يبدو أن المصائب لا تأتي فرادي.. فبعد تداعيات الأزمة المالية العالمية علي العديد من القطاعات في الاقتصاد القومي التي أثرت علي الأرقام المستهدفة في النمو والتنمية والاستثمار والتشغيل جاء العدوان الإسرائيلي علي غزة ليضيف أعباء جديدة علي اقتصادات المنطقة كلها خاصة دول جوار الدولة العبرية وعلي رأسها الاقتصاد المصري. ويبقي السؤال: ما فاتورة خسائر الاقتصاد المصري واقتصادات المنطقة من هذه الحرب ذات الصناعة الإسرائيلية وهو ما يجيب عليه الخبراء بتباين شديد يضفي غموضا علي أرقام هذه الفاتورة حيث يري معظمهم ان هناك تأثيرات سلبية متوقعة علي جميع اقتصادات المنطقة بوجه عام من خلال تقويض الآمال المعقودة علي القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد خلال الشهر الجاري وذلك علي ضوء توقعات بان تمتد آثار الانقسامات السياسية الي القمة الاقتصادية مما قد يحول دون اتخاذ قرارات تساعد المنطقة علي امتصاص صدمة الأزمة المالية العالمية بالاضافة الي تراجع حركة الاستثمار الوافد الي المنطقة. وتتضمن توقعات الخبراء ان يشهد قطاع السياحة المحلي ركودا كبيرا بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية وتضاعفها احداث غزة وذلك علي ضوء معطيات تفيد بتراجع حركة السياحة الوافدة إلي فنادق مدينتي طابا ونويبع التي باتت مهددة بالإغلاق بسبب القصف الاسرائيلي لقطاع غزة لدرجة ان هناك فنادق لا يوجد بها سوي سائح واحد أو اثنين فقط. وعلي الرغم من ذلك فقد قلل الهامي الزيات رئيس شركة ايمكو ترافيل من تأثير احداث غزة علي حركة التدفقات السياحية مشيرا إلي ان التأثيرات مازالت متعلقة فقط بتداعيات الأزمة المالية العالمية وسط حالة من صعوبة التنبؤ بالمستقبل، مشيرا إلي انه حال تعاضد العوامل مع بعضها البعض فإن التأثير سيكون كبيرا جدا وليس كما هو عليه الآن معتبرا انه علي الرغم من تفاقم الأزمة والمخاوف بالقطاع السياحي فإن مصر مازالت تمتلك نقاطا مضيئة تحقق لها ميزة نسبية خلال الفترة المقبلة من خلال الاسعار التنافسية التي مازالت تقدمها مقابل خدماتها السياحية معتبرا ان الأزمة لم تتبلور إلا علي ضوء تأثيرات محدودة في شرم الشيخ والغردقة ولم تتأثر القاهرة أو الأقصر أو أسوان ومازالت حركة السياحة حول معدلاتها الطبيعية. أشار الزيات الي ضرورة الأخذ في الاعتبار سلة من الاستراتيجيات التي يجب اتخاذها من خلال وقوف الدولة بجانب المنشآت بإعادة النظر في سعر الفائدة علي الاقراض وتخفيض التأمينات الاجتماعية وارجاء الضرائب وليس إلغاؤها وبالتالي إحداث نوع من الحراك داخل القطاع. من جانبه يتوقع الدكتور شريف دلاور الخبير الاقتصادي وجود آثار كثيرة تترتب علي استمرار العدوان الاسرائيلي علي قطاع غزة خاصة إذا كنا نتحدث عن قطاعي الاستثمار والسياحة نظرا لارتباطهما الوثيق بالاستقرار السياسي في المنطقة بالاضافة الي تراجع في حركة السياحة قد يصل الي 60% وفقا لكثير من التوقعات فضلا عن التأثيرات غير المباشرة التي ستطال القمة الاقتصادية العربية علي إثر تسرب الانقسامات السياسية في المنطقة الي القرارات التي ستتخذ من أجل تقويض آثار الأزمة المالية العالمية. وفي ذات السياق يؤكد الدكتور وجيه الدكروري الخبير الاقتصادي ان تأثيرات الأزمة المالية العالمية بالاضافة الي احداث غزة سيؤثران بشكل مباشر علي اقتصادات المنطقة من خلال احجام التدفقات الاستثمارية الواردة الي المنطقة خاصة مصر بسبب التماس الجغرافي مع قطاع غزة. كما أشارت الدكتورة مني المصري استاذ التجارة الدولية بجامعة القاهرة إلي أن تأثيرات الاحداث في غزة ستصيب المنطقة بأكملها بشلل في حركة تدفق الاستثمارات، وربطت مني المصري بين فترة الحرب وقوة التأثير السلبي الناجم عنها معربة عن أملها ألا تستمر لفترة طويلة وذلك لتقليل نسبة الخسائر بقدر المستطاع. وفي قطاع صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة أوضح فؤاد حدرج رئيس مجلس إدارة شركة بلادونا للملابس الجاهزة ان الأزمة المالية العالمية مضافا إليها احداث غزة انعكست علي الأحوال العامة لاقتصادات المنطقة فضلا عن تأثيرات ضخمة تعزي للجانب النفسي مشيرا إلي وجود تراجع غير مسبوق في حركة البيع لم تحدث منذ بداية الأزمة العالمية وذلك علي إثر احداث غزة مستبعدا ان تكون هناك تأثيرات مباشرة تهدد مستقبل اتفاقيات الكويز. وفي ذات السياق قلل حمادة القليوبي رئيس غرفة صناعة الغزل والنسيج سابقا من تأثيرات احداث غزة علي اتفاقية الكويز معتبرا ان هذه التأثيرات لن تكون سريعة وانما ستصل الي القطاع في خلال 4 أشهر وذلك مع التراجع الكبير في حركة السياحة وبالتالي ستضرر صناعة المفروشات التي كانت تعتمد علي الحراك السياسي في ترويج المنتجات حيث سيتضح ذلك جليا في أداء الشركات. وحول التأثيرات المتوقعة علي البورصة المصرية يري الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار ان معامل الارتباط بين احداث غزة وأداء البورصة المصرية قد يكون غير وارد ويدلل علي ذلك بأن بداية التحسن في المؤشر الرئيسي للسوق تزامن مع بدء الضربة الإسرائيلية ضد قطاع غزة. واضاف خليفة ان تقييم ميرل لينش اقر بأن مصر هي الأكثر أمنا ضمن أسواق المنطقة من حيث تراجع حجم المخاطر.