اعتادت الصحافة المصرية عند نشر أي حادث غير معتاد علي مجتمعنا ان تقول "واقعة غريبة" تتمثل في قتل ابن لابيه أو أم لطفلها..! ولكن واقع الحال هو ان هذه الوقائع لم تعد غريبة أو شاذة أو طارئة أو مستنفرة، فقد اصبحت جزءا من اسلوب حياه يتسم بالقسوة وانعدام الاخلاق والضمير ويمكن معه وداخله توقع حدوث أي شيء ولأي سبب. ولقد نشرت الصحف يوم الجمعة الماضيه حادثا عن اقدام زوج علي الانتقام من زوجته "المدرسة" بأن قام بخطفها بمساعدة اربعة آخرين من اصدقائه وتناوبوا الاعتداء عليها جنسيا داخل شقة الزوجية، وذلك لقيام المجني عليها برفع دعوي قضائية ضد المتهم تؤكد فيها عجزه جنسيا وانها لاتزال بكرا. وقالت الصحف إن الواقعة غريبة وان النيابة تباشر التحقيق مع الزوج. والواقع ان اشياء مثل هذه لم نعد نقابلها باستغراب أو تعجب، فهناك الزوج الذي تعاون مع زوجته في تكوين جمعية لتبادل الزوجات، والاب الذي ذبح زوجته واطفاله في مجزرة مصر الجديدة خوفا عليهم من الفقر بعد افلاسه، والاب الذي استيقظ في منتصف الليل ليقتل ابنه بسبب مشاجرة وقعت بينهما صباح اليوم نفسه، والأم التي تقتل طفلها ليخلو لها الجو مع العشيق.. وحوادث كثيرة متكررة ومزعجة ومؤلمة كلها تروي قصة واحدة ومفهوما واحدا وهو ان شيئا ما في المجتمع قد تغير، وان حوادث القتل والاغتصاب والسرقة بالاكراه قد اصبحت عادية وفي كل الاماكن وعلي أي المستويات..! ولا أحد يستطيع الجزم بأن هناك عوامل اقتصادية أو ثقافية وراء هذه الموجات الجديدة من الجرائم لانها تتم بين الاغنياء والفقراء علي السواء وتقع في صفوف المثقفين والجهلاء بلا تمييز، ولم يعد لها حدود أو تفسير، وكيف يمكن مثلا ان نفسر قيام طبيب كبير يتمتع بالثراء بقتل آخر لخلاف علي دين بسيط لا يتعدي بضعة آلاف من الجنيهات وتقطيع جسده بكل برود واستخفاف. أن المجتمع ينهار في الكثير من جوانبه ونحن نكتفي بابداء الاسف واعتبار ما يحدث "وقائع غريبة" في حين انها اصبحت عادية جدا ونحن الغرباء.