حرام ان نترك معرض الكتاب يختفي من امام عيوننا عاما بعد عام.. رغم ان المعرض العريق معرض عليه الان اكثر من اربعين عاما الا انه جاء هذا العام شاحبا حزينا بعد ان فقد بريقه القديم.. في هذا المعرض دارت معارك كثيرة في الفكر وشهد امسيات جميلة للشعراء العرب والمصريين وتحدث فيه رموز الادب والفكر والسياسة.. وكان حدثا عربيا بكل المقاييس ولكن البريق خبا.. واختفي الضيوف واختفي ايضا زوار المعرض.. لاشك ان هناك اكثر من سبب وراء هذا الشحوب الذي اجتاح معرض الكتاب في السنوات الاخيرة.. اول هذه الاسباب هو غياب صاحب هذا العرس صديقنا الراحل سمير سرحان.. ورغم ان هذا المعرض بقي سنوات طويلة فإن سمير سرحان شهد عصره الذهبي عندما كان المعرض صاخبا بزواره وضيوفه ورموز مصر فيها.. لقد افتقدنا سمير سرحان بروحه وصبره وتفانيه.. افتقدنا في معرض الكتاب رموزا رحلت.. نجيب محفوظ ونزار قباني.. ويوسف ادريس.. ومحمود درويش.. والشرقاوي.. ولويس عوض.. وثروت اباظة.. وسعد وهبه وعشرات من كتابنا الكبار.. افتقدنا في معرض الكتاب عشرات القضايا التي كان المناخ الثقافي يحركها بين الجماهير والكتاب، بل ان زيارات كبار المسئولين ومشاركاتهم في ندوات المعرض كانت تعطي الكثير من الثراء.. ولكن الرموز غابت.. والجماهير اختفت والقضايا شاخت، وجاء معرض الكتاب ليمضي مثل احداث كثيرة في زحام ايامنا.. لاشك ايضا ان المناخ السياسي وحالة الحزن والكآبة التي يعيشها المواطن العربي بعد مذبحة غزة قد تركت الكثير من الالم والوحشة.. لقد غيرت جراح غزة حالة الانسان العربي عندما وجد نفسه عاجزا امام واقع عربي قبيح ومتشرذم.. انني حزين لما وصل اليه حال معرض الكتاب وهو يحتاج الي دراسة عميقة لكي نجدد شبابه وان كانت هناك اشياء كثيرة تحتاج لتجديد شبابها ومنها عشرات المهرجانات التي لم تعد تقدم شيئا جديدا ومنها مهرجان المسرح التجريبي ومهرجانات السينما والموسيقي والغناء، ولهذا أطالب بدراسة الاسباب التي جعلت معرض الكتاب هذا العام شاحبا هزيلا في قضاياه وامسياته وجماهيره.. انه حدث كبير يجب ان نحافظ عليه.