في ظل استمرار تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية والتي أدت لانكماش وتقليص الانشطة الاستثمارية والانتاجية في مختلف القطاعات، بشتي دول العالم مما أدي لظهور موجة من تسريح العمالة للشركات العالمية والتي سيزيد عدد العاطلين عن العمل في العالم إلي 20 مليون فرد لتصل نسبة البطالة العالمية إلي 210 ملايين شخص في نهاية العام الجديد علي حسب تقديرات مدير مكتب العمل الدولي "خوان سومافيان" وهناك توقعات بتفاقم هذه الارقام حسب تأثير الازمة علي الاقتصاد الانتاجي الحقيقي. والمنطقة العربية ليست بعيدة عن هذه الازمة وهي تستوعب ما يزيد علي 2 مليون معامل مصري صاروا مهددين بالعودة للسوق المحلي. "العالم اليوم" ناقشت المشكلة مع الخبراء والمختصين حول توقعاتهم لحجم المشكلة؟ وتأثيرها علي السوق المصري؟ وكيفية استيعاب العمالة العائدة؟! وفي تصريحات للدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنميةالاقتصادية اكد ان الآثار المباشرة للأزمة المالية العالمية أدت إلي انخفاض قوة العمل من 6.5 مليون إلي 4.5 مليون في مصر بما يعادل 200 ألف عامل في مصر، وهي اكبر مشكلة ستواجهها الحكومة، وقال إن اعداد المتعطلين بين النساء سيزداد إلي 3 أضعاف والحل الامثل هو تحفيز الطلب الكلي من خلال ضخ استثمارات جديدة لتعويض النقص المحتمل في الانفاق في القطاع الخاص. وعلي النقيض من ذلك نفت عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة حدوث أي تسريح للعمالة المصرية بالخارج مؤكدة علي عدم تسجيل عودة للعمالة المصرية بالخارج نتيجة الازمة المالية العالمية. ويقول د. سمير رضوان نائب المدير العام لمنظمة العمل الدولية إنه ليست هناك بيانات دقيقة تؤكد علي عودة عمالة مصرية من الخارج وهل هذه العودة نتيجة انتهاء عقود عملهم أو بسبب تداعيات الازمة المالية العالمية. ويضيف رضوان انه في حالة عودة العمالة المصرية من الخارج نتيجة الازمة المالية العالمية أو انهيار اسعار البترول فليس هناك بديل لايجاد فرص عمل بالداخل إلا بزيادة معدلات النمو والتوسع في القطاعات والاستثمارات المولدة لفرص العمل. واشار رضوان إلي ان عودة العمالة المصرية بالخارج ليس بالامر الجديد، حيث ان هناك أزمات تاريخية أدت لعودة هذه العمالة ومنها حرب الخليج الثانية وانهيار اسعار البترول في الثمانينيات من القرن الماضي والقرار الليبي بتسريح العمالة المصرية في وقت من الاوقات،ولذلك فلابد ان يكون هناك احتمال قائم لعودة هذه العمالة سواء بسبب ازمةاقتصادية أو سياسية وغير ذلك. ويؤكد رضوان علي ان الاقتصاد المصري صار يعتمد بشكل كبير علي تصدير العمالة المصرية للخارج وهي أحد العوامل المساعدة في تحقيق النمو الاقتصادي من خلال النمو في تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي تصل ل 7 مليارات جنيه سنويا، وهي تقترب من دخل قناة السويس، ولذلك فهي تمثل مصدرا مهما للدخل القومي. ويضيف رضوان انه ليست هناك ارقام دقيقة عن حجم العمالة المصرية بالخارج وهناك ما بين 2 3 ملايين مصري يعمل بالخارج في المهن المختلفة. ويؤكد علي انه لا يمكن التكهن بما سيحدث في الفترة القادمة حتي في ظل الأزمة المالية حيث إن العامل الماهر والكفء سيثبت وجوده وقد يتمسك به صاحب العمل حتي في حالة تحمل تكلفته لفترة معينة للمرور من الأزمة. وحذر رضوان من إطلاق التعميمات لانها غير مفيدة أو صحية علي جميع المستويات. وأكد رضوان علي أن استيعاب العمالة العائدة من الخارج كان يتطلب وضع آليات لاستخدام تحويلاتهم من الخارج في استثمارات تخدمهم في حالة عودتهم وهناك تجربة تونسية يحتذي بها في هذا الشأن حيث قامت تونس بإنشاء ما يسمي الديوان التونسي للعاملين بالخارج وأطلق عليه "ودادية التونسيين العاملين بالخارج" ويرتبط بالبنوك الاستثمارية التي توفر وتقدم فرصا استثمارية جيدة للتونسيين العاملين بالخارج داخل بلدهم ويمكن الاستفادة بها بعد عودتهم. وقال رضوان الامر الجيد تطبيق هذه التجربة في مصر حيث ان اتحاد المصريين العاملين بالخارج ليس له دور فعلي في هذا الشأن ولا يظهر دوره إلا في عقد المؤتمرات والندوات. وأضاف سمير رضوان أن هيكل طلب العمالة المصرية بالخليج يتغير وصار طلب دول الخليج علي أصحاب المؤهلات العليا وذوي الخبرات والكفاءات.