تدهور في الاَونة الأخيرة قيمة الاستثمارات الهائلة التي ضختها صناديق الثروة السيادية في بنوك غربية مفلسة بعد مرور عام علي أزمة الائتمان العالمية.. واسترعت صناديق الثروة المملوكة لدول تدير موجودات بنحو 3 تريليونات دولار انتباه أسواق المال العالمية منذ العام الماضي عندما حلت محل صناديق التحوط والتملك الخاص لتصبح المحرك الرئيسي للاستحواذ علي الشركات. ومنذ عام 2007 أنفقت صناديق سيادية معظمها من اقتصادات صاعدة تمتلك احتياطيات فائضة نحو 80 مليار دولار لشراء حصص في بنوك رئيسية بحاجة للسيولة بعد خسائر في رهون عقارية أمريكية عالية المخاطر.. ويبدو أن قدوم الصناديق السيادية لم يكن كافيا لوقف استفحال الأزمة، فقد واصلت أسهم البنوك تراجعها وانخفضت قيمة بعض الأسهم. ومعظم صناديق الثروة السيادية غير مضطرة لإعلان خسائرها أولا بأول ويري البعض أنها تستطيع تحمل خسائر مؤقتة وتجاوز تحولات نزولية سعيا وراء عائدات طويلة الأجل.. ورغم استبعاد تصفية هذه الصناديق استثمارات باشرتها بالفعل فإن لجوءها مجددا لاقتناص صفقات عالية المخاطر قد يكون أقل مما مضي. وقال المدير المساعد لدي ستاندارد اند بورز بن فوكس إن فرصة القيام باستثمارات واسعة النطاق في بنوك استثمار غربية لا تتاح كثيرا، وهي فرصة نادرة لا يمكن رفضها، وأردف أن صناديق الثروة لديها تفويض لكسب المال لا ضخه في مشاريع مصيرها الانهيار فهي ليست جمعيات خيرية ولن تقوم باستثمارات ما لم تر إمكان جني أرباح. وفي مؤشر علي القلق من الخسائر باستثمارات صناديق الثروة السيادية قال الصندوق المملوك للدولة في كوريا الجنوبية إنه تكبد خسارة 800 مليون دولار قبل أن يحول الأسبوع الماضي أسهما ممتازة في ميريل لينش إلي أسهم عادية وذلك قبل الموعد المحدد بأكثر من عامين. وبموجب الاتفاق الأصلي كان من المقرر أن تحول مؤسسة الاستثمار الكورية حيازتها إلي أسهم عادية في منتصف أكتوبر ،2010 لكن الصندوق واجه انتقادات كبيرة بعدما هوي سعر سهم ميريل أكثر من 50% هذا العام. وفي مواجهة خسائر هائلة بقيمة استثمارات في ميريل أيضا فاوض صندوق الثروة السنغاوري تيماسيك علي رد ما قيمته 5.2 مليار دولار من أسهم اشتراها بقيمة 4.4 مليار دولار بعدما دبر بنك الاستثمار الأمريكي سيولة جديدة في يولية.. وأصبح تحول صناديق الثروة من الولاياتالمتحدة وسائر الدول المتقدمة إلي الاقتصادات الصاعدة اتجاها عاما رئيسيا، خاصة أن أداء الأسواق الصاعدة أفضل من العالم المتقدم. وبما أن صناديق الثروة السيادية تحصل أساسا علي رأسمالها الأولي من فائض التجارة مع اقتصادات متقدمة فإن إعادة تدوير تلك الأموال في الغرب يتناقض مع هدف تنويع مصادر الدخل للأجيال القادمة.. ونبه تحليل للبنك المركزي الأوروبي من خروج رؤوس الأموال من الغرب إذا عمدت صناديق الثروة السيادية للاقتصادات الصاعدة إلي تخصيص المحافظ علي أساس يعتمد العائد المالي فإنها ستؤدي لخروج 530 مليار دولار من رؤوس الأموال الموجودة في الولاياتالمتحدة، و230 مليار دولار من منطقة اليورو. وقال البنك في تقريره لشهر يولية إن صافي التدفقات الرأسمالية للدول المتقدمة يظهر أن رأس المال سيتدفق من الدول المتقدمة إلي الصاعدة والنامية، فالبلدان المصدرة للبترول تريد استخدام أصول صناديق الثروة السيادية للتحوط من تقلبات سعر البترول وهو ما يفرض حسب نظرية محفظة الاستثمار الأساسية تخفيف صناديق الثروة السيادية من الأصول ذات الارتباط القوي بأسعار البترول.