انطلقت في العاصمة الماليزية، كوالالمبور، أمس اعمال الاجتماع الثالث عشر لاتحاد غرف التجارة والصناعة والخدمات لمجموعة الخمسة عشر G15 وقمة مجتمع الاعمال في بلدان المجموعة. افتتحت الاجتماع رفيدة عزيز وزير الصناعة والتجارة الدولية الماليزية وطالبت في كلمتها الافتتاحية بتقييم "انجازات" المجموعة منذ انشائها عام 1989 متسائلة عما اذا كانت هذه المجموعة مازالت صالحة للاستمرار بشكلها ا لحالي. وسيطرت نزعة النقد الذاتي علي وقائع الافتتاح وجلسات اليوم الأول فقالت الوزيرة "رفيدة" انه يجب تحديد نقاط ضعف المجموعة واعادة هيكلتها من خلال التزام "أكبر وآليات افضل ملائمة لتحقيق الاهداف المنشودة. وتحدث هاريونو ايدرياتو نائب رئيس الاتحاد "عن آسيا" عن ان مجتمع الأعمال في المجموعة يتساءل عما فعلته هذه المنظمة لهم خلال عمرها الذي وصل إلي 17 عاما، مضيفاً ان محدودية ما تحقق تتطلب عملا كبيرا. كما أكد محمد فريد خميس رئيس الاتحاد في ا لورقة التي تم توزيعها في الاجتماع الحاجة إلي معرفة امكانيات بلدان الجنوب كشرط مسبق لتعزيز العلاقات الاقتصادية فيما بينها متسائلا "كيف يتأتي أن نشتري بضائع من دول الشمال بينما نفس هذه البضائع متوافرة في بلدان الجنوب ربما بأسعار وشروط أفضل"؟! بينما أوضح السفير منير زهران مستشار الاتحاد أن مجموعة ال 15 تواجه ضغوطا هائلة من الدول المتقدمة التي تحاول فرض اجندتها علي الدول النامية وحذر من مساعي هذه الدول لفرض تحرير التجارة في المنتجات غير الزراعية، والردة الصناعية التي ستؤدي إلي اغلاق العديد من المصانع في البلدان النامية نتيجة اعتماد بعض الصياغات التي تطرحها الدول المتقدمة، وهو ما يتطلب حماية الصناعات الوليدة في الدول النامية حتي تستطيع البقاء والمنافسة علي غرار ما قامت به الدول الصناعية في الماضي. وانتقد موقف الدول المتقدمة في البطء في الغاء الدعم علي الصادرات الزراعية وتأجيله حتي عام 2013 الأمر الذي سوف يسفر عن خسائر فادحة بالنسبة لحصيلة صادرات الدول النامية المصدرة للمنتجات الزراعية. وبالنتيجة فان مجموعة ال 15 والدول النامية عموما واقعة تحت ضغوط فادحة من جراء العولمة وتهميش الدول النامية في النظام التجاري الدولي وعدم تنفيذ اجندة التنمية وفرض أجندة جديدة من الدول المتقدمة علي جدول أعمال منظمة التجارة العالمية، وتضاعف التدفق العكسي للموارد المالية من الدول النامية إلي الدول المتقدمة حتي وصل إلي 432 مليار دولار في عام ،2005 بينما لم تقم الدول المتقدمة بزيادة مساعدتها الرسمية للتنمية إلا بزيادة طفيفة بمبلغ 25 مليار دولار يتم تنفيذها عام 2010 مما ينعكس سلبا علي تنفيذ الاهداف الانمائية للألفية، ومنها خفض نسبة الفقر المدقع الي النصف مع حلول عام 2015 وغيرها من الأهداف فضلا من ضغوط الدول المتقدمة لالغاء عدد من المحافل الدولية التي تساعد الدول النامية مثل "الانكتاد" و"اليونيدو" وتراجع الدول المتقدمة عما سبق الاتفاق عليه من احكام بهذا الشأن مثل الاحتفاظ ب "مجال وطني" Poilicy Space لتنفيذ الأجندة التنموية في البلدان النامية بالتوازن مع فرض القواعد الدولية متعددة الاطراف علي غرار ما سبق الاتفاق عليه في المؤتمر الحادي عشر للتجارة والتنمية الذي عقد في ساو باولو عام 2004. ورداً علي ما يطرحه هذا الوضع الحرج من تساؤلات حول جدارة مجموعة ال 15 للبقاء في ظل مثل هذه الظروف الصعبة قال الدكتور وجيه دكروري الأمين العام للاتحاد إن هذه المجموعة التي تشكل ربع العالم العربي، ممثلا في مصر، وسدس سكان العالم، ممثلاً في الهند، وأكثر من نصف سكان الأمريكيتين، وتنتج ست دول منها معظم البترول الذي يمثل المحرك الرئيسي للصناعة والحضارة العالمية.. كل هذه العوامل تجعل مجموعة ال 10 مؤهلة لأن تلعب دوراً مهما لتجاوز التحديات التي فرضتها العولمة ونظام القطب الواحد. لذلك أصبح من الضروري علي القطاع الخاص في دول المجموعة ان يدير حوارا جادا مع الحكومات بدلا من إلقاء اللوم من كل علي الآخر، وتوحيد الجهود من خلال إعطاء دور أكبر للجانب الاقتصادي لمجموعة ال 10. وحول ما إذا كانت نغمة النقد الذاتي التي سادت اجتماعات وجلسات اليوم الأول تعبر عن رغبة في احياء مجموعة ال ،15 أم انها "تأبين" لها، قال دكروري هذا نقد ذاتي بهدف إعادة بث روح النشاط علي الرغم من العوائق الموجودة، وعدم الاستسلام لما يمليه النظام العالمي الجديد وبما يسعي إليه من محاولات لإحباط أي تجمعات دولية مناوئة له. لذلك فإن التوجه لذي يشهده المؤتمر الحالي يركز علي إعادة احياء دور القطاع الخاص ممثلا في اتحاد الغرف في دول المجموعة، وإعادة هيكلة هذا الاتحاد بشكل أوسع، وبحيث يضم أكبر قدر ممكن من الاتحادات للدول الأعضاء، وان ترعي الدول وحكوماتها أنشطة هذا الاتحاد لكن هل ينجح القطاع الخاص في بلدان المجموعة عما فشلت فيه حكوماتها حتي انها أخفقت في عقد اجتماعاتها، المقررة علي مستوي القمة منذ ثلاث سنوات؟ الاجابة علي لسان الامين العام للاتحاد هي: نعم.. والدليل علي ذلك انه علي الرغم من توقف عمل القمة منذ ثلاث سنوات استطاع اتحاد الغرف بالمجموعة وبقرار من القطاع الخاص الاستمرار في عقد مؤتمراته السنوية، وتوصل إلي باكورة مشروعات مهمة، منها ما يتم اعلانه اليوم عن انشاء أكبر شبكة دولية للقطاع الخاص لدول المجموعة تمثل سوقا الكترونية واسعة مصممة بخبرات ماليزية علي أعلي مستوي ويوجد عليها اليوم أكثر من 1500 شركة مصرية، ومن المنتظر ان تبدأ شركات ماليزيا واندونيسيا والهند في وضع شركاتها ومنتجاتها، ثم يبدأ بعد ذلك قريبا تبادل المعلومات وعقد الصفقات علي أحدث الطرق الالكترونية، وهو مؤشر مهم يؤكد ان القطاع الخاص قادر علي ادارة مشروعات مشتركة ناجحة.