جاء إعلان مؤسسة القمح الأمريكي بإيقاف العمل لبرنامج علامة الجودة للقمح الأمريكي في مصر اعتبارا من أول يناير الجاري ليضع أكثر من علامة استفهام حول الأسباب الحقيقية لمثل هذا القرار وتأثيره علي الأسواق. فمن المعروف أن المؤسسة الأمريكية تتعاقد مع مطاحن القطاع الخاص المصرية علي استيراد 70% من كمية الأقماح التي تطحنها من أمريكا وفق شروط محددة وبسعر معين وذلك نظير وضع علامة الجودة إلي جانب استفادة تلك المطاحن من بعض المميزات التي تقدمها المؤسسة لهم مثل منحهم قروضاً ائتمانية بتسهيلات لشراء القمح. لكن قامت بعض المطاحن باستيراد القمح من مناشئ ودول أمريكية أخري لم تحددها المؤسسة مثل بعض الولاياتالشرقية التي يتصف قمحها بقلة الجودة وانخفاض الأسعار. واكتشفت المؤسسة أن تلك المطاحن تتلاعب بوضع علامة الجودة علي الدقيق الناتج من تلك الأقماح غير المطابقة للمواصفات مما أدي إلي انخفاض الكمية المستوردة بالشروط المتفق عليها. قرار المؤسسة فسره البعض بأنه بمثابة نهاية لشهر العسل مع القطاع الخاص المصري وانها "أي المؤسسة" ستكتفي بالتعامل مع القطاع العام الذي يلتزم بقواعد الاستيراد. وكشف مصدر مسئول بالمؤسسة أن هذا الإجراء جاء نتيجة لعدم التزام بعض الشركاء "مطاحن القطاع الخاص" ببنود العقود الموقعة مع كل منهم لتنظيم العمل بالبرنامج وفي مقدمتها ضرورة وجود نسبة 70% علي الأقل من القمح الأمريكي بخلطة القمح التي ينتج منها الدقيق الذي تحمل عبواته هذه العلامة.. وأن يلائم هذا القمح المنتج النهائي الذي سوف يتم تصنيعه من هذا الدقيق ضمانا لتوافق الدقيق مع المستويات المرتفعة للجودة كما يتطلبها البرنامج وحفاظا في نفس الوقت علي مصداقية العلامة وسمعة الشركات المنتجة لهذا الدقيق. وأشار المصدر إلي أن هناك أسبابا أخري دفعت المؤسسة إلي إيقاف برنامج علامة جودة القمح الأمريكي أهمها الاستخدام غير القانوني وغير المصرح به من قبل بعض شركات المطاحن وشركات تعبئة وتوزيع الدقيق للعلامة التي تعتبر أداة تسويقية فعالة حيث قامت بعض المطاحن باستخدامها علي عبوات دقيق غير مطابقة للمواصفات الموضوعة من قبل مؤسسة القمح الأمريكي للدقيق الذي يحمل علامة الجودة. أكد المصدر أن المؤسسة مستمرة في تقديم المشورة الفنية للمطاحن كعادتها منذ سنوات عديدة دون النظر إلي هذا التوقف المؤقت للبرنامج ضمن برامجها الهادفة لرفع مستويات الجودة والأداء ولفت المصدر إلي أن قرار المؤسسة سوف يعاد النظر فيه بالطبع حال توافر كميات القمح الأمريكي عالي الجودة لدي مطاحن القطاع الخاص الراغبة في المشاركة بالبرنامج في إطار عقود جديدة سوف يتم إبرامها مع المؤسسة مستقبلا.. مؤكدا أن السوق المصري من أهم الأسواق المستوردة للقمح الأمريكي. ومن جانب آخر أكدت مصادر بقطاع الرقابة بوزارة التضامن أن هناك اسبابا أخري جعلت مؤسسة القمح الأمريكي تتخذ هذا القرار أهمها أن أسعار القمح انخفضت في السوق العالمي ولم يعد هذا البرنامج مجزياً بالنسبة للمؤسسة. بالإضافة إلي أن مطاحن القطاع الخاص أصبحت تضع العلامة علي منتجها المصنوع من دقيق مستخرج من أقماح أخري وأيضا هناك مستوردون من القطاع الخاص يستوردون نوعاً رخيصاً ورديئاً من القمح الأمريكي من الولاياتالشرقية ويضع عليه علامة الجودة. رغم أن المؤسسة لا تستخذم هذا النوع من القمح ولا تصدره لشركائها الأساسيين. من جانبه نفي سعيد يوسف الحفني نائب رئيس هيئة السلع التموينية ما يردده البعض من أن هذا القرار هو بمثابة انسحاب للمؤسسة من السوق المصري، مؤكدا أن برنامج علامة الجودة خاص فقط بمطاحن القطاع الخاص ولذا يستورد القمح الذي ينتج منه دقيق 72% لتصنيع كل المخبوزات. أما القطاع العام فيستورد القمح الذي يستخرج منه الدقيق 82% لرغيف الخبز "المدعم" وهذا مستمر بدون أية مشاكل. وقال الحفني إن جميع الأقماح التي يتم استيرادها لا تدخل البلاد إلا بعد الفحص من قبل شركات مراجعة عالمية للتأكد من مطابقتها للمواصفات المصرية وشروط التعاقد في ميناء الشحن فضلا عن فحصها من قبل الجهات المصرية. وأشار إلي أن الهيئة تقوم بشراء الأقماح المستوردة من عدة مناشئ مختلفة منها روسيا وأمريكا وكازاخستان وأوكرانيا وفرنسا وكندا ولا تقتصر علي منشأ بعينه وذلك عن طريق الإعلان عن مناقصات عالمية طبقا للمواصفات القياسية المصرية رقم 1601 لسنة 2005. وأوضح نائب رئيس هيئة السلع التموينية أن الهيئة تعاقدات أمس الأول علي استيراد 83 ألف طن منها 55 ألف طن قمح أمريكي "أحمر لين" بسعر 183،9 دولار للطن و28 ألف طن قمح روسي بسعر 181 دولارا للطن ومن المنتظر أن تصل البلاد خلال شهر مارس المقبل. مؤكدا أن المخزون الاستراتيجي آمن ويكفي البلاد لعدة شهور.