نجحت قمة دمشق -القمة العربية العشرون التي عقدت علي مدي يومي 29 و30 من الشهر الماضي رغم الظروف بالغة الخطورة والتعقيد التي جرت في ظلها إلا أنها نجحت عندما عقدت في مكانها وموعدها بعد محاولات التأجيل والتجميد من قبل أطراف عربية والضغوط المكثفة التي مارستها أمريكا وحلفاؤها للحيلولة دون عقدها نجحت قمة دمشق من خلال الملفات التي بحثتها وأهمها العلاقات العربية العربية والعمل العربي المشترك. القمة والتضامن العربي نجحت القمة بكلمة رئيسها الرئيس بشار الأسد ولهجته المتزنة ونبرته غير التصعيدية فلقد نثر من خلالها روح التهدئة التي تبدد معها أجواء الصراعات والنزاعات ومن ثم جاء الخطاب متسقا مع دعوة القمة الي التضامن والعمل العربي المشترك وهو ما أشاع جوا من الثقة من شأنه أن يمهد لمناخ ايجابي من خلال عمل عربي مشترك بعيدا عن التنابذ والتنافر والتطاحن ويحمد لقمة دمشق انها ولأول مرة تبحث موضوع العلاقات العربية العربية وهو ما يبشر بالخير ويشكل دفعة جديدة نحو علاقات عربية تعيد الدفء مع الجميع ويسودها التفاهم والثقة ومنطق الحوار وفق قاعدة ان الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. منطقة في قلب الخطر سوريا كانت معنية بتهيئة الظروف المناسبة لإنجاح القمة العشرين وتجاوز الكثير من العقبات التي تعترض سبيلها حتي تمهد الأرضية لاتخاذ قرارات حاسمة تخدم المصلحة القومية خاصة ان المنطقة -كما قال بشار- لم تعد علي حافة الخطر بل باتت في قلبه ولهذا جاءت قمة دمشق لتؤسس لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك كي يتمكن العرب من الخروج من بوتقة التردي والعجز والانقسام التي يعايشونها ومن ثم يمكنهم عندئذ مواجهة التحديات الكثيرة التي تعترض حاضرهم ومستقبلهم. رسائل عبر القمة لا شك أن الرسائل التي تم تمريرها عبر عقد القمة تشي بالكثير فلقد أرادت أن تكون وسيلة تنبيه بأن ما يجري علي الساحة العربية اليوم يستدعي وقوف العرب وقفة موحدة وجادة يتجاوزون فيها كل الخلافات الجانبية من أجل الوصول إلي حلول فعالة للعديد من قضاياهم بدءا من القضية الفلسطينية مرورا بقضية لبنان والعراق وانتهاء بقضايا أخري تتعلق بالسودان والصومال والوضع العربي بإجماله. إعادة تقييم ومراجعة لمبادرة السلام احتلت القضية الفلسطينية مكانا بارزا بوصفها ما تزال قضية العرب المركزية لاسيما مع ما تتعرض له اليوم من محاولات تجري لتصفيتها في ضوء وعود زائفة رفعتها إدارة بوش وصار الخداع والتضليل الذي رسخه مؤتمر "أنابوليس" حيث لم يسفر عن شيء اللهم إلا عن لقاءات عبثية بين عباس وأولمرت كان نتاجها ترسيخ الاحتلال وتوسيع الاستيطان والقضاء علي المقاومة الفلسطينية ويكفي للتدليل علي ذلك المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة منذ 27 فبراير الماضي والتي أسفرت عن سقوط مئات القتلي والجرحي فلقد كان هدفها استئصال حماس التي تمثل العمود الفقري للمقاومة واستغلت إسرائيل في ذلك الخلاف والانقسام بين فتح وحماس ولهذا حرصت القمة علي الدعوة إلي إنهاء هذا الخلاف علي قاعدة الحوار والتفاعل علي البناء كما ان القمة حرصت علي الدعوة إلي مبادرة السلام العربية علي أساس سلوك إسرائيل بحيث لا تكون المبادرة مطلقة ومفتوحة للأبد. لبنان الغائب الحاضر لبنان كان الحاضر الغائب في القمة فعلي الرغم من مقاطعة لبنان للقمة فإن أزمتها الداخلية كانت موضع بحث من الحاضرين كان الهدف من المناقشات التي جرت في القمة هو لبنان وكيفية خروجه من المعضلة لاسيما مع استمرار الإدارة الأمريكية في تدخلاتها السافرة وفرض وصايتها عليها امعانا في عدم تمرير أي حل عربي وهو ما يثير المخاوف من أن تتحول لبنان لتصبح مزرعة خلفية لواشنطن وحلفائها وقاعدة انطلاق نحو تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به رايس عند عدوان إسرائيل علي لبنان في يوليو سنة 2006 وعامة لقد جرت محاولات في قمة دمشق من أجل أن تبقي لبنان تحت المظلة العربية وأن يتم ايجاد حل عربي علي قاعدة التوافق بين اللبنانيين بهدف الخروج من نطاق الأزمة التي تمر بها وبالتالي تم تأكيد الالتزام العربي بالمبادرة العربية بحيث يتم وضع حد لعمليات التدخل الخارجي وعمليات التحريض والاستفزاز المستمر حتي لا يبقي لبنان رهنا بالتدويل. المبادرة اليمنية الخلاف الفلسطيني ومحاولة رأبه من خلال المبادرة اليمنية بحث أيضا في القمة وتأكد بأن الرئيس بشار سيباشر الاتصالات بين حماس والسلطة الفلسطينية من أجل تنفيذ المبادرة المذكورة ولا شك أن بحثها في القمة منحها الصبغة العربية حتي إذا تضافرت الجهود سيتمكن الجميع من الوصول بها إلي منتهاها وتحقيق المصالحة بين حماس والسلطة. سوريا والمهمة الصعبة وكأنما أرادت سوريا بادراج التضامن العربي والعمل العربي المشترك أن تأخذ علي عاتقها مهمة صعبة وبالغة التعقيد ولكنها بكل المعايير بالغة الأهمية وتحتاج الي ان يمد العرب أيديهم لسوريا خلال عام رئاستها للقمة حتي يمكن الوصول بالأمة إلي شط الأمان فهل تستجيب الدول العربية؟ والاجابة علي هذا السؤال ستحدد بالقطع النتائج سلبا أو ايجابا..!