أكد الخبراء علي ضرورة تحسين الاوضاع الاقتصادية وهيكل الانتاج مما ينعكس بشكل إيجابي علي الفقراء ويؤدي إلي تحسين أوضاعهم وتقليل حجم الإنفاق علي الدعم. واضاف الخبراء ان هناك خطوة مهمة تتمثل في القضاء علي الفساد واشاعة العدل والشفافية من اجل دفع عملية التنمية وبالتالي تقليل مبلغ الدعم اذا تحسنت دخول الافراد وتمكنت الحكومة من الوصول إلي نهضة اقتصادية حقيقية. يقول د.سمير رضوان - مستشار هيئة الاستثمار ونائب مدير منظمة العمل الدولية سابقا ان الدعم نشأ في ظل سياسة اقتصادية تتسم بسيطرة الدولة والدعم نشأ بشكل سلعي عام لا يرتبط بالمكان او تحديد للفئات المستفيدة منه لذلك فالمشكلة التي يواجهها الدعم حاليا هي تسرب الدعم لغير مستحقيه وهذا ما تؤكده الابحاث الاقتصادية التي أعدت في هذا الشأن. ويوضح د.سمير ان علاج المشكلة يبدأ بالتفكير في كيفية ادارة نظام للدعم اكثر كفاءة واكثر عدلا علي أن يتم النظام الجديد بتحويل الدعم السلعي إلي دعم فئات "شخص أو أسرة" علي أن يكون الخطوة الاساسية هي الاستهداف وذلك من خلال طريقين الأول هو تحديد الدعم علي أساس مستوي الدخل والثاني هو التحديد علي أساس المنطقة الجغرافية. وبالنسبة لمستوي الدخل نجد ان 20% من سكان مصر تحت خط الفقر أي ان هناك 14 مليون فرد يجب ان يستهدفهم الدعم لأنهم الفئات الأولي بالرعاية يليهم 20% أخرين هم اشباه الفقراء ومن الفئات الاكثر عرضه للوقوع تحت خط الفقر في حالة حدوث تغير مفاجئ مثل زيادة الاسعار المفاجئة وهذه الفئات يمكن استهدافها من خلال دعم الخدمات مثل التعليم والصحة. مشيرا إلي أن الاستهداف عن طريق المنطقة الجغرافية اثبتت الدراسة التي تم اعدادها بين البنك الدولي ووزارة التنمية الاقتصادية ان هناك 1000 قرية و200 منطقة حضرية تمثل جيوب الفقر الخطيرة في مصر واوضحت الدراسة ان معظم هذه ا لقري تقع في الصعيد فهناك 821 قرية تقع في 5 محافظات هي المنيا يليها بني سويف ثم سوهاج وأسيوط يليها محافظة قنا أي ان 80% من عدد القري الفقيرة تقع في الصعيد وبالتالي يكون الاستهداف هنا سهلا للتطبيق حسب المنطقة. اما بالنسبة للمحافظات الاخري مثل القاهرة الكبري فيمكن ان يصل الدعم لمستحقيه عن طريق تحديد مستوي الدخل لكل فرد. ويذكر د.سمير ان الوضع الحالي للدعم في مصر وضع غير عادل بالرغم من ان قيمته تصل إلي 110 مليارات جنيه فإن 50 مليار جنيه موجهة لدعم الطاقة فقط حيث يستفيد من هذا الدعم مالك السيارة الفارهة وراكب الميكروباص وبذلك فالدعم هنا لا يصل لمستحقيه. منوها إلي أن الدعوة إلي تغيير سياسة الدعم لا تعني المطالبة بإلغائه ولكن هي في حقيقية الأمر تعديل للنظام ليكون قادراً علي تحقيق أهدافه فعلي سبيل المثال يمكن اعادة توزيع ال 110 مليارات جنيه بشكل افضل لتوفير فرص عمل لتشغيل الشباب ويجب الا نقارن مستوي الأجور في بلادنا بالأجور في دول العالم الاخري لانه عند تحديد دخل الاسر يجب ان نقارب الأجور بمعدل الانتاج وفي بلادنا الأجور منخفضة وكذلك معدل الانتاج وذلك علي العكس بالنسبة للدول الاخري. ويقول إنه حتي نستطيع تحسين مستوي الدخل لدنيا يجب ان يستمر معدل النمو 7% او اكثر لمدة لا تقل عن 20 عاما يقابلها زيادة في الانتاج عند ذلك يمكن ان يتحسن مستوي الدخول وتزيد معدلات الاجور تبعا لذلك وعلي المواطنين ان يعوا ان ما يحدث الآن من التفكير في تعديل نظم الدعم هو ضرورة لأن الاقتصاد يتحول بشكل سريع ولقد حققنا في السنوات الاخيرة انجازات اقتصادية ملموسة يجب ان نستغلها بشكل أفضل حتي نستطيع ان نقفز ونحقق طفرة اقتصادية. إهدار للموارد يؤكد د.سلطان أبو علي - وزير الاقتصاد الاسبق - علي ان الدعم مسئولية الدولة وحق للفقراء واذا حصل عليه من لا يستحقه فإن ذلك يعتبر نهباً لحقوق الفقراء وانصاف غير عادل للغني علي حساب الفقير. مشيرا إلي ان الدعم العيني يؤدي إلي اهدار الموارد وفي ضوء عجز الموازنة العامة للدولة فإن الأمر يقتضي أن يكون هناك تحول للطريقة التي تدار بها عملية الدعم بعدما اثبتت فشلها. وبالطبع هناك تخوفات ولكنها في الحقيقية لها عدة جوانب.. الجانب الأول يتمثل في أن كل جديد تقدم عليه الحكومة يتم التخوف منه.. فالناس تقاوم الشيء الجديد لأنها لا تعرفه ولا تثق في جديته هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الدعم العيني المطبق حاليا هناك مستفيدون آخرون منه وبالتالي فهم يدافعون عن مصالحهم الذاتية لأنه من المعروف ان غالبية الدعم العيني يتسرب إلي من لا يستحق سواءمن السوق السوداء أوالمستفيدين وكبار المسئولين والتجار وهم يدافعون من مصالحهم. لذلك يؤيد د.سلطان ضرورة التحول إلي الدعم النقدي كخطوة ايجابية نحو التغلب علي مشاكل الدعم مدللاً علي ذلك بالمزايا التي يتيحها هذا النظام الذي يؤدي إلي رفع الكفاءة الاقتصادية ونمو المجتمع بدرجة أعلي لاننا بذلك سنعطي للمواطن حرية الاختيار فالدعم الذي يذهب عبر بطاقات التموين والتي تغطي حوالي 55 مليون نسمة - كثيرا منهم لا يستحق الدعم أو هذه البطاقة - فإن كثيراً من الفقراء لا يودون شراءه لأن نوعية تلك المواد الغذائية من سكر مدعم وزيت مدعم وغيرها من السلع التموينية من السلع ذات النوع الرديء لذلك فمن الافضل ان تعطيه الدخل الذي يعوضه عما سيحدث من ا رتفاع الأسعار التي ستحدث في ظل الدعم العيني من عدمه وان يغطي الدعم موظفي الحكومة وأصحاب المعاشات وان تتسع رقعة الضمان الاجتماعي لتشمل بقية الفقراء. ويتفق د.عبد العزيز حجازي - رئيس الوزراء الأسبق مع الرأي الذي يذهب إلي تطبيق تجارب الدول الناجحة التي استطاعت التغلب علي مشاكل الدعم وضمان توصيله لمستحقيه بشكل يتحقق معه نمو أفضل للمجتمع. حيث يري انه ليس من العيب تطبيق النماذج الناجحة في تجارب الدولة مع الدعم مادامت الظروف متشابهة وفي هذا الصدد يقترح د.عبد العزيز الاستفادة من التجربة الامريكية لعلاج المشاكل التي يواجهها الدعم للوصول لمستقحيه حيث انه متابع لتجربة أمريكا في هذا الخصوص حيث ان لديهم ما يسمي بإدارة المساعدات الاجتماعية وهذه الادارة يتقدم لها كل من يستحق الدعم ويسجل بياناته واول خطوة تتخذها هذه الادارة ان تبحث له عن عمل في حدود خبراته وامكانياته ثم تقدم له دعما يعتمد علي دراسات تكلفة المعيشة بالمجتمع الامريكي. فمن ضمن الدعم المقدم من هذه الادارة اعطاء الفقراء ما يسمي ب "دولارات الطعام" ولا تصرف هذه الدولارات المطبوع عليها كلمة "طعام" أو Food.