رصد بنك الكويت الوطني أسبوعا عاصفا من التقلبات في أسواق الصرف العالمية، وطال هذا التقلب الدولار المتراجع أصلا الذي قلص بعضا من خسائره الأسبوع الماضي. كما تراجع سعر صرف الجنيه الاسترليني الذي يراهن عليه كثير من المحللين في أن يكون العملة الأكثر جذبا لأموال المضاربين، وسعي المركزي الأمريكي لإنقاذ الدولار عبر خفض مفاجيء لسعر الفائدة بلغ ثلاثة أرباع نقطة، وهي النسبة التي فاجأت أسواق المال العالمية.. وكان الأسبوع الماضي قد شهد مواصلة الدولار تراجعه في أعقاب انهيار بنك بير ستيرنز الذي أثار مخاوف من احتمال سقوط المزيد من الشركات المالية الأمريكية الكبري ضحية لأزمة الائتمان الاَخذة في التفاقم.. كما ارتفع سعر اليورو يوم الاثنين الماضي إلي مستوي قياسي بلغ 1.5904 ووصل الين الياباني إلي 95.77 ين/دولار، وهو أعلي مستوي للعملة اليابانية منذ أغسطس 1995.. كما صعد الفرنك السويسري إلي مستوي قياسي جديد حيث بلغ 0.9654 مقابل الدولار، وعزز الجنيه الاسترليني مكاسبه ليصل إلي 2.04 دولار للجنيه. وطبقا لما جاء في التقرير الأسبوعي لبنك الكويت الوطني فإن العملة الأمريكية قلصت خسائرها في وقت لاحق من الأسبوع مستفيدة إلي حد ما من النتائج التي جاءت أفضل مما كان متوقعا لعدد من أكبر بنوك الاستثمار الأمريكية، كما استفادت من الموافقة التي منحتها السلطات التشريعية لشركتي تمويل الإسكان الرئيسيتين في الولايات التحدة لضخ 200 مليار دولار إضافية في أسواق الرهون العقارية التي مازالت متأثرة بأزمة عاصفة. كما سجل الدولار مكاسب إضافية من قيام المستثمرين ببيع السلع كالذهب والبترول وإعادة شراء العملة الأمريكية لكي يتسني لها جني الأرباح قبيل عطلة عيد الفصح.. وقد أدت الاَثار المجتمعة لهذه العوامل إلي تراجع اليورو مقابل العملة الأمريكية ب 1.4% إلي 1.54 بعد أن كان قد وصل إلي مستوي 1.59 القياسي في وقت سابق من الأسبوع الماضي.. كما صعد الدولار بنسبة 0.4% مقابل الين ليصل سعره إلي 40.،99 وكذلك تقدم الدولار بنسبة 1.5% مقابل الفرنك السويسري الذي أقفل عند مستوي 1.0114 وبنسبة 2.6% علي حساب الجنيه الاسترليني الذي انخفض إلي 1.9826. وكان الأسبوع الماضي حافلا جدا بالنسبة لمجلس الاحتياط الفيدرالي في سعيه للسيطرة علي مشكلات السيولة وتصحيح مسار الاقتصاد.. فقد استهل الأسبوع بتخفيض طاريء لسعر الخصم للبنوك يوم الأحد ب 25 نقطة أساس ليصل إلي 3.25%، كما استحدث تسهيلات إقراض جديدة للمؤسسات المالية الأخري في محاولة لتعزيز السيولة في السوق.. وبعد هذا الإجراء المفاجيء صرح رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي بن برنانكي بأن المجلس والخزينة يعملان معا علي تعزيز السيولة وتحقيق التشغيل السليم للأسواق المالية، وهما العاملان الأساسيان للنمو الاقتصادي.. كما واصلت لجنة الأسواق يوم 18 مارس حملتها النشطة لتعزيز سيولة الأسواق، فخفضت مرة أخري كلا من سعر الفائدة علي الأموال الفيدرالية وسعر الخصم ب 0.75% ليصلا إلي 2.25% و2.5% علي التوالي.. وقبل اجتماع اللجنة كانت الأسواق تتوقع تخفيضا يصل إلي 125 نقطة أساس، إلا أن مجلس الاحتياط اتخذ مسلكا حذرا، وترك مجالا لإجراء المزيد من التخفيضات في وقت لاحق إذا ما كانت هناك حاجة لذلك.. وقد تم اتخاذ هذا القرار بأغلبية 8 أصوات مقابل صوتين لاثنين من أعضاء اللجنة اللذين كانا يفضلان تخفيضا أقل من هذه النسبة.. وهذا الإجراء القوي يعتبر أمرا استثنائيا، وتم تبريره بكونه يأتي للتصدي لأزمة ائتمان لم تشهدها الأسواق في تاريخها ولمنع الاقتصاد من السقوط في هاوية الركود الاقتصادي.. فقد وضع مجلس الاحتياط الفيدرالي نصب عينيه ضرورة الحيلولة دون انزلاق الاقتصاد نحو سلسلة الاَثار السلبية لانكماش السيولة التي ستؤدي إلي تدهور الاقتصاد الذي سوف يؤدي بدوره إلي مزيد من التقليص للائتمان فمزيد من التدهور فالركود.. وقد صرح المجلس في أعقاب اتخاذ هذا القرار بأنه يتوقع تراجع الضغوط علي الأسعار، ومع ذلك يمكن القول بأن الشعور بعدم اليقين إزاء المستقبل قد زاد.