أخيرا قرر أغني رجل في العالم ان ينسحب من امبراطوريته التي شيدها في ثلاثين عاما ويتفرغ لاعمال الخير.. هذا هو القرار الذي اتخذه بيل جيتس ليترك مايكروسوفت مؤسسته العريقة التي انشأها في عام 1975 ويذهب إلي فقراء العالم في الدول النامية.. كان جيتس قد تبرع منذ سنوات قليلة بمبلغ ثلاثة مليارات دولار انشأ بها صندوقا لاعمال الخير وقاد حملة دولية واسعة من اجل فقراء العالم.. وقد جمع جيتس هذه الثروة الضخمة كأغني رجل في العالم من خلال مشوار علمي طويل في البرمجيات خاض معركة كبيرة مع الرئيس الامريكي بيل كلينتون حول احتكارات شركة مايكروسوفت.. ولا شك ان مشوار جيتس في مجال التكنولوجيا المتقدمة يعتبر نموذجا فريدا في النجاح الذي تتوج بهذه الثروة الضخمة.. وفي العام الماضي قرر جيتس ان يترك الإدارة في الشركة الضخمة ويتفرغ لاعمال الخير علي مستوي العالم.. وهذا النموذج في التفكير والسلوك ينبغي ان يكون دليلا لرجال الاعمال والأثرياء في العالم. ان القضية التي ينبغي ان تحكم فكر رجل الاعمال ليست فقط جمع المزيد من الاموال ولكن القضية كيف يشارك الانسان في صنع مجتمعات أفضل.. ليس المهم ان يبني الانسان قصرا جميلا وسط مساحات شاسعة من الفقر والخراب.. ان السعادة عمل جماعي ولا يمكن ان تكون عملا فرديا.. ولهذا فإن موقف جيتس الذي ترك الإدارة والثروة لكي يواجه مشاكل الفقر والجوع في العالم.. هذا الموقف يمثل سلوكا حضاريا وانسانيا رفيعا.. إذا كان قد حقق لنفسه كل هذه الثروة فيجب ان يتجه شيء منها لمواجهة مشاكل الآخرين.. ولكن المشكلة الاساسية ان الكثير من اصحاب الثروات الضخمة لا يفكرون بهذا الاسلوب انهم يريدون المزيد من المال حتي لوكان ذلك علي حساب فقراء هذا العالم.. ان الاحتكارات الضخمة والمضاربات في اسعار الغذاء وغياب العدالة في توزيع الثروة، كل هذه الامراض لن يواجهها إلا اشخاص امثال جيتس الذي ضرب مثلا في البحث عن وسائل أفضل لمجتمعات اكثر عدالة واكثر رخاء.