الحوار مع شخصية مثل الدكتور شريف عمر أستاذ الأورام ورئيس لجنة التعليم والبحث العلمي في مجلس الشعب وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني، لم يكن بكل المقاييس سهلا لأنه تم وبدون مبالغة بمشرط جراح.. وظهر ذلك المشرط في الأسئلة.. وفي إجاباته حول القضايا المختلفة التي تناولها الحوار.. في الطب والأمراض.. السياسة.. والعلم والبحث العلمي.. وحال البلد. ولم نغفل بالطبع أن نسأله عن التدخين باعتباره من كبار المحاربين له حيث أوضح أن الفاقد الاقتصادي له في مصر يبلغ وفق تقديراته نحو 3 مليارات جنيه، كما أوضح أن هناك 100 ألف مريض ينضمون سنويا إلي قائمة مرضي السرطان في مصر، وحول قضايا التعليم أوضح أن الحكومة جادة بالفعل في إصلاح ذلك القطاع، إلا أن نتائج هذا التطوير لن تظهر قبل خمس سنوات. وحول هذه القضايا كان ذلك الحوار: * هل سبق لك العمل في السياسة وأنت طالب في الجامعة؟ ** العمل السياسي بالجامعات كان من خلال الاتحاد العام للجامعات والذي كان يضم أسراً ولكن المناخ العام بالجامعة كان مختلفا لأن التعليم كان "شيقاً" ومتميزاً رغم أن اليوم الدراسي بكلية طب قصر العيني عام 1963 كان يبدأ منذ الثامنة صباحا وحتي السادسة مساء ولكنه لم يقتصر علي الدراسة فقط وإنما أيضا الأنشطة الرياضية والعلاقة بين الطالب وأستاذ الجامعة كانت متميزة. * ما علاقة أسرتك بالحياة السياسية وهل لذلك علاقة باهتمامك بالعمل السياسي والنقابي؟ ** جدي كان عضو مجلس شيوخ في أول برلمان مصري عام 1923 وعمي عضو مجلس نواب في الثلاثينيات ووالدي عضو نفس المجلس في الأربعينيات وعمي الثاني عضو مجلس الأمة بعد الثورة واختير والدي قبل وفاته عضو مجلس الأمة ورغم أن أسرتي تعلمت خارج مصر فوالدي تخرج في انجلترا وعمي تخرج في ألمانيا إلا انهم عاشوا في الريف واهتموا بالعمل العام باعتباره واجباً وطنياً وكنت أحرص حينما كان والدي في مجلس النواب قبل الثورة أن أقرأ مضبطة النواب التي كانت تصل ليدي قبل يد والدي في عام ،1949 وكان لوالدي موقف مع مصطفي مرعي عندما تقدم باستجواب حول يخت المحروسة واستقالوا من المجلس حينما وافقت الحكومة علي المليون جنيه قيمة إصلاح يخت الملك وكان ذلك تعبيراً عن قوة الديمقراطية خلال تلك المرحلة ووقتها كان إبرهيم شكري أصغر نائب في البرلمان، وتشبعت من وقتها بروح الخدمة العامة والتجرد وهي أحد الأسباب التي دعتني للدخول إلي مجلس الشعب خلال الدورتين السابقة والحالية. "أورام" أفضل من النساء" * وهل خططت لأن تكون من أشهر جراحي الأورام قبل أن تكون سياسياً؟ ** رغم انني حصلت علي أعلي الدرجات في أمراض النساء والولادة أثناء البكالوريوس وكان من المتوقع أن أمضي في هذا التخصص.. ولكن سألت نفسي ماذا سأضيف لهذا المجال؟! وبدأت أتوجه لتخصص السرطان والذي بدأت معالمه تتضح بداية الستينيات وعملت في ذلك الوقت مع أفضل جراح في المنطقة المرحوم الدكتور إسماعيل السباعي وكان معهد الأورام مازال مشروعاً يحتضنه المرحوم الدكتور أحمد لطفي أبو النصر وكنا نعمل من خلال قسم سرطان كلية طب قصر العيني وكان معنا الدكتور محمود شريف وزير الإدارة المحلية السابق والدكتور مدحت خفاجي إلي أن تم افتتاح المعهد عام 1969 وأصبح كلية مستقلة تابعة لجامعة القاهرة، وعينت أستاذا به وسافرت إلي فرنسا للتدريب في مجال علوم السرطان وانضممت إلي الفريق الجراحي وتعلمت أكثر في السياسة من خلال الحرية المتاحة في بلد يختلط فيها العلم بالثقافة بالسياسة، وهو ما أثر علي تشكيلي السياسي فيما بعد وارسلني الجانب الفرنسي بعد عامين لتفوقي إلي أمريكا كجزء من الدورة التعليمية في مجال السرطان في أكبر معهد للسرطان بنيويورك عام 1972 ثم سافرت إلي اليابان بعد حرب 73 لمدة 6 أشهر كان لها تأثير كبير في حياتي حيث تعلمت من اليابانيين المثابرة في العمل والدقة والعناد في التقدم وجمعت بين رؤي الغرب والشرق وهو ما أفادني في حياتي العملية وتعلمت ألا يجب أن أعمل في السياسة إلا بعد أن أجود في مهنتي لأن المجتمع لن يحترمني إلا إذا تميزت في مهنتي.