ما إن وطئت أقدام بعثة طرق الأبواب العاصمة الأمريكيةواشنطن، حتي طالعتهم صحيفة النيويورك تايمز بصفحة كاملة وصورة ضخمة عن إضرابات المحلة.. الموضوع ذكر حالات الشغب في المحلة وإضراب العمال وأرفق صوراً للحرائق والتخريب.. وعرف أعضاء البعثة جميعاً أن ملفاً جديداً ضم إلي ملفاتهم: الغلاء، الإضراب، آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. وللعام 27 الآن، يسافر قرابة 35 من رجال وسيدات الأعمال من أعضاء غرفة التجارة الأمريكيةبالقاهرة سنوياً إلي واشنطن لما يعرف ببعثة "طرق الأبواب". وهو تقريبا فريق "اللوبي" الوحيد من النظام الخاص بالمفهوم المتعارف عليه لجماعات الضغط يحمل ملفات القطاع الخاص لأنه يمثل شركات لها مصالح مع أمريكا إضافة إلي الملفات التي تخدم الشأن المصري في مجمله. وكثيراً ما تعرضت البعثة لملفات صعبة ومعقدة، منذ زارت واشنطن في سنوات العلاقات الدافئة كما زارت واشنطن في أعوام التوتر والخلاف السياسي والاقتصادي. هذا العام لم يكن الأمر كذلك.. ربما لانشغال الأمريكيين بمجريات الانتخابات الرئاسية من جانب، ومشاكل الاقتصاد المحلي الذي يمر بحالة كساد من جانب آخر.. وكان الشعور المبدئي أن أحداً لن يستمع إلي هؤلاء القادمين من الشرق الأوسط المشتعل.. إلا أن الأمر في الواقع بدا غير ذلك. البعثة هذا العام التقت بأكثر من 40 عضو كونجرس وهو أكبر عدد من أعضاء الكونجرس تلتقي بهم البعثة في سنوات رحلتها الطويلة كما التقت بوزير الطاقة الأمريكي بودمان، ونائبة وزير الدفاع ماري لونج ونائب وزيرة الخارجية الأمريكية جون فيجروبوتي ومساعد وزيرة الخارجية ديفيد ويلش.. كما التقت الغرفة كذلك بالسفيرة الأمريكيةالجديدةبالقاهرة مارجريت سكوبي وذلك قبيل سفرها لاستلام منصبها الجديد في القاهرة خلفاً للسفير ريتشاردوني. والتقي أعضاء الغرفة كذلك بعدد من مسئولي مراكز البحث الأمريكية وفي مقدمتهم بروكنجز، ويدرو ويلسون، وعدد من المراكز الاقتصادية إضافة إلي جمعيات اللوبي اليهودية. وما بين الملفات السياسية مثل دور مصر في الشرق الأوسط وعملية السلام، أحداث غزة والتهديدات علي الحدود المصرية، الوضع السياسي الداخلي المصري ومستقبل الديمقراطية في مصر وبين الملفات الاقتصادية مثل المعونة والكويز وغياب اتفاقية التجارة دارت حوارات بعثة طرق الأبواب مع المسئولين والخبراء الأمريكيين. غاب أيمن نور: علي الرغم من وجود اسم أيمن نور في كثير من التعليقات السياسية التي يصدرها البيت الأبيض أو الخارجية أو جمعيات حقوق الإنسان الأمريكية حول حال الديمقراطية في مصر.. والاستمرار في المطالبة بالإفراج عنه، إلا أن اسم أيمن نور لم يكن وارداً هذا العام بنفس قوة تواجده في الأعوام الماضية.. وليس ذلك دليلاً علي غياب اهتمام الدوائر الأمريكية بحال الديمقراطية في مصر، ولكنه ربما يكون دليل انشغال بالشأن الأمريكي المحلي. وعلي نفس الصعيد ظهر السؤال حول مستقبل مصر.. ففيما سأل أحد أعضاء الكونجرس رئيس مجلس الشعب د. فتحي سرور في زيارة أخيرة له منذ أسابيع.. من هو رئيس مصر القادم؟! كان السؤال المطروح أمام الغرفة بنفس المعني ولكن بصيغ مختلفة: ماذا بعد مبارك؟! وحاول أعضاء البعثة بكثير من الدبلوماسية الإجابة عن السؤال بإحالته إلي الدستور والقوانين المنظمة. وعلي المستوي الإقليمي بدا أن هناك تقديراً واضحاً لدور مصر المحوري في المنطقة كما قال عمرو مهنا رئيس الغرفة وكذلك لدور القوات المسلحة المصرية في دارفور بالسودان.. وقد أعلنت مصادر أمريكية متعددة عن قرب تسليم معدات أمريكية طلبتها مصر لتأمين حدودها الشرقية ومنع التهريب عبر الأنفاق وغيرها.. وكانت مصر قد طلبت التوصل إلي اتفاق مع إسرائيل لزيادة أعداد القوات علي الحدود إلا أن الاتفاق لم يتم حتي الآن. وعلي الرغم من ذلك فقد رفضت عضوة الكونجرس عن ولاية نيفادا لقاء أعضاء الغرفة اعتراضا علي ما اسمته بموقف مصر من الأنفاق وتسهيلها لتهريب السلاح إلي حماس.. وهو ما اعترضت عليه الغرفة برسالة رسمية أرسلت إلي عضوة الكونجرس. وقد تواكبت فترة زيارة الغرفة مع انتخابات المحليات في مصر والتي أصدر بخصوصها البيت الأبيض بيانا أبدي فيه قلقه وانزعاجه من إجراءاتها ومن "التضييق علي المعارضة" كما وصفه.. فيما جاء بيان الخارجية الأمريكية أكثر اعتدالا وهدوءا قائلا: إن الانتخابات تحكمها القواعد المصرية وإن كانت الخارجية تتمني أن تكون الانتخابات أكثر اتساعاً وشفافية. المعونة إلي النصف: موازنة 2009 ستشهد انخفاضا في حجم المساعدات الاقتصادية الأمريكية إلي مصر بمقدار النصف لتخفض من 415 مليون دولار سنويا إلي 200 مليون دولار. الخلاف المصري الأمريكي يدور حاليا حول نقطتين: الأولي هي حجم المعونة حيث تفضل مصر أن يكون الانخفاض تدريجياً لأن مصر في النهاية تريد الاستغناء كلية عن تلك المعونة التي لم تعد تمثل قدراً كبيراً من الاقتصاد المصري.. ثانياً آليات الإنفاق وأوجه ذلك، حيث تفضل مصر أن يكون ذلك في مجالات الصحة والتعليم بينما تريد أمريكا التركيز علي أنشطة الجمعيات الأهلية وحقوق الإنسان.. وقال جمال محرم عضو الغرفة ورئيس بنك بيريوس إن الغرفة طالبت بتوجيه المعونة لضمان قروض طويلة الأجل تعمل في التمويل العقاري، وذلك مثل تجربة المغرب التي نجحت في توفير أموال للتمويل العقاري لمحدودي الدخل.. وبالفعل وعد عدد من المسئولين خاصة في هيئة المعونة الأمريكية بدراسة ذلك. وفيما أعلن الرئيس الأمريكي بوش توقعه لاتفاق تجارة حرة مع كولومبيا، فإن الحديث عن اتفاق تجارة حرة مع مصر لم يعد متداولا.. إما لعدم رغبة مصر في التعرض لضغوط سياسية واقتصادية أو لعدم وجود الملف المصري في أجندة اتفاقات التجارة التي لا يرحب بها الديمقراطيون المسيطرون علي الكونجرس. وعلي الرغم من ذلك فقد أبدي أعضاء الغرفة وخاصة من الشركات الأمريكية العاملة في مصر استياءهم لذلك خاصة وأن مصر قد بدأت في تنويع تجارتها مع دول أخري مما يضر بمصالح تلك الشركات. علي جانب آخر كانت مطالبة الغرفة بتوسيع المناطق الصناعية المؤهلة إلي الصعيد علي قمة الأجندة هذا العام، لكن ضغوطا من لوبي المنسوجات الأمريكي مازال يعوق ذلك.. وقد وعد عدد من أعضاء الكونجرس بالبحث في ذلك كما قال عمر مهنا. انتهت أعمال البعثة 27 لطرق الأبواب، أسماها البعض هذا العام "فتح الأبواب".. إلا أن العلاقات مع أمريكا تحتاج إلي ضغط مستمر وطرق متوالٍ كي لا تغلق الأبواب من جديد. شارك في أعمال البعثة هذا العام عدد من الشباب من رجال الأعمال ورأسها عمر مهنا رئيس الغرفة وحضر أنيس أكلميندروس النائب التنفيذي للغرفة، جمال محرم، هالة البرقوقي، عادل دانش، لولا زقلمة، سهير فرحات، السفيرة ماجدة شاهين، د. محمد تيمور، محمد طه، أحمد أبو علي.. وغيرهم. كثير من أعضاء الكونجرس والمسئولين الأمريكيين يعرفونهم بالأسم الآن.. إنه فريق العمل التنفيذي والإداري بالغرفة الذي يقوم كل عام بترتيب المواعيد وتنظيم جدول الأعمال المعقد جداً ويرأسه هشام فهمي المدير التنفيذي للغرفة ومعه سيلفيا مينا التي تحمل شهرة واسعة داخل أروقة الكونجرس الآن، ومجموعة من الشباب منهم مهيرة كامل ورانيا.. وغيرها.