رغم أن الازدهار قد عاد إلي شركات الطيران من جديد فإن المسئولين في الخطوط الجوية الفلبينية يشعرون بالقلق بعد أن فقدوا خلال السنوات الأربع الأخيرة 104 طيارين تقدموا باستقالاتهم للعمل في شركات أخري وهو ما أدي إلي نقص يبلغ 20% في عدد الطيارين بالشركة التي اضطرت إلي رفع الأجور بنسبة 60% من أجل إغراء الطيارين للبقاء معها. ولكن مجلة "نيوزويك" تري أن نقص الطيارين صار مشكلة في كل شركات الطيران تقريبا.. فشركة دراجونير التي يوجد مقرها في هونج كونج اضطرت إلي تخفيض عدد رحلاتها بعد أن عانت من هجرة جماعية للطيارين، وأعلن متحدث باسم الشركة أن عدد الرحلات علي مستوي العالم تجاوز الأعداد المتاحة من الطيارين. وفي تقرير أصدره الاتحاد الدولي للنقل الجوي في أواخر نوفمبر الماضي تبين أن صناعة الطيران العالمية سوف تحتاج إلي 17 ألف طيار جديد سنويا خلال العشرين سنة القادمة لكي يمكنها تلبية احتياجات الطلب علي السفر. وفي منتدي التدريب التابع لشركات الطيران في منطقة اَسيا الباسفيك أعلن أن الشركات الاَسيوية وحدها سوف تحتاج إلي 6 اَلاف طيار سنويا حتي عام 2020.. وكذلك فإن الشركات الايرلندية الصغيرة الثلاث سوف تحتاج إلي 570 طيارا جديدا في العام القادم وحده حسب الأرقام التي أعلنها الرئيس التنفيذي لكلية تدريب الطيارين في واتفورد. الأمر المؤكد أن هذا الازدهار في مهنة الطيارين لم يحدث منذ بدء استخدام الطائرات النفاثة في الخمسينيات من القرن الماضي.. وإذا صح كل هذه التقديرات فسوف يزيد عدد الطيارين في العالم بنسبة 300% علي الأقل وإذا كان الاتحاد الدولي للطيارين يضم حاليا 60 ألف عضو فإن العدد قد يصل إلي 24 ألف عضو في غضون السنوات العشر القادمة. ويقول المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي إن الوقت حان لكي ندق أجراس الإنذار وإن علينا أن نفكر ثانية في زيادة أعداد الطيارين المتدربين وفي ترقية مهاراتهم لضمان أقصي مستويات السلامة للركاب. والحقيقة أن مستويات الأمان والسلامة أصبحت قضية كبري، ففي حين تستطيع أية شركة لصناعة الطائرات أن تصنع طائرة جديدة في غضون عدة أشهر نجد أن الطيار يحتاج عدة سنوات حتي يصبح مؤهلا لقيادة طائرة عريضة الجسم مثل الإيرباص 340 أو بوينج 777.. وقد اعتادت شركات الطيران أن تسرق الأطقم البشرية من بعضها بدلا من أن تتجشم عناء تدريب أطقم جديدة.. ولاشك أن الطيارين هم المستفيد الأول من هذه السياسة لأنها تؤدي إلي زيادة أجورهم حيث أصبح الطيار الموسمي الذي يقود طائرة كبيرة يحصل الاَن علي أجر شهري يناهز ال 15 ألف دولار في بعض الأسواق. وتقول مجلة "نيوزويك" إن هذه التطورات أنهت فترة الاضطراب التي مرت بها شركات الطيران عقب أحداث 11 سبتمبر الإرهابية عام 2001 حيث كسدت حركة السفر ولجأت الشركات إلي الاستغناء عن العمالة وخفض الأجور.. وفي حينها هجر كثير من الطيارين مهنتهم وانخرطوا في أعمال أخري من أجل كسب رزقهم.. أما الاَن فقد تغير الحال وأصبحت بعض الشركات تتساهل في مؤهلات الطيارين كما ازدحمت السماوات والمطارات علي حد سواء بالرحلات والمسافرين.. ولاشك أن هذا قد أصبح يضع علامة استفهام أمام مستوي ضمانات الأمان والسلامة المتاحة للمسافرين بالطائرات. وقد بدأ بعض شركات الطيران يتخذ إجراءات وقائية ضد نقص الطيارين مثل رفع سن التقاعد للطيار من 60 سنة ليصبح 65 عاما وهو ما حدث في الاتحاد الأوروبي عام 1996 وبدأت تقلده شركات أخري، كما فعلته الولاياتالمتحدة أيضا في ديسمبر الماضي بل إن المنظمة العالمية للطيران المدني قد أخرت هي أيضا هذا المد في سن المعاش.. وأكثر من ذلك بدأت الشركات تتغاضي عن شرط تحقيق عدد معين من ساعات الطيران علي طائرة ذات محرك واحد وهو أحد شروط اعتماد الطيارين منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي وأصبح استخدام أجهزة المحاكاة ممكنا في توفير ساعات الطيران المطلوبة لاعتماد الطيارين وغير ذلك من التسهيلات المهنية والفنية التي تستهدف التغلب علي النقص الشديد في أعداد الطيارين المدنيين، كذلك أصبح المتدرب يتخرج في معهد التدريب لينضم مباشرة إلي طاقم الطيارين في الكابينة حيث يكمل تعليمه وتدريبه بشكل عملي وفي رحلات طيران حقيقية.. وبدأ بالفعل استخدام هذا الأسلوب في الاتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة وهو يؤكد ضرورة مراجعة أحوال الأمان والسلامة للركاب خاصة في بلدان العالم الثالث التي عادة ما يتحول فيها التساهل إلي نوع من التسيب الخطير يهدد سلامة المسافرين وأرواحهم بالخطر.