أكد محمد فريد خميس رئيس اتحاد غرف مجموعة ال 15 أن الانهيار المالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية يمكن أن يكون نقطة تحول نحو الاسوأ للعديد من البلدان النامية. وقال في كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاتحاد بنيودلهي إن العولمة بصورتها الراهنة تستبدل الديكتاتوريات القديمة للصفوة القومية بدكتاتوريات المالية الدولية.. وطالب خميس دول العالم الثالث بحماية نفسها من المضاربين القادمين من الخارج، وسوء تصرف الأسواق في الداخل. وأكد أن التنمية لا تتحقق بإملاءات خارجية، وأن البلدان النامية يجب أن تتولي صياغة مستقبلها بنفسها. وحول دور المجموعة قال خميس إن هناك الكثير من الحيرة والتساؤلات في الأوساط الاقتصادية عما يجري في الأسواق المالية العالمية الآن، ما أسبابه..؟ وما تداعياته..؟ وما هي طرق العلاج إن كانت متوافرة أصلاً..؟ بداية، فإن الأزمة ومحورها كانت في الولاياتالمتحدة التي تشهد أزمة مالية عنيفة، انتقلت عدواها إلي الأسواق المالية لمختلف الدول، وبات علاجها عسيراً، ولم تعد الأزمة الأمريكية الحالية جزئية تقتصر علي العقارات، بل أصبحت شاملة تؤثر مباشرة علي الاستهلاك الفردي، الذي يشكل ثلاثة أرباع الاقتصاد الأمريكي، وهو بالتالي الأساس الذي ترتكز عليه حسابات معدلات النمو ولقد انتقلت عدوي الأزمة الأمريكية إلي جميع أنحاء العالم، مع ملاحظة أن نسبة التراجع لم تكن علي وتيرة واحدة، وهبط المؤشر العام حتي في دول لا توجد فيها استثمارات أمريكية في البورصة، ولا تقتصر الأزمة في الولاياتالمتحدة علي قيم الأسهم بل تشمل الاقتصاد الحقيقي برمته. لقد أوصي النظام الرأسمالي العالمي والغربي علي وجه الخصوص ، دولنا بأقصي درجات التحرر المالي، وتحرير أسعار الصرف والتوسع في الائتمان، وفتح الأسواق، لتحقيق تدفق أكبر لرؤوس الأموال الأجنبية ومزيد من الاستقرار لاقتصاداتنا، ومع سنوات العولمة اشتدت الأزمة المالية شرقا وغرباً، وتسارعت وتيرتها بصورة لم يسبق لها مثيل. لا شك أن هناك حاجة إلي إجراء تغيرات في أيديولوجيات وهياكل المؤسسات العالمية المشكلة لمنظومة العولمة الحديثة، وعلي رأسها هيكل النظام المالي العالمي، والضوابط اللازمة لدعم أيديولوجية السوق الحرة من واقع علم الاقتصاد، مع رؤية أكثر توازناً لدور الحكومات، وتحليلات تنبع من فهم لحالات فشل كل من السوق والحكومة كما يجب أن يكون هناك إدراك أكبر لدور المؤسسات الاقتصادية العالمية، بحيث يدعم اتخاذ القرار بشكل ديمقراطي، بدلاً من تقويض الديموقراطية بفرض سياسات معينة علي بلدان لا تتفق ومصالحها وفي كثير من الأحيان تبدو العولمة كما قيل عنها، كأنها تستبدل الدكتاتوريات القديمة للصفوة القومية، بديكتاتوريات المالية الدولية ففي الواقع، يقال للبلدان إنها إن لم توافق علي كل الشروط، فإن أسواق رأس المال وصندوق النقد الدولي سترفض مدها بالقروض. وباختصار شديد، فقد بات من المحتم علي البلدان النامية أن تتحمل بنفسها مهمة تحقيق الخير لمواطنيها. إن دولنا تستطيع أن تعظم ثرواتها بالتعاون الفعال فيها بينها، وتطبيق لوائح وقوانين قوية تحمي بها نفسها من المضاربين القادمين من الخارج، أو من سوء تصرف الأسواق في الداخل. والأمر يحتاج إلي حكومات فعالة، وخطط تنموية طموح، وسلطة قضائية قوية ومستقلة، ونظام ديمقراطي، وانفتاح وشفافية، وتحرر من البيروقراطية التي خنقت فاعلية القطاع العام في ظل النظم الاشتراكية، والحرية المنفلتة التي تستطيع أن تخنق نمو القطاع الخاص في ظل النظم الرأسمالية إن الأمر يحتاج إلي سياسات نمو دائمة وعادلة وديموقراطية، وذلك هو مبرر وجود التنمية إن التنمية ليست مساعدة شريحة من الناس علي الثراء، ولا إقامة مجموعة من الصناعات التي تحظي بدعم لا يفيد سوي الصفوة في تلك البلدان، ولا تعني رعاية المدن وترك الفقراء في الريف في بؤسهم إن التنمية تعني تحديث المجتمعات وتحسين حياة الفقراء، ومنح كل مواطن فرص النجاح والحصول علي الرعاية الصحية والتعليم والتنافس العادل والحر علي فرص العمل. إن هذا النوع من التنمية لن يحدث إذا قامت قوي خارجية بإملاء السياسات التي يتعين علي بلد ما اتباعها، فالتأكيد علي الوصول إلي القرارات بشكل ديموقراطي يعني ضمان المشاركة في النقاش بفاعلية من قبل مجموعات واسعة من العلماء والمسئولين والخبراء والسياسيين إن البلدان النامية يجب أن تتولي مسئولية صياغة مستقبلها بنفسها، في إطار منظومة عالمية جديدة قوامها المشاركة والعدالة والنفع المتبادل للجميع.