مازالت أصداء وتداعيات قرار إحالة مسئولي 20 شركة من شركات الاسمنت للمحاكم الجنائية بتهمة التلاعب في سوق الاسمنت ورفع أسعاره من خلال الاتفاق فيما بينهم علي تعطيش السوق المحلي وتحقيق ارباح خيالية وكان لذلك القرار ردوده الغاضبة بين مسئولي هذه الشركات لكون القرار جاء علي دلائل غير قوية علي حد وصفهم وربما لانه يعد سابقة هي الأولي من نوعها في الاقتصاد منذ العمل بنظام اقتصاديات السوق في بداية التسعينيات. وإذا كان وزير التجارة والصناعة قد أعرب عن ارتياحه وسعادته من القرار لما له من آثار ايجابية علي السوق والاستثمار فإن هذه الشركات اعتبرت اجراءات الحكومة صدمة ومراهقة اقتصادية لا تتلاءم واقتصاديات السوق التي تشير الي قوي العرض والطلب. وإذا كانت قائمة الشركات المحالة الي المحاكمة تشمل 20 شركة منها القومية للاسمنت التي تمتلكها الحكومة وتقوم بالاشراف عليها فإن ذلك يعد فشلا ذريعا للحكومة في عملية الرقابة علي هذه الشركات ومشاركة منها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. ويثير القرار العديد من علامات الاستفهام حول تداعياته علي الاستثمار والسوق وهل كان الوقت مناسبا لاصداره في الوقت الذي نقوم ببعثات طرق الابواب للترويج للاستثمار في مصر وهل ذلك يعد ندما من الحكومة في عملية الاسراع ببيع شركات الاسمنت للأجانب؟! وفيما سيتم عقد جلسة عاجلة لمحاكمة شركات الأسمنت 18 فبراير القادم تفتح "العالم اليوم الأسبوعي" الملف الكامل لهذه القضية دون تدخل في أعمال القضاء ونسأل هل كانت هذه الخطوة التي بدأتها الحكومة خطوة للأمام أم خطوات للوراء؟ مراهقة اقتصادية وكان ردهم بأن شركات الاسمنت لم ترتكب جرما وما تفعله الحكومة مراهقة اقتصادية وهكذا يعلق محمود حسن رئيس قنا للأسمنت احدي الشركات المحالة للمحاكمة، وقال إن هذه الاجراءات التي تتخذ طابع العنف لا تتفق واقتصاديات السوق وبرنامج الخصخصة الذي بدأ تنفيذه في بداية التسعينيات هذا بالاضافة الي ان التكلفة الاستثمارية لانتاج الاسمنت تتجاوز ال 300 جنيه وليس 120 جنيها كما يتردد. اضاف: أسألوا الحكومة بكم تؤجر للشركات متر المحاجر حيث تمر عملية استخلاص الاسمنت وصناعته بمراحل كثيرة تتكلف كل مرحلة آلاف الجنيهات وليس ملاليم كما يقال. ويوضح ان الامر خرج من أيدي الجميع وأصبح في دائرة القضاء الذي لا تعقيب علي قراراته الذي سيظهر إذا كانت اتهامات جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار كانت علي أسس سليمة أم لا وتسائل قائلا: "لماذا كان التركيز علي الاسمنت رغم ان هناك العديد من السلع الأساسية التي حققت قفزات سعرية كبيرة تجاوزت 100% دولار ولم تتخذ الحكومة ضدها أي اجراءات وإذا كانت الحكومة فرضت غرامات علي شركات الاسمنت فلماذا لم تفرض غرامات علي السلع الاخري مشيرا الي ان القرار سوف يسيء لمناخ الاستثمار الوطني وكانت الاجور بالحكومة معالجة الامور بدرجة من الهدوء وإلا فلماذا كانت الخصصة. ويدعو حسن الجميع إلي عدم التعجل بالحكم علي هذه الشركات قبل حكم القضاء مؤكدا انه من غير المعقول ان تكون أسعار هذا العام هي نفس أسعار العام القادم في ظل الارتفاعات العالمية في أسعار السلع. لا بديل عن التفاوض وعلي حد قول عمر مهنا رئيس شركة السويس للاسمنت فإن الحكومة ارتكبت أكبر خطأ باللجوء الي القضاء وتجاهلت مبدأ التفاوض الذي كان سيمنحها مكاسب كبيرة من هذه الشركات أم ما يحدث فهو يؤدي الي استمرار التصادم خاصة ان البعض من رؤساء الشركات يعتبرون حكما عسكريا لا يجدي مع مناخ الاستثمار. ويتوقع مهنا ان يكون للقرار آثاره السلبية علي المستوي البعيد في الاستثمار وقد يدفع العديد من المستثمرين الاجانب البحث عن مناطق اكثر هدوءا بعيدا عن مثل هذه القوانين التي يعتبرها البعض عسكرية وقال: هذه الشركات معظمها شركات كبري ذات سمعة عالمية وبالتالي فإنه من غير المعقول ان تضحي بسمعتها ومكانتها العالمية من أجل ذلك، كما يري مهنا ان العقوبة المالية لن تكون هي الرادع الحقيقي لوقف مثل هذه التجاوزات وانما علي الحكومة العودة لمائدة المفاوضات مع الشركات بدلا من الشوشرة حسب وصفه بما يضر الاقتصاد الوطني.