من مشكلات ما قبل الدراسة تعيش اي اسرة عندها اطفال في مشكلة اختيار نظارة للطفل الذي يعاني من ارتباكات في قصر النظر او طول النظر او الانحراف في الرؤية المسمي "استجماتزم". وتختلف المشكلة طبعا عندما تحتاج نجمة مشهورة في السينما او التليفزيون الي نظارة تحفظ جمالها ولا تكشف عن عمرها الذي تعدي الاربعين. وتختلف المشكلة ثالثا عند من يرغبون في الحفاظ علي اعلي درجات الوجاهة وفي نفس الوقت يريدون معالجة العجزعن الرؤية الواضحة. ولست انسي ابدا ان معركة استمرت سنوات في بيتي، خناقة بدأت عندما كان عمر ابني خمس سنوات وفوجئت برفضه الذهاب للمدرسة وقال ان السبب هو ان السبورة تلمع في عيونه ولا يري ما هو مكتوب عليها والمدرسة تأمره ان يجلس في الصف الاخير ولفت نظري طبيبه العظيم الاستاذ الدكتور عطية عبود وهو واحد من اعظم اطباء الاطفال في القرن العشرين ورحل عن عالمنا منذ عشرين عاما قال لي الطبيب العظيم "ابنك ببساطة يحتاج الي نظارة طبية وتم اجراء الكشف وصناعة النظارة الطبية وكان ابني يتفنن بتردد شديد اثناء اختيار اطار النظارة "الشنبر" وبإحساس فني عال كان يختار المناسب لوجهه وعيرته المدرسة مرة أخري بالكلمة الشهيرة "أبو أربع عيون" فما كان مني الا ان طلبت التحقيق معها وتم فصلها لتصبح حارسة بوابة في سفارة أجنبية!! وتعجبت من أن المدارس الخاصة المرتفعة المصاريف تخطئ أحيانا في اختيار المدرسين. ها هو سبتمبر قد جاء ومعه جاء موعد تغيير نظارتي الطبية وآه من التعذيب الذي أمارسه ضد أحمد ناير فريد وتلاميذه من صناع البصريات فأنا أطالب باتباع الدقة العلمية التطبيقية الشديدة مع اختيار الاطار المناسب لعمري الذي تعدي الستين فلست هاربا من عمري ولكني أريد ان اكون انيقا ككل خلق الله ولما كان أحمد ناير فريد وتلميذه المخلص عبده عبدالكريم يتحملان تعذيبي لذلك أضع امام كل منهما قائمة من الاختيارات وآه ان قال احدهما "أنا عايزك تطمن" فهذه الكلمة ضد اسلوب حياتي المتوتر فالكاتب انسان يتأمل ويتوتر في نفس الوقت ودائما يقنعني أحمد ناير فريد بأسلوبه العلمي وغالبا ما يقنعني عبده عبدالكريم بأسلوبه التطبيقي. ولكني أفاجأ بأن بيوت الازياء صارت تشارك في صناعة إطارات النظارات أيضا فكل بيت أزياء يختار من بيوت تصميم النظارات بعضا من الاطارات وتوضع العلامة التجارية لبيت الازياء علي ذراع النظارة وطبعا علي الزبون ان يدفع وانا صاحب رأي بسيط هو ان الحضارة هي ان تختار البسيط والقادر علي اداء المهمة وهذا الرأي البسيط يرهق -كما قال لي أحمد ناير فريد- العديد من بيوت الازياء والعديد من صناع النظارات فحكاية البساطة مع أداء المهمة هي احتياج عالمي لان الانسان لم يعد يتحمل ضغوط التفاصيل فكيف يتحمل ضغوط أو ثقل شنبر النظارة؟ لذلك اخترعوا النظارات التي بلا إطار أي ذراعين خفيفين من مادة كربونية يلتصقان بالعدسات فتصبح النظارة ذات وزن خفيف للغاية. وحين قلت له "وكيف نخفي التجاعيد أو نقلل من رؤيتها تحت الجفون"؟ كانت اجابته هي اختيار العدسة الملونة قليلا بشرط ان تكون عاكسة للضوء. وقلبي مع أحمد ناير فريد وتلميذه عبده عبدالكريم وانا أختار نظارتي الطبية، فتعذيبي يتبعه الشكر دائما لان العتاب يتم تقديمه مني أثناء قياس المناسب لي.