فيما تشهد هذه الأيام العديد من المتغيرات علي الساحات المحلية والإقليمية والعالمية وفي أكثر من مجال كان ذلك الحوار مع الشاعر فاروق جويدة، تناول الأدب والسياسة والاقتصاد. وقد لا يعرف كثيرون أن جويدة قضي سنين من عمره محررا اقتصاديا كفؤا في "الأهرام" قبل أن تحول الظروف مساره لينطبق عليه ما قاله الروائي أمين يوسف غراب علي لسان بطل روايته "شجرة اللبلاب".. "انقلب الزورق فنجوت" ليصبح جويدة واحدا من أبرز شعرائنا وأحد المفكرين أصحاب الرأي في قضايانا. يري جويدة أن ميزان الشعر دقيق، بعكس حال الموازين الاقتصادية التي "ضربت" علي حد تعبيره، ويطرح رؤاه حول القضايا المحلية الخاصة بأداء الحكومة.. ومشاكل المجتمع التي يؤرقه منها "الطبقة الهمشة".. ومشاكل السلام مع إسرائيل حيث يدعو إلي البدء فورا وبكل قوة في تعمير سيناء التي يصفها بأنها نقطة ضعف مصر وأن تنميتها مكسب أمني واقتصادي، ويتساءل: من الأولي بالمليارات توشكي أم سيناء؟! وهكذا كان الحوار * ألم يحدث وهزك حدث أو حالة اقتصادية فعبرت عن ذلك في صورة أبيات شعرية؟ ** نعم توجد كوارث كثيرة حدثت في مصر في الآونة الأخيرة مثل غرن العبّارة السلام وشباب المهاجرين الذين يغرقون في البحر وهم في طريقهم لأوروبا وهذه القضايا اعتبرها من صميم المشاكل الاقتصادية بالرغم من أن هناك آخرين حاولوا أن يغيروا معناها وألبسوها ثوبا آخر، وأدخلوها من قبيل هل هم شهداء أم غير شهداء لكن الحقيقة أننا أمام مشاكل اقتصادية في المقام الأول، كما توجد قضايا أخري تناولتها في مسرحية "الخديوي" والتي مازالت ممنوعة واعتبرها مسرحية اقتصادية، لأنها تتحدث عن قضية الديون والعلاقة بالغرب وأخطاء الخديو إسماعيل وهذه الأخطاء متشابهة مع ما يحدث الآن. مسرحية الخديوي * هل قصدت في "مسرحية الخديوي" ما يحدث الآن؟ ** بالتأكيد، لذلك هي ممنوعة حتي الآن وتنبأت فيها بعمليات الخصخصة وهي قبل أن يتم موضوع تفعيلها وتاريخ كتابة المسرحية كان في بداية التسعينيات، فكانت هذه المسرحية قراءة مبكرة للخصخصة العشوائية كما أحب أن أطلق عليها، وقد استغرقت في كتابتها ما بين عامين أو ثلاثة أعوام وجاءت فكرتها حينما كنت اقرأ تاريخ الخديو إسماعيل بالكامل. مصدر القلق * وما الحدث الاقتصادي الذي هزك ولم تستطيع الكتابة فيه حتي الآن؟ ** الحدث الاقتصادي الذي مازال يهزني حتي الآن ولم أكتب فيه هو ما يتناول "الطبقة المهمشة" أو المحرومة أو العشوائيات في مصر وهؤلاء يمثلون لي قلقا شديدا، وهم يمثلون مشكلة كبيرة جدا لمصر والحكومة المصرية وأنا اعتبرهم ألغاما ساكنة، وبرغم كل المعالجات السينمائية والمعالجات الفنية لهذه القضية إلا أنني أعتقد أنها أزمة كبيرة جداً. * وهل هناك محاولات للكتابة فيها بأي نوع من الأشكال الأدبية؟ ** أنا حاولت الكتابة في مسرحيات، ولكن لم أتناولها في عمل خاص بقصائدي. الاقتصاد والشعر * قبل أن تكون متخصصا في الشأن الأدبي والفكري والشعر كنت محرراً ورئيساً لقسم الاقتصاد بالأهرام.. فهل استفدت من عملك في هذا المجال في كتابة الشعر والأدب؟ ** بالتأكيد.. أكبر فائدة أني عرفت عن قرب وفي وقت مبكر جدا مشاكل مصر الحقيقية وعرفت أن الاقتصاد سوف يسبق السياسة وقد كان، ليس فقط علي مستوي مصر ولكن علي مستوي العالم، وتوقعت أن يكون المأزق الاقتصادي هو التحدي الحقيقي للمصريين، وقد كان ذلك قراءة مبكرة جدا للواقع وكنت أحد الذين دعوا للانفتاح في مقالاتي وأعمالي وشاركت بالفعل في هذا ولكن كان هدفي الأساسي هو الانفتاح الإنتاجي وليس الانفتاح الاستهلاكي أو ما أطلق عليه انفتاح السمسرة.