لا أعرف لماذا ترسخ لدي اعتقاد بأن ما يحدث في محور 26 يوليو الواصل الآن بين محافظتي الجيزة و6 أكتوبر، لاحظ التفاصيل الجديدة، هو نموذج مجسد لما يحدث في مجمل حياتنا العامة. بدأ المحور بفكرة عظيمة لاقت قبولا من الجميع - طريق جديد - لاحظ الرمز يصل بنا بشكل سريع، وآمن الي منطقة 6 أكتوبر ذات المستقبل الواعد. وكان البديل السابق هو المرور بشارع فيصل، أو شارع الهرم، وهو ما كان يستغرق نتيجة الزحام الهائل وقتا وجهدا طويلين، لاحظ ان الدنيا كانت أيامها اقل ازدحاما بكثير، وأرخص بكثير. لذلك جاءت فكرة المحور لتعبر عن التطلع الي المستقبل، والقدرة علي الوصول، حتي الاسكندرية، بوابة العالم الآخر عبر المتوسط. وفي حالة عمل سريع - تم الانتهاء من المحور في أزمان قياسية وهو ما اعتبر وقتها انجازا غير مسبوق بكل المعايير هللنا وصفقنا له، ومازالت حتي بقايا لافتة مكتوبة علي جسر في مدخل المحور من ناحية 6 أكتوبر تشير الي شركة النصر العامة للمقاولات ووزارة الاسكان والقاهرة، قطاع تعمير القاهرة الكبري. هايل.. برافو، أهو كده الشغل واللا بلاش، ثم بدأت الحوادث تتري وتتعاقب، وبدأت الأرواح تزهق واحدة تلو الاخري، واصبح شهداء المحور مماثلين في العدد لشهداء بعض الحروب، وتراقصت السيارات وتقافزت فوق أسفلت المحور الذي قيل لنا انه متهاو. يا حلاوة.. كله طلع غير صحيح وغير سليم، واكتشفنا ان الطريق لم يجر العمل به بالطرق الهندسية السليمة، وانه غير صالح للاستمرار بهذا الشكل. وجاءت ادارة جديدة قالت وفي صوت عال لابد من الاصلاح وقلنا لها نعم، نحن معك، فلننس مافات ونتطلع الي المستقبل، وبدأ العمل من جديد لاصلاح ما افسده الدهر، والادارة السابقة، وقلنا لهم مستعدين لتحمل كل المشاق، ولكن قولوا لنا المدة الزمنية اللازمة للانتهاء. تأخر العمل في البداية، ثم تأخر مرة أخري لانهم اكتشفوا فجأة، لاحظ اكتشفوا فجأة هذه، ان المسألة أسوأ بكثير مما توقعوا وان العمل ليس مجرد اصلاح، وانما شبه اعادة بناء. ماشي ايها السادة الباشمهندزين، متي سينتهي العمل، اشركونا معكم، قولوا لنا، ماذا يحدث، فنحن نتحمل كل المعاناة، ونحن الناس هدف العمل، فلا تتعاملوا معنا باعتبار انكم تعرفون نيابة عنا وتتصرفون نيابة عنا، وتأخذون القرارات نيابة عنا، أرجوكم ادفعونا لأن نكون جزءا من الحل، بدلا من الشكوي من كوننا المشكلة. وبعد مناهدة، وضعت لافتة صغيرة في نهاية العمل، تكاد لا تري بالعين المجردة، تحدد بشكل تنازلي موعد انتهاء العمل رغم انه كان يتوجب ان تكون هذه اللافتة في كل مكان، وبشكل واضح، وفخور بالعمل الذي يتم انجازه وهو بالفعل ممتاز بكل المقاييس الظاهرة لنا علي الاقل، ولكنها الفرعنة المصرية التي تأبي إلا ان تأمر فتطاع ناسين أو متناسين اننا في عصر غير العصر، وزمن غير الزمن. واخيرا، وحتي هذه اللافتة الصغيرة بحثت عنها مؤخرا لأفاجأ انها مقلوبة علي وجهها، كما لو كانت ذنبا نخجل منه. ياسادة اشراك الناس فيما يحدث، والتكلم معهم، وايضاح الامور لهم، والاستماع اليهم ليس ذنبا، بل شرف وواجب. هل لاحظتم ان ما يحدث في المحور هو نموذج لما يحدث في حياتنا. أشكركم علي قوة الملاحظة. كلمة ونص أرجو ممن يستطيع أن يساعدني في التغلب علي مخاوفي المستمرة الآن ابلاغ عناصر حزب الله ان شارع بيروت يقع في مصر الجديدة وليس في الجمهورية اللبنانية، حتي لا يفكر احدهم في السيطرة عليه من باب الاحتياط.