من التوابع "الإيجابية" لآثار الأزمة العالمية انخفاض أسعار السلع خاصة الغذائية وكان من المفترض أن تنخفض تلك الاسعار مباشرة في مصر باعتبار أنها ترتبط بالسوق العالمي، ولكن حدث تراجع طفيف في بعض السلع دون سلع أخري وتفسيرا لهذه الظاهرة ألتقت "الإسبوعي" هاني موافي مدير مؤسسة "أي. سي. نلسون" لبحوث الأسواق - مصر - ومتابعة أسعار السلع وحركة الأسواق. وطرحنا عليه العديد من الأسئلة حول ما يحدث في الأسواق المحلية وكيف يؤثر السوق العالمي في المستهلك المصري، ولماذا لا توجد المرونة الكافية في ارتباطنا بالأسواق العالمية عندما تنخفض بها الاسعار. * بداية ما تقديركم لحجم انخفاض الأسعار العالمية وتأثيراته علي الأسواق وتوقعاتكم لمدي استمراريته؟ ** من واقع تحليلاتنا وتحليلات الاقتصاديين الكبار في العالم فإنه من المستحيل أن يتوقع أحد حجم الانخفاض في الأسعار العالمية خلال الفترة المقبلة وأبسط مثال علي ذلك هو الانخفاض الحاد في أسعار البترول والذي فاق كل التوقعات، ولكن وفقاً لتقديراتنا فقد حدث انخفاض بحوالي 5% علي مستوي مبيعات السلع الاستهلاكية في الدول المتقدمة خلال الفترة الماضية، علاوة علي أن السلع الأرخص في السعر بدأت مبيعاتها في الزيادة، وبالنسبة لمصر فمن خلال دراستنا عن ال 6 أشهر الماضية لاحظنا أن المستهلكين المصريين اتجهو لشراء العبوات الأكبر في السلع الغذائية لانخفاض أسعارها، والواقع أن سوق السلع الغذائية من أكثر الأسواق حساسية خاصة في مصر لما يمثله من نسبة من الانفاق حيث إن متوسط إنفاق الأسرة المصرية شهرياً علي الغذاء 75 دولارا أي أكثر من 45% من إجمالي نفقاتهم، علاوة علي أن 15% فقط من المصريين وفقاً لدراساتنا يكون لديهم "كاش" إضافي في نهاية الشهر للإنفاق علي الاحتياجات غير الأساسية. ولكن يمكن القول إن الارتفاعات المجنونة التي حدثت في أسعار السلع قبل الأزمة المالية العالمية لن تتكرر. * ما أكثر السلع التي تتوقع تباطؤ مبيعاتها في الغرب مع التراجع الاقتصادي العالمي؟ ** أكثر السلع تأثرا عادة ما تكون السلع المعمرة والملابس وخدمات السياحة والترفيه تليها السلع الأساسية كالأغذية. السوق المصري * ما حجم التأثير الحالي والمتوقع للانخفاض العالمي في الأسعار علي الأسعار في السوق المصري؟ ** مما لا شك فيه أن السلع الأساسية كالسكر والملح والدقيق ستنخفض أسعارها، وبالنسبة للأسواق المصرية فهناك ظاهرة ملموسة وهي التوسع المطرد في حجم الأسواق وهو لم ينعكس علي انخفاض الأسعار لأن العرض كان دائماً أقل من الطلب إلي جانب عوامل النمو السكاني والنمو الاقتصادي الكبير الحادث في الفترة الماضية، ولكننا نتوقع إنه في ظل التنافسية القوية بين الشركات ورغبتها في الاحتفاظ بحصتها السوقية ستتم مراجعة أسعارها في الفترة المقبلة، هذا إلي جانب أن طبيعة السلعة نفسها تحكم مدي تأثرها بالانخفاضات العالمية، فبشكل عام أسعار الطاقة وتكلفة العمالة لم ينخفضا في مصر وهذا من أبرز العوامل المساهمة في تكلفة إنتاج مختلف السلع، ولكن سلعاً مثل منتجات العناية الشخصية مثل الصابون والشامبو والمكياج قد تتأثر أسعارها بانخفاض أسعار الزيوت العالمية علاوة علي حساسية طلب المستهلك لهذه السلع بينما سلع أخري مثل المربي قد لا تنخفض أسعارها لأن أسعار الفواكه في مصر والخارج لم تنخفض، ولكن بشكل عام التأثير العالمي سيظهر علي العديد من السلع التي تعتمد علي مكونات مستوردة من الخارج، ونستطيع أن نقول إننا سنضمن عدم تكرار الزيادات المجنونة في الأسعار التي شهدناها في الفترة الماضية. * هل هناك إشارات في السوق لهدوء الأسعار؟ ** في رمضان 2007 لاحظنا ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية من 22 إلي 25% مقارنة باسعار السنة الماضية بسبب زيادة الطلب في هذا الشهر، في رمضان هذا العام لاحظنا أن هذه السلع زادت بحد أقصي 15% مقارنة بأسعار 2007. * هل استطاعت أسواق "الهايبر ماركت" المساهمة في تخفيض الاسعار؟ ** في الواقع أن أسواق "الهايبر ماركت" تقدم عروضا خاصة لا تستطيع "البقالات الصغيرة" تقديمها ولديهم قدرة كبيرة علي تخفيض الاسعار في الفترة المقبلة، ولكن الهايبر والسوبر ماركت مازالا لا يمثلان محركا رئيسيا للسوق، فهم لا يمثلون إلا 12% من الأسواق في مصر حتي الآن مقارنة ب 48% في المملكة العربية السعودية و55% في الإمارات.. فالواقع أن السوق في مصر مازال سوق بقالات.. ولكن هناك نقطة أخري خرجنا بها في دراستنا عن السوق المصري أود أن أشير إليها وهي أن هناك بعض المستهلكين يحدث لديهم ولاء معين لهايبر ماركت واعتداوا أن يشتروا منه وهذا يشجع بعض المستهلكين علي الاستمرار في شراء احتياجاتهم من الهايبر ماركت. سلوك المستهلك * ولكن هل تعتقد أن تأثيرات التباطؤ الاقتصادي العالمي ستنعكس علي سلوك المستهلك المصري؟ ** هناك بعض المصريين تأثروا سلباً بالأزمة العالمية فهناك بعض الجهات لم تعد تقوم بتعيين العمالة بالمعدلات السابقة.. ومسألة البطالة من أهم العوامل التي تحدد قرار المستهلك المصري بالشراء.. فوفقا لآخر استطلاعاتنا لآراء المستهلكين عن ثقة المستهلكين في النصف الأول من العام الحالي قال 64% من المستهلكين إن البطالة تمثل عامل القلق الأكبر بالنسبة لهم و38% اختاروا التضخم، لذا فزيادة البطالة تلعب دورا مهما في تردد المستهلك في اتخاذ قرارات الشراء، ولكن المنتجين والتجار يستطيعون أن يلعبوا دورا مهما في تنشيط الأسواق خلال الفترة المقبلة إذا ما قاموا بتقديم عروض وتسهيلات للاستهلاك، وهذه هي نصيحتي للمستثمرين فعليهم أن يفهموا المستهلك ويكيفوا عروضهم وفقا لتغيرات السوق، وعلينا أن نثق في السوق المصري بغض النظر عن أي تطورات تحدث في الفترة المقبلة فمصر تتمتع بكثافة سكانية عالية وقوة استهلاكية كبيرة وهناك فرص كبيرة للتوسع في منافذ التوزيع المختلفة.