يشهد سوق السيارات الحديثة في مصر هذه الايام رواجا كبيرا رغم زيادة اسعار البنزين، وأرجع خبراء هذه الانتعاشة في سوق السيارات الي اقتراب موسم عودة المصريين العاملين بالخارج وبدء موسم السياحة العربية اضافة الي التسهيلات التي تقدمها البنوك في شكل قروض لتمويل شراء السيارات وبدون ضمانات. الانتعاش الذي يشهده السوق يعود الي اقبال كثير من المكاتب علي شراء السيارات الحديثة بغرض تأجيرها للسائحين والعرب، حتي ان البعض اتخذ من تأجير السيارات للعرب "بيزنس" جديدا وسهلا.. وبحسب احصاءات غير رسمية فإن عدد هذه المكاتب في القاهرة الكبري وحدها يصل الي اكثر من ألف مكتب وشركة، فالسيارة اللانسر يتم تأجيرها ب 3500 جنيه شهريا والهيونداي 2000 جنيه شهريا ومع بدء موسم السياحة العربية يتم ايجار هذه السيارات باليوم وبمبالغ طائلة. ويذكر الخبراء ان عدد السيارات في مصر ازداد خلال 2007 الي 4.1 مليون سيارة مقابل 3.8 مليون سيارة في 2006 بنسبة زيادة 7.9% وارتفاع المبيعات في 2007 الي 227.8 ألف سيارة مقابل 171.8 ألف سيارة في ،2006 ناهيك عن ملايين السيارات المستعملة الاخري التي تملأ الشارع المصري. ويؤكد احمد حسين الهامي مدير قروض السيارات بأحد البنوك الخاصة بمصر ان تأجير السيارات في مصر يعتبر تجارة رابحة.. وعن السيارات الحديثة الاكثر طلبا بالسوق المصري يقول الهامي: السيارات ذات المواصفات الخليجية وخاصة الكويتية هي اكثر الموديلات رواجا لوجود العديد من الكماليات بهما كفتحات السقف وأنوار الزينون، بالاضافة الي جودة صناعتها. وتعد اللانسر والمازدا من أكثر السيارات الخليجية مبيعا تليها الشيفروليه آفيو التي حققت مبيعات كبيرة العام الماضي في أول انتاج محلي لها. ويفضل الشباب الشكل الانسيابي للسيارة مع السرعة والاتزان، لذلك يقبلون علي شراء السيارات الالمانية "جيتا - الباسات - الاوكتافيا". وتبدأ اسعار السيارات الالماني عدا المرسيدس وبي ام دبليو من 190 ألف جنيه حتي 300 ألف، ولاتزال الهيونداي واللانسر واللانوس تسجل أعلي المبيعات حيث اكتسبت هذه الماركات ثقة المستهلك، بالاضافة الي توافر قطع غيارها بأسعار مناسبة. وعلي الرغم من اقبال الشباب علي الشكل الانسيابي فان السيارة فيات 128 لاتزال تجد اقبالا عليها من الفئات الاكبر سنا ويزداد الطلب عليها بل تباع ايضا في السوق السوداء نظرا لشدة الاقبال عليها وصعوبة ايجاد فرصة لحجزها ويصل سعرها في السوق السوداء الي 46 ألف جنيه ويقل الاقبال علي البيجو والفورد والرينو لارتفاع اسعار قطع الغيار وصعوبة اصلاحها. أما السيارات الصينية فلم يحالفها الحظ في مصر عدا بعض الانواع "الاسبرانزا" وتبدأ اسعارها من 56 ألف جنيه الي 108 آلاف. وعلي الرغم من ذلك فالكثير من المصرفيين وخبراء الاقتصاد يبدون تحفظا علي التوسع في مجال قروض السيارات حيث يقولون ان التوسع الجاري من جانب البنوك في تمويل قروض السيارات امر خاطئ بسبب وجود أزمات اقتصادية مما يؤثر سلبا علي دخل المستهلك ويضطره للتوقف عن سداد ديونه، الامر الذي يوقع البنوك في مشكلة كبيرة. ويقول احمد سليم الخبير المصرفي انه يجب علي البنوك عند وجود أزمات اقتصادية عدم التوسع في الائتمان لانه لا يمثل اضافة قوية للاقتصاد القومي وانما عليها تشجيع القطاع الخاص لانشاء شركات جديدة ومساعدته للخروج من الأزمات حيث ان منح قروض السيارات بنسب عالية يشكل خطورة علي البنوك وينذر بحدوث أزمة مثل أزمة الرهن العقاري الامريكية التي حدثت مؤخرا كما ان علي البنوك ان تأخذ حذرها تجاه أية أزمة طارئة. وأضاف انه لابد للبنوك ان تدخل في معترك الاقراض الجاد والجريء لانقاذ الاقتصاد القومي من الركود بضخ أموال جديدة في مسارات الاقتصاد المختلفة ولا تستسهل في قروض التجزئة المصرفية وعلي رأسها قروض تمويل السيارات، مشيرا الي ان البنوك تتهافت علي التجزئة المصرفية لان خسائرها منها لا تتجاوز ال 1% من الخسائر التي تتكبدها من التسهيلات الائتمانية. ومن جانبه، اكد محمد يوسف الخبير المصرفي ان قروض السيارات انتشرت في الفترة الاخيرة بشكل يمثل خطورة كبيرة علي الاقتصاد القومي من خلال توظيف اموال البنوك في منح قروض بلا ضمانات كافية والعزوف عن تمويل مشروعات قومية ونهضوية. وأوضح يوسف ان الخطورة الكبيرة تكمن في احتمال حدوث أزمة تشبه تلك التي حدثت مع بنك ناصر الاجتماعي في السبعينيات من القرن الماضي حينما منح قروضا لتمويل سيارات التاكسي وتعثر العملاء عن السداد واضطروا لترك سياراتهم امام مقر البنك في ميدان عابدين واضطر البنك لبيعها بالمزاد بسعر زهيد لكي يحصل علي جزء من أمواله المهدرة، مما مثل خسارة كبيرة له.