إذا كان صانع السوق من أهم الأدوات المؤثرة في الحفاظ علي استقرار أي سوق مال وحمايته من أي تقلبات فإن هذا الأمر بات ضروريا ومهما بالنسبة لسوق المال المصري في ظل النشاط الذي تشهده البورصة وحجم تعاملاتها الضخم الذي تجاوز المليار جنيه يوميا. فكرة وجود "صانع سوق" ليست جديدة بل هي فكرة راودت الكثيرين خلال الفترة السابقة وقبل ميلادها تندثر بدعوي أن السوق غير مؤهل لوجود صانع السوق. معوقات أكد د.عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لصناديق الاستثمار ان فكرة صانع السوق وانشاءه فكرة تطل علينا من وقت إلي آخر ثم تختفي لوجود رغبة حقيقية في وجود مثل هذا الكيان والذي من المفترض أن يضبط ايقاع السوق إلا أن هناك بعض المعوقات التي تقف حجر عثر في طريق خروج هذه الفكرة إلي النور. اضاف خليفة ان صانع السوق يحتاج الي مؤسسات ذات ملاءة مالية وفنية علي درجة عالية تستقي نشاطها من خبرات المؤسسات الأجنبية في هذا الإطار فالفكرة مازالت جديدة والسوق المصري مازال ناشئا وبالتالي فلابد من الإطلاع علي تجارب أصحاب الخبرة وبالتالي فإن أي قرار في هذا الشأن يحتاج إلي ترتيب جيد ليتمخض عنه ولادة سليمة للكيان الجديد الذي من المفترض أن يكون بمثابة ترمومتر يضبط السوق. وأفصح خليفة ان الوقت الحالي هو أنسب وقت لاتخاذ اجراءات في هذا الشأن وعلي أسس سليمة وعلمية لأن السوق الآن في حاجة ملحة لوجود صانع السوق خصوصا إذا كنا نتحدث عن التقلبات السريعة في البورصة متمثلة في تذبذبات عالية جدا ففي كثير من الأحيان وفي بعض الأسهم تكون الطلبات أكبر من العروض الأمر الذي يؤدي الي صعود حاد في اسعار الاسهم أو عندما يحدث العكس فإن العروض تكون أقل بكثير من الطلبات الأمر الذي يؤدي الي انخفاض اسعار الاسهم وبطريقة سريعة وبالتالي فإن آثار هذه التذبذبات سواء بالسلب أو بالايجاب تتطلب وجود صانع السوق للقيام بدوره المنوط به. وأشار خليفة الي ان دور البنوك الكبيرة مثل البنك الأهلي أو بنك مصر يمكن أن يسهم وبصورة فعالة في ميلاد صانع السوق الذي ترنو وتتجه إليه الأنظار من خلال دخولهما الاثنين في تجربة مشتركة قد يتمخض عنها ميلاد سليم للكيان الجديد وأفصح ان الفترة القادمة لابد أن تشهد ميلادا لصانع السوق حتي ولو كان صغيرا يعمل علي سهمين أو أكثر وعموما فإن صاحب التجربة الأولي يكون هو صاحب الحظ الأوفر. ويتفق معه في الرأي كريم عبدالعزيز محلل مالي بشركة الأهلي لصناديق الاستثمار حيث اوضح ان تجربة صانع السوق غير واقعية وقد لا تسهم في أداء دوره المنوط به مقارنة بتجربة صانع السوق لكل ورقة وهو اتجاه جيد ومطبق في معظم البورصات العالمية وقد لاقت نجاحا كبيرا. التأني والحذر أشار عبدالعزيز إلي أن هذه التجربة يجب تطبيقها في مصر علي الأقل لو كنا نتحدث عن الأسهم التي تستحوذ علي نسبة كبيرة من المؤشر مثل البنك التجاري الدولي والاتصالات مثل اوراسكوم تليكوم واوراسكوم للإنشاء والتعمير كما ان موضوع صانع السوق كان مطروحا منذ عام 2006 منذ التقلبات التي شهدتها البورصة في هذه المرحلة إلا أن الفكرة تم ارجاؤها الي إشعار آخر وعموما فإن فكرة صانع السوق تعتمد علي تسهيل عمليات الشراء والبيع لكل الراغبين في ذلك في أي وقت كما ان الفكرة التي يتم اعتمادها في 2006 كانت قائمة علي محفظة قد تصل الي 3 مليارات أو 10 مليارات علي الرغم من أن البورصة المصرية الآن لديها حجم تداول يومي قد يتجاوز 800 مليون جنيه أي أن حجم التداول شهريا يصل الي 17 مليارا و600 مليون جنيه!! ويطالب عبدالعزيز بدراسة متأنية لمشروع صانع السوق مع مراعاة كل الجوانب السابقة بالاضافة الي ضرورة أن تكون القاعدة الأساسية هي أن يكون صانع السوق لكل ورقة. أما مصطفي بدرة مدير الاستثمار بشركة أصول لتداول الأوراق المالية فقد أوضح ان فكرة انشاء صانع السوق تحتاج إلي دراسة متأنية حتي يتحقق فيها الأداء الصحيح والمنوط بها كصانع في السوق بالاضافة الي ضرورة توافر شرط الحيادية. وأوضح بدرة ان هيئة سوق المال في حاجة الي تطوير قراراتها بصورة تحقق ميلادا سريعا وآمنا للفكرة لان مصر ليس لديها خبرة كافية في هذا المجال. وأوضح ان الحديث عن وجود بنوك تقوم بهذا الدور مازال يحيط به الكثير من المعوقات علي الرغم من السيولة العالية التي تتمتع بها بسبب الرقابة التي قد تصل إلي حد المعوق من قبل الجهاز المركزي علي المحافظ الائتمانية للبنوك فعلي الرغم من أن اسهم هذه البنوك قد تتعرض للانخفاض أو الخسارة إلا أن هذه الهيئات تجبر البنوك علي عمل ما يسمي بمخصص الهبوط الأمر الذي يؤدي الي تعليق وترنح كمية من الأسهم. أشار الي انه وحتي نستطيع المضي قدما في هذا الإطار لابد من تفكيك القيود حتي نصل الي بر الأمان ونحقق المطلوب من خلال الميلاد الهادئ لها حتي تقوم بدورها في السوق والذي يجب أن يتسم بالحيادية. تقلبات سريعة ومن جانبه يؤكد عصام مصطفي المحلل المالي بشركة نما لتداول الاوراق المالية ان صانع السوق مطلوب ودوره ضروري في السوق إلا أن أسباب التأخير في انشائه ترجع الي سببين أساسيين الأول هو عدم توافر السيولة اللازمة لتحقيق ذلك وثانيا مكاسبه غير مرتفعة لانها تسير ضد السوق فالهدف الأساسي لصانع السوق يتركز في نقطتين.. استقرار الورقة محل التعامل ومدي سيولتها بالاضافة الي رشادة السوق وبالتطبيق علي الواقع في البورصة المصرية سنجد ان السوق ظل لفترة طويلة يعاني من عدم الرشادة في التعاملات. وأوضح مصطفي انه يتوقع ان يطول الوقت اللازم لميلاد صانع السوق بسبب وجود التذبذبات الحادة في صورة مثلثات الفرق كبير بين قمتها وقاعدتها الأمر الذي يضعف الآمال في وجود صانع السوق في الوقت الحالي بسبب هذه التذبذبات.