تتمتع مصر وليبيا بعلاقات متميزة وقوية علي الصعيد السياسي ويظهر ذلك جلياً من خلال التنسيق المستمر في المواقف السياسية للبلدين واللقاءات المشتركة التي تتكرر كل فترة بين الرئيس مبارك والعقيد معمر القذافي. ورغم ذلك فإن العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري لا تتمتع بنفس القدر من التميز حيث تشير الأرقام إلي أن حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين البلدين ضعيفة للغاية فحجم الاستثمارات الليبية في مصر يقدر ب 2 مليار دولار مما يجعلها من أقل الاستثمارات العربية المتواجدة في مصر كما أن حجم التبادل التجاري يقدر ب 450 مليون دولار فقط! ولهذا شهدنا تحركا حكوميا بدأ مؤخرا من خلال زيارة الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار يرافقه عدد من رجال الأعمال ومسئولي الاستثمار إلي طرابلس لبحث كيفية ترويج الاستثمارات المشتركة بين البلدين. ورغم أن هذا التحرك لا يعد هو الأول من نوعه حيث سبقته محاولات أخري لتنشيط العلاقات الاقتصادية المشتركة إلا أن تلك الزيارة تتعلق عليها آمال كبيرة في أن تقوم بتحريك المياه الراكدة في العلاقات المشتركة. ولهذا فقد حاولنا أن نتعرف علي ابعاد تلك الزيارة والمطلوب لتنشيط العلاقات المشتركة من خلال التحقيق التالي. الدكتور محمود محيي الدين "وزير الاستثمار" يوضح أن لقاءه بكبار المسئولين الليبيين يأتي استجابة للمشاورات التي أجراها الرئيس محمد حسني مبارك مع الأخ العقيد معمر القذافي وتفعيلا لما تم الاتفاق عليه في إطار اجتماعات اللجنة المصرية الليبية. وأضاف الوزير أن الجانب الليبي وعد بإقامة مشروعات استثمارية في مصر بما قيمته 10 مليارات دولار خلال عامين لتضاف إلي ما هو قائم من استثمارات ليبية في مصر حاليا حيث تعد ليبيا من أكثر 10 دول مستثمرة في مصر في مجالات الصناعة والخدمات والبنوك. وأضاف وزير الاستثمار أنه سيتم الترخيص لشركة مصر للتأمين للعمل في ليبيا قبل احتفالات الفاتح من سبتمبر المقبل، لافتا إلي التعاون الفني مع الجانب الليبي بين الشركات العاملة في سوق رأس المال للتعريف بفرص الاستثمار في البورصة المصرية وعرض التطورات التي حدثت في سوق الأوراق المالية المصري. وأشار محيي الدين إلي أنه تم أيضا مناقشة إمكانية مساهمة الجانب الليبي في مشروعات سياحية في مصر خاصة في منطقة الساحل الشمالي والبحر الأحمر وستقوم الشركة القابضة للسياحة بالترويج لهذه المشروعات. كما أوضح انه قد تم الاتفاق علي الإسراع في إقامة المنطقة الحرة الحدودية المشتركة بين مصر وليبيا والتي من المقرر أن تقام بها مشروعات صناعية وتخزينية وتجارية وسياحية، وتم بحث إزالة العقبات الجمركية بين البلدين وإصدار شهادات المطابقة للسلع المصنوعة في البلدين، ومن المقرر أن يزور وفد ليبي القاهرة منتصف أغسطس الحالي للاتفاق علي الخطوات التنفيذية لإقامة هذه المنطقة. تبادل دون المستوي يري المهندس نبيل فريد حسانين "رئيس الاتحادات العربية للمجالس الاقتصادية المتخصصة وعضو مجلس الأعمال المصري الليبي الأسبق" أن حجم التبادل التجاري بين مصر وليبيا لايزال دون المستوي رغم أن ليبيا تقوم بالاستيراد من الخارج بما قيمته 9 مليارات دولار إلا أن حجم تجارتها مع مصر لا يزيد علي 300 مليون دولار فقط!! فهي تعتمد في استيرادها علي المنتجات الإيطالية التي تشكل 80% من حجم تجارتها. ويتعجب حسانين من هذا الأمر مؤكدا أنه يأتي برغم الجهود الكثيرة التي قام بها رجال الأعمال والمسئولون لتنشيط العلاقات المشتركة، فقد تم تنظيم العديد من الزيارات إلي ليبيا ومنها الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء ورافقه فيها عدد من رجال الأعمال لبحث تنشيط التبادل المشترك. كما يشير إلي أن الأمر الغريب هو أن أقرب الدول لنا وهي ليبيا والسودان تقومان بوضع العراقيل أمام المنتجات المصرية في حين تقدما تسهيلات لغيرها من المنتجات الأخري. فالسودان مثلا تضع جمارك علي المنتجات المصرية ولا تطبق ذلك الأمر علي أي منتجات أخري مستوردة من أي دولة في العالم كله. وتعتمد ليبيا علي الاستيراد من إيطاليا حتي ان بعض المنتجات تقوم إيطاليا باستيرادها من مصر ثم تعيد تصديرها إلي ليبيا وهي تحمل الماركة الإيطالية، ويرجع حسانين أسباب ذلك إلي التشويه الذي يلحق بالمنتجات المصرية في الأسواق الليبية، مشيرا إلي أن كم التشهير بالمنتج المصري في الإعلام أصبح أمرا ملفتا للانتباه.. فالإعلام دائما يردد أن المنتج المصري ليس جيدا وبالتالي فهو يسيء لسمعته في الخارج، ولهذا فإن أي ترويج للإنتاج المصري يجعل المستثمرين يصطدمون برفض بعض الدول التي ترسخ لديها مفهوم سلبي عن المنتجات المصرية. ويضيف حسانين أن تواجده بالسوق الليبي يشكل حجما ضعيف جدا من صادراته فهو يصدر لهذا السوق ب 100 ألف دولار فقط!!