في حالة التضخم دائما تسعي السياسة النقدية الي الحد من الانفاق كوسيلة للحد من ارتفاع الاسعار وعلي هذا الاساس يقوم البنك المركزي بالتقليل من حجم الائتمان المصرفي وبالتالي يلجأ الي سياسة رفع سعر الفائدة التي يمكن ان يتقاضاها من البنوك التي بدورها ترفع سعر الفائدة التي تتقاضاها من عملائها مقابل القروض. واتجاه سعر الفائدة للارتفاع سيقلل من الاقبال علي الاقتراض مما قد يساعد في الحد من التضخم والعكس تماما في حالة الكساد اذ تخفض الفائدة مما يؤدي الي التشجيع علي الاقبال علي الاقتراض من البنوك وتمويل عمليات الاستثمار. وحينما قرر المركزي مؤخرا زيادة سعري الفائدة علي الاقراض والايداع بواقع نصف نقطة مئوية ليصبح سعر الايداع 10.5% والاقراض 12.5% ليعد بذلك المرة الثالثة علي التوالي التي يتم فيها رفع سعر الفائدة لمواجهة تزايد معدلات التضخم. واذا كان الهدف من هذه السياسة هو ايقاف التضخم وسحب جزء من السيولة في السوق واعاقة عملية الاقتراض الا ان بعض خبراء الاقتصاد يعتبرون ان ذلك يضر الاستثمار في العديد من القطاعات خاصة المجالات التي تعتمد علي قروض قصيرة الاجل وفي مقدمتها السياحة والعقارات واذا كان ذلك رؤية الخبراء فإن الابحاث العلمية تشير الي ان رفع سعر الفائدة يضر كثيرا من مجالات الاستثمار المهمة خاصة في الدول النامية مثل الامن الغذائي، المسكن، الصناعات الضرورية، وبالتالي فانه لابد من استخدام سياسة التميز بين اسعار الفائدة حسب نوع الاستثمار. ورغم تباين الآراء حول تأثير رفع سعر الفائدة ومساهمته في تباطؤ الاستثمار ومعدلات النمو في بعض القطاعات الا انه كان هناك اتفاق بين المصرفيين علي أن التأثير علي الاستثمار نظريا وليس عمليا. المشروعات قصيرة الأجل علينا طرح السؤال: لماذا يتجه البنك المركزي الي رفع سعر الفائدة هكذا؟ بدأ الدكتور رشاد عبده الخبير المصرفي وقال في اجابته ان معدلات التضخم زادت في الفترة الاخيرة الي مستويات كبيرة وهو ما اضطر البنك المركزي الي رفع اسعار الفائدة اكثر من مرة في فترة وجيزة بهدف سحب السيولة من السوق للسيطرة علي ارتفاع الاسعار. واذا كان معدل التضخم في المجتمع أعلي من سعر الفائدة فان الادخار هنا يكون بالسالب ولذلك حتي يتسم هذا الادخار بالايجابية لابد ان يكون سعر الفائدة هو الاعلي. والخلاصة من ذلك -علي حد قوله- أن التأثير علي الاستثمار يطول المشروعات التي تعتمد في تمويلها علي قروض قصيرة الاجل كما ان التأثير هنا يكون نظريا فقط وليس عمليا، هذا بالاضافة الي ان المستثمر الجاد الذي يسعي للاستثمار الحقيقي لا يعبأ كثيرا من رفع سعر الفائدة لانه ينظر اليها كجزء صغير جدا من عوامل عديدة أهمها تكلفة المشروع من حيث ما يتطلبه من ادوات مختلفة. ومن هنا يضع المستثمر في اعتباره تعويض ذلك برفع هامش الربح لتعويض التكلفة الانتاجية التي تكبدها. وعلي حد تعبير الدكتور سلامة الخولي الخبير المصرفي فإن البنك المركزي اتجه الي رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم الذي وصل لأكثر من 19.7% خلال مايو الماضي وذلك حينما تزيد القوة الشرائية وان تعديلات القرارات الادارية اثر زيادة اسعار الغذاء عالميا تظل متوقعة الشهور المقبلة. وقال ان البنك المركزي في الاشراف والتحكم في الائتمان يستخدم العديد من الوسائل والاساليب المختلفة سواء في حالة التضخم او الكساد وما اذا تم النظر الي التأثير فإن تمويل النشاط الجاري في الشركات بهدف اجراء توسعات او اضافة خطوط جديدة من شأنها ايجاد فرص عمل هو الذي سوف يتأثر بشكل أكبر اما في حالة الاستثمار طويل الاجل الذي يقوم علي الصناعات الكثيفة فإن البنوك القائمة بالتمويل لا تضع في الاعتبار سعر الفائدة لانها تدخل كشريك ويكون لها في الارباح. وعلي حد قوله، فإن القطاعات الاكثر تضررا هو قطاع السياحة حيث ان هذا المجال يعتمد علي القروض قصيرة الاجل وهذا القطاع متقلب الاحوال وغير مستقر فإذا حدث أي اضطراب في القطاع فسينعكس بالسلب عليه خاصة في ظل عدم قدرة صاحب المشروع علي سداد الاموال التي قام باقتراضها نتيجة ظروف طارئة لا دخل لاحد فيها. حسب الاستثمار وقال الدكتور احمد عبدالحافظ الخبير الاقتصادي والمصرفي ان البنك المركزي عندما يرغب في تحديد الائتمان المصرفي وتضييق سوق الائتمان كما هو الحال في حالة التضخم فإنه يستطيع رفع نسبة الاحتياطي القانوني ليقلل من حجم الائتمان فإذا رفع البنك نسبة الاحتياطي الي 25% مثلا فإن قدرة البنوك التجارية علي مباشرة أعمالها ستقل مما سيترتب معه خفض حجم القروض والاستثمارات ونقص حجم الودائع الائتمانية في النظام المصرفي.