شهد عقد الثمانينات ظهور نشاط توظيف الأموال لما اتسم به هذا العقد من انخفاض أسعار الفائدة بالبنوك وركود السوق العقاري فضلا عن ركود اقتصادي بصفة عامة لضعف أوجه الاستثمار. و"ما أشبه اليوم بالبارحة". في نفس الظروف التي نمر بها حاليا بالإضافة لضعف البورصة مما يجعل مثل هذه الشركات تجتذب رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة نظير عائد شهري يتجاوز ثلاثة أضعاف نسبة عوائد البنوك لذلك ينصح الخبراء بضرورة استثمار تلك الأموال والمدخرات في أوجه الاستثمار المشروعة والمقننة التي تتيحها الدولة للمواطنين مثل ودائع البنوك والاستثمار في الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات بالإضافة للابتعاد عن شركات توظيف الأموال والأفراد القائمين علي هذا النشاط لأنه دائما ينتهي بضياع المدخرات "قليل دائم أفضل من كثير لمدة قصيرة". أوضح "عيسي فتحي" العضو المنتدب لشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، أن المسئول الأول في قضية توظيف الأموال هو طمع الناس لأن لا أحد يجبرهم مشيرا إلي أنه بعد الانفتاح الاقتصادي أصبحت الثقافة السائدة هي الحصول علي عوائد مالية كبيرة دون أي جهد مسبق مؤكدا أنه في حالة التفكير للحظة واحدة تجد أن المجال الذي يتم فيه توظيف الأموال لها يكسب نصف النسبة التي يقننها بها. لذلك فمن الأفضل وضع هذه الأموال في استثمارات جيدة يتابعها الشخص بنفسه ولكي تفيد المجتمع ككل في النهاية. مشيرا إلي أنه من يضع أماله لدي موظفي الأموال هما أصحاب الثراء والأموال الكثيرة متسائلا لماذا لم تضع هذه الفئة من الشعب أموالها واستثمارها في مجالاتهم وتخصصهم. بينما الطمع والهوس بالمال هو السبب. وفي حالة عدم وجود مناخ جيد وفرص جيدة للاستثمار علينا أن ايجاد نحن الفرص حتي لو تم شراء مشروع متعثر ونقوم بتطويره وإدارته بشكل جيد بالإضافة لأهمية أن نعتاد علي سياسة النفس الطويل واستثمار طويل حتي نجني ثماره بعد فترة وعدم التسرع. لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح. وقال شريف سامي، خبير الاستثمار المباشر إن عمليات توظيف الأموال ليست لها حدود للانتشار بقدر ما تحكمها رغبة وطمع المستفيد في الحصول علي أكبر عائد ممكن. رغم حجم المخاطر الكبيرة التي تحيط بعملية ايداعه للأموال مع أحد أو شركة بحجة توظيف الأموال. مشيرا إلي أنه رغم صعوبة تكرار سيناريو عودة شركات توظيف الأموال حاليا، غير أن المؤشرات الحالية في البورصة التي تعاني هبوطا قد تشجع بعض الأفراد والشركات علي طرق غير مضمونة للحصول علي أكبر عائد في حالة توظيف أموالهم في هذه الشركات نظير عائد شهري أو سنوي يتجاوز الفائدة الممنوحة في البنوك حاليا. وأوضح عمر الخطاب خبير اقتصادي أنه من أهم أسباب ظاهرة توظيف الأموال هي الطمع بالإضافة أن مئات الآلاف التي يمتلكها ضحايا توظيف الأموال لا تجد الطريق الأمثل لاستثمارها بعيدا عن الفوائد البنكية الهزيلة التي تقل بكثير عن نسبة التضخم الموجودة حاليا. لذلك لابد من إعادة تأهيل أصحاب المؤهلات الفائضة عن حاجات العمل باكسابهم مهارات جديدة تؤهلهم لإدارة المشروعات الصغيرة التي يمولها الصندوق الاجتماعي للتنمية. كما أن هناك العديد من قنوات الاستثمار بدلا من اهدارها لدي الشركات الوهمية لتوظيف الأموال وبعيدا عن الودائع البنكية بفوائدها الهزيلة. يمكن استخدام مكاتب وسطاء البورصة الموثوق بها في إدارة المدخرات عن طريق تكوين محافظ مالية من الأسهم والسندات التي تنتمي للقطاعات الاقتصادية الواعدة، بالإضافة للاستثمار في وثائق الصناديق الاستثمارية المختلفة. المهم أن توجد لدينا كيانات اقتصادية استشارية تستطيع من خلال وسائل الإعلام تسليط الضوء بالارشاد والتحليل علي البدائل الاستثمارية المختلفة. وذكر أحمد آدم، الخبير المصرفي أن ظاهرة شركة توظيف الأموال ليست جديدة علي الاقتصاد المصري. وتشهد انتشارا ملحوظا في الأقاليم التي لا توجد فيها ثقافة الإقبال علي البنوك والمؤسسات المالية لاستثمار المدخرات لدي الناس وتوقع آدم انتشار هذه الشركات بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، في ظل انهيار الثقة في البورصة التي كانت تستقطب في السنوات القليلة الماضية شرائح من صغار المستثمرين الذين لديهم مدخرات من العمل في الخارج أو غيره. مؤكدا علي وجود تخوف من قبل المصريين للجوء للبنوك كقنوات إدخارية، خاصة الكيانات الأجنبية العاملة بالسوق المحلية والتي تتردد أنباء عن تأثرها بالأزمة المالية العالمية. مشيرا إلي أن شركات توظيف الأموال نشطت حينما سجل معدل التضخم ارتفاعا كبيرا.