يري خبراء الاقتصاد ان الاضرابات لها جانبان سلبي وإيجابي حيث يكون ظاهرة سلبية اذا أثر علي مجالات العمل ومعدلات الانتاج وذلك اذا تم بشكل عشوائي وغير منظم بل انه يصل احيانا إلي مرحلة التخريب، اما الجانب الايجابي لها فإنه يحدث بحثا عن حقوق العمال خاصة في الدول التي تأخذ بالنظام الرأسمالي الحر وفي رأي الخبراء انه ومن هذا المنطلق يمكن الاستفادة بما حدث مؤخرا من اضرابات في مصر لتوصيل صورة إيجابية للخارج بأن مصر دولة ديمقراطية وهو احد الشروط التي يبحث عنها المستثمر عند قدومه بالاستثمار بالدول المختلفة. يوضح د. فرج عبدالفتاح -أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة جامعة القاهرة- أن الاضرابات بشكل عام تؤثر تأثيرا سلبيا علي نمو الاقتصاد القومي، فهي مؤشربعدم استقرار الاوضاع الاقتصادية داخل المجتمع، وهي تعكس حالة من حالات الغضب وعدم الرضا الاجتماعي عن الاوضاع الاقتصادية لذلك يجب معالجة هذه الظاهرة بإجراء تعديلات هيكلية في توزيع الدخل. وعن اضرابات العمال في الشركات الخاسرة يقول عبدالفتاح إن العامل في هذه الحالة يري انه ليس السبب في هذه الخسارة وأنه يعاني من انخفاض في معدلات الدخل. مشيرا إلي ان القضية هذه في حاجة لعلاج جذري يتمثل في تحسين اوضاع الشركات الخاسرة إلي جانب العمل علي اعادة توزيع الدخول للعاملين بها. منوها إلي ضرورة عدم محاسبة العامل علي الخسارة التي تحققها بعض القطاعات وذلك لان الاجر لا يجب ان يتحقق وفقا للإنتاجية فقط وإنما هناك ظروف اجتماعية وقانونية تحكم وضع الاجور في مصر. ويوضح د. وجيه الدكروري -الخبير الاقتصادي- ان قانون العمل الجديد اعطي حق الاضراب للعامل في مواجهة حق صاحب العمل في الاستغناء عن العامل وذلك اسوة بما هو متبع في دول الاقتصاد الحر إلا ان حق الاضراب له قواعد يجب مراعاتها مع استخدام هذا الحق. ويشرح الدكروري ان الاضراب في الدول الرأسمالية يأتي علي مراحل معروفة ومدروسة حيث يبدأ بتقديم العاملين مطالبهم اولا ثم طرحها للتفاوض كمرحلة ثانية ثم البدء في اجراءات الابطاء الجزئي ثم الابطاء الكلي ثم اللجوء إلي استخدام حق الاضراف كاسلوب اخير ضد الادارة التي تتجاهل مطالبهم العادلة في جميع المراحل. وينوه الدكروري إلي ان العاملين علي مستوي العالم يدركوا تماما اهمية الحفاظ علي المنشآت والمعدات وآلات باعتبارها في عهدتهم ومسئولون عن سلامتها فلا يجوز للعامل ان يخرب منشآت الآلات المؤسسة، كما يتحمل العامل الاجراءات المالية التي تحرمه من حق الاجر فلما يجوز له ان يتقاضي اجرا او حافزا عن الساعات التي توقف فيها عن الانتاج سواء بشكل جزئي او كلي. ويوضح الدكروري ان حالات الاضراب التي تمت في مصر منها ما حدث في شركات الغزل والنسيج والسكك الحديدية وغيرها من القطاعات دلت بشكل قاطع علي افتقار في الخبرة والدليل علي ذلك أعمال الشغب الي تمت في بعض وسائل الانتاج وان كانت قد تمت خارج المصانع إلي جانب الشعارات التي يتم رفعها بطلب الحق في الاجور علي أيام الاضراب بجانب الخسائر الكبيرة التي سببها توقف الانتاج في الوحدات الانتاجية. ويري الدكروري ان هذا الوضع يعبر في الكثير من الحالات عن ضعف مجالس الادارات والقيادات العليا لشركات قطاع الاعمال العام والشركات التي تم فيها الاضراب وعدم قدرتها علي التواصل مع جموع العاملين، ايضا ضعف النقابات العمالية والاتحاد العام للعمال في نشر الوعي الكامل عن مفهوم الاضراب في السوق الحر والاساليب الصحيحة له وعواقبه الاقتصادية وما له وما عليه. ويضيف الدكروري انه علي الجانب الحكومي ايضا ان يتوخي العدل والانصاف في القرارات والقوانين والقواعد والتشريعات التي تتعلق بالعمال وخاصة القرارات التي تتعلق بمصالح المواطنين ويلفت وجيه الدكروري النظر إلي ان البيانات والمعلومات الخاطئة التي تنقلها وسائل الاعلام العالمية والمحلية في ظل السماوات المفتوحة وثورة الاتصالات تؤثر بشكل مباشر علي حركة رؤوس الاموال والاستثمار الاجنبي المباشر حيث ان تكرار ظاهرة الاضرابات تحد من جذب الاستثمارات في قطاعات كثيفة العمالة علي وجه الخصوص.