في يناير عام 2001 أي منذ نحو 7 سنوات حضر لوكاس بابا ديموس لأول مرة اجتماعات البنك المركزي الأوروبي ممثلا لليونان التي كانت آنذاك حديثة العهد بالانضمام إلي دول منطقة اليورو، وقبل هذا الاجتماع بيوم واحد قرر بنك الاحتياط الأمريكي خفض سعر الفائدة بمقدار نصف في المئة كأول حلقة في سلسلة من التخفيضات التي كانت تستهدف إخراج الاقتصاد الأمريكي من ركوده ولكن البنك المركزي الأوروبي رفض أن يقلد الأمريكيين وقرر ابقاء سعر الفائدة علي ما هو عليه. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن هذه السابقة تكررت في يناير الحالي علي نحو مشابه ففي اجتماعات البنك المركزي الأوروبي يوم 10 يناير حضر ممثل عن كل من قبرص ومالطة حديثتي العهد بالانضمام إلي منطقة اليورو ، حيث تقرر ابقاء سعر الفائدة الأوروبية علي ما هو عليه دون تغيير بالرغم من اتجاه بنك الاحتياط الأمريكي إلي خفض أسعار الفائدة، فمعدل التضخم الأوروبي صار في حدود 3% وهذا هو مبعث القلق الأساسي لخبراء البنك المركزي الأوروبي وليس معدل النمو المرتقب في إجمالي الناتج المحلي خصوصا أن هؤلاء الخبراء يتوقعون أن يكون معدل النمو الاقتصادي الأوروبي في عام 2008 ما بين 5.1 - 5.2% وهو معدل اعتاد عليه الأوروبون لسنوات ممتدة والحقيقة التي لا يجوز إغفالها هي أن اعضاء البنك المركزي الأوروبي أكثر ميلا إلي رفع أسعار الفائدة لوقف التضخم بدلا من خفضها لتنشيط النمو الاقتصادي، وهذا ما تكشف عنه تعليقات جين كلود تريتشت محافظ البنك منذ اجتماعه يوم 6 ديسمبر الماضي، ولكن الشيء الذي لابد من تذكره هو أن البنك المركزي الأوروبي سيجد نفسه مضطرا في وقت لاحق من عام 2008 إلي خفض أسعار الفائدة والحقيقة أن كل شيء في هذا الخصوص سوف يتوقف علي كيفية استجابة اقتصاد منطقة اليورو للأوضاع السيئة السائدة في أسواق الائتمان ونذر الكآبة التي تتجمع منذ فترة في أفق الاقتصاد الأمريكي، وقد يري المتفائلون أن منظمة اليورو سوف تبدي قدرا مناسبا من المرونة إزاء تلك النذر خصوصا أنها لا تعاني من انفجار أسواق الرهن العقاري الخاصة بها ولا من تفاقم العجز في الموازنة وميزان الحساب الجاري ولا من فقاعة سوق الإسكان علي النحو الذي حدث ويحدث في الولاياتالمتحدة. ولكن النظرة المدققة تكشف عن إصابة أوروبا بأمراض مشابهة لتلك التي تضرب الاقتصاد الأمريكي فأسعار المساكن في كل من أيرلندا وإسبانيا زادت خلال السنوات العشر الأخيرة زيادة تفوق ما حدث لأسعار المساكن في الولاياتالمتحدة، وان السوقين الأيرلندي والاسباني عادا إلي الهبوط في الآونة الأخيرة وقد يكون صحيحا أن الاقتصاد الايرلندي أصغر من أن يؤثر في قرارات البنك المركزي الأوروبي إلا أن الاقتصاد الاسباني ليس كذلك ويقول توماس ماير الخبير في البنك المركزي الألماني إن السنوات الخمس الأخيرة شهدت زيادة بنسبة الثلث في إنفاق المستهلك الاسباني وإن إسبانيا مسئولة عن أكثر من نصف الزيادة في الاستثمارات الأوروبية، ونحو ثلثي فرص العمل الجديدة التي ولدتها اقتصادات منطقة اليورو الأربعة الكبري وهي فرنساوألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وتقول مجلة "الايكونومست" إن الأوضاع الجيدة قد أذنت بالرحيل وان الازدهار الاسباني كان قائما علي القروض السهلة وهذا بدوره وضع لم يعد متاحا ومن ثم يمكن الحكم بأن دول اليورو ستكون عرضة للتأثر بما يحدث من ركود في كل من بريطانيا والولاياتالمتحدة وسيضار من هذا الركود كل من فرنسا وإيطاليا بالذات، حيث يتراجع قطاع المساكن في كل منهما. وأكثر من ذلك فإن منطقة اليورو لها هي الأخري اختلالاتها المالية، صحيح أنها أكثر توازنا إذا ما قورنت بالاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي ولكن الفضل في ذلك يرجع أساسا إلي ألمانيا وما تحققه من فائض في ميزان حسابها الجاري يبلغ 6% من إجمالي ناتجها المحلي وذلك حسب أرقام منظمة التعاون الاقتصاد والتنمية OECD