"مجنون يا دهب".. هذا هو حال سوق الذهب علي مدار السنوات الماضية حيث يصاب بحالة من الارتفاع والانخفاض وعدم الاستقرار عالميا ومحليا وسط ارتفاع أسعار النفط والمضاربات وانكماش اقتصادي محتمل في الولاياتالمتحدة وضعف الدولار أمام اليورو.. بدأ الذهب يرتفع في المعاملات الفورية إلي أعلي مستوياته منذ 28 عاما في نهاية عام 2007 مسجلا 845.4 دولار للأوقية ثم توالت الارتفاعات مع بداية العام الجديد لتسجل 850 دولارا وحتي 904 دولارات للأوقية وسط توقعات بوصول سعر الأوقية إلي 910 دولارات في الأيام المقبلة. رفيق عباس رئيس شعبة المجوهرات باتحاد الغرف التجارية أكد أن ارتفاع الأسعار كان له تأثير مباشر علي سوق الذهب حيث توقفت عملية البيع والشراء في الفترة الأخيرة وأصبحنا نبيع "مصنعيات" أكثر من الذهب الخام حيث اعتمد أغلب الصناع علي إنتاج مشغولات خفيفة في الوزن والشكل وهو ما يحتاج إلي مهارة وتقنية تفتقدها العمالة الموجودة حاليا.. مشيرا إلي أن ارتفاع الأسعار أدي إلي انخفاض حجم الإنتاج إلي النصف. أشار عباس إلي أن الأحداث الساخنة من حولنا تتحكم في الأسعار العالمية وتؤدي إلي ارتفاعها بالإضافة إلي ارتفاع أسعار البترول بشكل يهدد مصادر الإنتاج والطاقة مما دفع المستثمرين إلي شراء الذهب واستخدامه كغطاء أمن لاستثماراتهم. أضاف أن حالة الشراء في مصر تتم بشكل محدود في حالات الزواج وهو ما يعد حاليا استثماراً أيضا ولكن بشكل بسيط. وعن توقعاته للفترة المقبلة أشار إلي وجود حالة من عدم التوقع والدليل أن الأسباب التي أدت إلي رفع الأسعار مازالت موجودة ورغم ذلك انخفضت الأسعار بمعدل 30 دولارا في الأوقية في يوم واحد. مخزون قيمة من جانبه أكد هاني ميلاد جيد "صائغ" أن الذهب كمعدن سلاح ذو حدين فارتفاع أسعاره أحدث تأثيرا سلبيا علي القوة الشرائية للمستهلك والتي انخفضت بشكل ملحوظ ومن ناحية أخري نجد له تأثيرا ايجابيا متمثل في انه مخزون قيمة حقيقي يلجأ إليه المستمرون. أشار إلي أن هذه الارتفاعات غير حقيقية من ضمن أسبابها عنصر الخوف بالإضافة إلي أن هناك أفراد ومؤسسات في كبري دول العالم يتحكمون في الأسعار بالارتفاع والتخفيض وذلك لتحقيق مصالحهم الشخصية. أشار ميلاد إلي أن الفترة المقبلة تتطلب ثبات السعر عند حد معين سواء مرتفعاً أو منخفضاً ولكن التقلبات السعرية تهدد السوق. توتر سياسي يشاركه في الرأي منير ثابت نائب رئيس شعبة المجوهرات باتحاد الغرف التجارية، مؤكدا أن التوترات السياسية وموقف اليورو بالنسبة للدولار وزيارة بوش للمنطقة أحدثت نوعا من الضغط علي الدول العربية لتخفيض سعر البترول مما أدي إلي حدوث انخفاض في الأسعار العالمية للذهب بعد عدة ارتفاعات متتالية. أضاف أن السوق المحلي يشهد حالة من الشلل وتخفيض الإنتاج والعمالة.. مشيرا إلي أنه من غير المتوقع التنبؤ بأي أسعار في الفترة الحالية حيث إن هذه الأسعار لا تخضع لقوانين السوق. حسين عبد الله "جواهرجي" أشار إلي أن الاقبال بات ضعيفا من قبل المستثمرين علي شراء الذهب في مصر بعد أن كان يشهد في الماضي اقبالا علي شراء الجنيهات والسبائك حيث يعد صمام أمان وقت حدوث حالات التضخم أو انهيار العملة. وأضاف أن الاقبال علي الشراء محدود جدا إلا في أضيق المناسبات وبكميات قليلة. من ناحية أخري أكد د. حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي أن سعرالذهب مرتبط بأسعار البترول والفترة الماضية شهدت ارتفاعا ملحوظا للبترول نتيجة للأحداث السياسية والاقتصادية الموجودة في العالم كاحتمالات الحرب علي إيران والانهيار الاقتصادي في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. بالإضافة إلي انخفاض العرض للبترول مما أثر علي العقود الآجلة وتكاليف الشركات التي تصدر أسهماً تؤثر في أسعار الأوراق المالية. أشار إلي أن البدائل في هذه الحالة هي اللجوء للذهب كبديل مأمون للاستثمار في وسط هذه التطورات والمشاحنات إضافة إلي اننا في مصر نتأثر علي أساس أن هناك جزءا كبيرا يتم استيراده وينقسم ما بين احتياطي ومشغولات. وتوقع د. حمدي أن توالي أسعار الذهب والمعادن الأخري ارتفاعها مادامت الأمور السياسية والاقتصادية العالمية متوترة ومادام البترول يواصل ارتفاعه.. مشيرا إلي أنه قد يصل سعر الأوقية إلي 910 دولارات.