتاد عن التعريف بالحوكمة ودورها في الشفافية والإدارة الرشيدة ليحولوا الندوة إلي جلسة محاسبة لقواعد الحوكمة ذاتها وغياب دورها في انقاذ الغرب من الأزمة المالية وسبب عدم تفعيل العديد من شركات السمسرة لها والالتفاف بطرق عدة علي تطبيق قرار رئيس هيئة سوق المال رقم 11 لسنة 2007 الخاص بتطبيق معايير الحوكمة. الدروس المستفادة من الأزمة الاقتصادية الراهنة كان احد العناوين التي تصدرت ورقة رائد سلامة مسئول الالتزام والمخاطر بمجموعة برايم القابضة.. وابرز هذه الدروس المستفادة في رأيه كانت تقرير لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية صدر في فبراير الماضي وأثار دهشته بحسب تعبيره حيث أرجع التقرير الأزمة المالية الراهنة إلي فشل وضعف ترتيبات الحوكمة الحالية من ناحية عدم وجود مجالس إدارة مؤهلة ونظم فعالة لإدارة المخاطر كما أوصي التقرير بضرورة إعادة النظر في مبادئ الحوكمة المطبقة حاليا. وضرب أمثلة من السوق المالي العالمي علي عدم فاعلية إدارة المخاطر حيث اجتمعت لجنة المخاطر في ليمان براذرز مرتين فقط في عامي 2006 و 2007 أنشأ بير ستيرنز لجنة ادارة مخاطر قبل انهياره بفترة قصيرة جدا. واوضح انه بناء علي نموذج ادارة المخاطر فإن المخاطر تنقسم الي ثلاثة انواع الاول خطر مقبول والثاني خطر متوسط والنوع الثالث هو الخطر الكارثي. وحذر من خطورة عدم وجود مجالس ادارة مؤهلة بمعني عدم المام اعضاء مجالس الادارة بطبيعة عمل شركاتهم والاستراتيجيات والخطط التنفيذية كذلك عدم المام الرؤساء التنفيذيين ومجالس الادارة بثقافة المخاطر. المراقب الداخلي كما اكد علي اهمية تحقيق استقلالية للمراقب الداخلي من خلال رفع تقاريره للجنة منبثقة عن اعضاء مجلس الادارة غير التنفيذيين مشيرا الي ان تكلفة اعضاء مجلس الادارة غير التنفيذيين قد تكون كبيرة ولكن تأسيس نظام لقياس المخاطر تساعد الشركات علي تلافي اخطار قد تحملها اعباء اكبر من هذه التكاليف. فيما اشارالدكتور خالد سري نائب رئيس هيئة سوق المال الي ان الكثير من نظم الحوكمة لاتطبق فعليا في شركات السمسرة مستدلا علي ذلك من ان عددا كبيرا من الشكاوي الموجهة للهيئة تمثل تعارضا مع مباديء الحوكمة. واكد سري الدين ان معايير الحوكمة تقتضي وجود اعضاء مجالس ادارة فاعلين وعدم تفضيل شركة السمسرة مجموعة من العملاء علي الاخرين وكذلك عدم سيطرة فرد ما او اثنين علي ادارة الشركة حيث ان الانفراد بالسلطة لابد ان يؤدي الي اخطاء اما اخطاء غير مقصودة مع توسع نشاط الشركة وعاما تنفيذ سياسات تحقق مصالح ذاتية للقائم علي ادارة الشركة. معايير الحوكمة واشار سري الي الكثير من العملاء لم يكونوا يدققون في اجراءات شركات السمسرة وقت تحقيق الارباح ولكن بدأوا في الشكوي مع تحقيق الخسائر وضرب المثال بإحدي الشكاوي التي جاءت الي الهيئة من احد العملاء كان يصف شركة السمسرة التي يتعامل معها بأنها جهة اودع فيها امواله للاستثمار ووقع لها علي"بياض" تاركا قرارات البيع والشراء للشركة وهو ما حقق له ارباحا وقت ارتفاع البورصة وتسبب له في خسائر مع انخفاضها. ولفت سري الي ان احد ابرز الموضوعات المطروحة في مجلس مراقبة جودة اعمال مراقبي الحسابات بهيئة سوق المال هو الزام مراقبي الحسابات في تقاريرهم السنوية بتخصيص جزء خاص منها للحوكمة وقال انه سيكون هناك الزام بذلك في تقارير السنة المالية القادمة. واضاف ايضا انه تم قبول انضمام مصر لجدول تجمع هيئات سوق المال العالمية والذي لم تنضم اليه من دول المنطقة الا دولتان فقط ويأتي ذلك نتيجة لجودة التشريعات المصرية واهتمامها بمعايير الحوكمة.