شهدت البنوك خلال الأيام الماضية مواصلة تحركات العملاء للتخلص من الودائع الدولارية وتحويلها إلي الأوعية الادخارية بالجنيه، علي خلفية انخفاض الفائدة علي الدولار. قال أحمد علاء بالبنك العربي العقاري إن خفض سعر الفائدة علي الدولار، يؤثر علي الاستثمارات الخارجية والداخلية، مما يسهم في زيادة الاتجاه إلي الاقتراض بالدولار من البنوك لانخفاض سعر الفائدة والصرف عليه، بينما يتوقع تزايد إقبال العملاء علي الاستثمار بالأوعية الادخارية بالجنيه. من جهته، أشار أشرف بيومي ببنك تنمية الصادرات إلي بدء تحركات العملاء خلال الفترة الماضية نحو التحول "لفك" ودائعهم الدولارية لانخفاض سعر الفائدة، متوقعا تزايد هذه التحركات خلال الفترة المقبلة. ودعا في ذات الوقت عملاء البنوك إلي التحوط في التعامل مع الودائع الدولارية وعدم التخلص منها سريعاً، علي اعتبار أن ما يحدث حاليا لا يعدو كونه نوعا من الأزمات العابرة.. التحول للجنيه من جانبه يؤكد محمد عبدالرحمن ببنك مصر إيران للتنمية أنه في ظل الخفض للفائدة علي الدولار فمن المفترض نظرياً الانتقال والتحول إلي الجنيه المصري علي اعتبار أن الفائدة عليه مستقرة. وتوقع عبدالرحمن أن يتجه جزء من التحول نحو الجنيه بدلا من الدولار للاستثمار في الأوراق المالية حيث إن جميع الدراسات الاقتصادية تشير إلي أن العائد منالاستثمار في الأوراق المالية لا يزال أعلي من العائد علي الجنيه في صورة ودائع، وإذا حدث هذا التحول نحو الاستثمار في الأوراق المالية فمن المأمول انتعاش سوق الأوراق المالية بالتبعية وضخ المزيد من السيولة إليه. ناقل للحرائق ويعلق الدكتور عبدالرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان بأن التقلبات التي يشهدها سوق الصرف العالمي قد تحدث تغيرا في خارطة سوق الصرف العالمي وقد تدفع النظام المالي العالمي إلي إعادة النظر في حساباته خاصة في ضوء أن الجميع يسلم بكون الدولار ناقلا للتضخم عبر القارات، أي أن التضخم الذي ينشأ محليا بسبب تباطؤ عجلة الاقتصاد يزيده الدولار المتهاوي اشتعالا ويصبح التضخم مكونا من رقمين الرقم المحلي والرقم المستورد عبر قاطرة الدولار الذي يفقد قيمته بشكل متواصل منذ عدة سنوات! أشار إلي أنه في ضوء ذلك فإنه يصبح من المنطقي التفكير في التخلص من هذه القاطرة التي تجلب الحرائق وتأكل الأخضر واليابس وهناك نقاش كبير حول أهمية العودة للذهب كوسيط مستقر وقابل للتداول علي الصعيد الدولي خاصة أن تكنولوجيا الاقتصاد سمحت بنمو وتطور المبادلات البنكية الرقمية بصورة كثيفة تجعل مشكلة تبادل حمولة من الذهب غير مطروحة أصلا لأنه من البداية عندما يتم تحويل مبلغ من المال (بالدولار) من دولة إلي أخري ليست هناك طائرات تتنقل بين الدول تقوم بنقل طرود المال بين هذه الدولة وتلك، الأمر كله يتم بطريقة كمبيوترية معقدة تصب دائما في مصلحة البنوك العالمية خاصة الأمريكية والبنوك المركزية المحلية هي التي تتحمل عبء تغطية المبالغ بالعملات المحلية بحسب سعر الصرف. قال لذلك تعاني البنوك المركزية في الدول النامية عندما يأتي المواطنون ويطالبونها بتسليمهم المبالغ التي تم تحويلها من ذويهم في الخارج! لأن البنك لم يتسلم ورقة خضراء واحدة، بل مجرد أرقام في شاشة الكمبيوتر؟؟ وعليه أن ينتظر حتي يقوم البنك المحلي بجمع بعض الورقات من السوق المحلي عن طريق إيداع مواطنين آخرين فيسلمها للمواطن الأول الذي يطالب بما له الذي حول له من الخارج! وتابع جاب الله قائلا إن ذلك في حد ذاته يعتبر ردا علي بعض الاقتصاديين الذين يضحكون من فكرة تعويض الدولار بالذهب، لأن المسألة ليست تبادل حمولة الذهب بقدر ما هي الخروج من القيمة المتذبذبة للدولار إلي قيمة أكثر استقرارا وهي قيمة الذهب الذي أثبت طول الوقت أنه مستقر، فالتبادل الفيزيائي للعملة غير موجود حتي في الدولار الورقي، وهو نفس الأمر الذي يصدق علي الذهب إذا تحول إلي وسيط للتبادلات الدولية فالذهب له قيمة في حد ذاته وهذا ثابت عبر العصور، ولكن العملة الورقية مضافة لها العملة الكمبيوترية لا تملك قيمة في ذاتها ولكن قيمة مفروضة من خارجها، فالحكومات يمكنها أن تطبع ما تشاء من ورق العملة ولكنها لا يمكنها أن تصنع ما تشاء من سبائك الذهب.