يعلم الله أني قضيت الساعات من منتصف الاحد الماضي الي صباح الاثنين دون نوم علي الاطلاق لا لشئ الا لتوقع نقاش شديد القسوة بين طرفين أحدهما يقوده د. محمد أبوالغار الاستاذ الجامعي النشط اجتماعيا والذي يتزعم حركة -كبرت أم صغرت- لانقاذ الجامعات من ترهلها وتسبب صداعا مستمرا لوزير التعليم العالي والطرف الثاني هو اسماعيل سراج الدين أمين مكتبة الاسكندرية وموضوع الخلاف هو شكل الاسكندرية في المستقبل فقد قامت المكتبة منذ عامين تقريبا بدراسة مشاريع لتخيل التطوير الذي يمكن ان تكون عليه منطقة الميناء الشرقي وانتبه السكندريون الي ان كل المشروعات التي عرضت تجاهلت بقعة شديدة الحيوية ومساحة من الارض نادرة الجمال يوجد فوقها مستشفي الولادة ورعاية الاطفال المرضي وهو المستشفي التي قيل عنها كثيرا بان مكتبة الاسكندرية تطمح فيه كي تجعله امتدادا لها. وتحرك أساتذة جامعة القاهرة ليقفوا ضد هذا الامر بل وتصدوا لأفكار طرحت في مجلس جامعة الاسكندرية وكادت تصل الافكار كي تصبح قرارات الي مكتب رئيس الوزراء ثم انسحب كل ذلك من بدء ظهور شرارات غضب أعلم انه مكتوم وملتهب في أرجاء الاسكندرية التي يحق لها ان تفخر بميلاد المكتبة بها وان كانت تئن تحت شراهة تكدس الثروة الغبي في شكل عقارات تسرق الهواء من البحر بارتفاعات عشوائية وهي الثروة الغبية أيضا التي تبرعت لتطوير الكورنيش بشكل يهدي ثلاجات المستشفيات من أربع الي ثماني جثث من القتلي يوميا فضلا عن عشرات المكسورين والجرحي وحين أقول ان تخطيط الكورنيش السكندري في شكله الأخير هو نموذج للجهل النشيط فأنا لا أظلم أحدا ذلك أنه تجاهل التطوير الفعلي والذي كان يشمل الاسكندرية كلها علي خطوات متتابعة ولكن الحرص الأهوج علي بيع كل أرض فضاء علي الكورنيش كان السبب في تجاهل المشاريع النائمة في الأدراج. ولعل سماعي بأذني صرخة نداء بتمني زلزال علي هذا الشريط من البناء الذي تجاهل كل حقائق الحياة ومتطلباتها وانتبه الي العشوائية الرأسية علي طول الكورنيش مما طمس طابع الكورنيش المعماري، هذا الطمس الذي تتلمظ لزيادته شركات المقاولات العالمية قبل المحلية من أجل أن يتحول مستشفي الأطفال الي عشوائية عملاقة جديدة تباع بالغالي وتحرم كل من خلفها من حق التنفس. وحين دعا إسماعيل سراج الدين الي مناقشة تخطيط منطقة الميناء الشرقي، أعلن بوضوح قاطع أن المكتبة لا تخطط ولا تطمع في الاستيلاء علي مستشفي الاطفال الجامعي ولكنها فقط تريد ان تري بعيون الخيال كيف يكون المستقبل. ودار نقاش أقل ما يوصف به انه حالة من الاحترام العميق من كل من شارك فيه علي الرغم من طفو أمواج من الغيظ المعبأ بزفير عدم الثقة في الجامعة والحكومة بأكملها علي اساس انها جهات باحثة عن المال دون احترام لقيمة وقدسية الحقائق التاريخية. ولعل هذا ما يجعلني أري بعيون الخيال تجمع مئات من الامهات الحوامل والاطفال المرضي كي يستخدموا رصيف المكتبة كمنصة جديدة للاحتجاج بدلا من سلم نقابة الصحفيين القاهري هذا ان كان الاحتجاج سلميا علي خطط الجامعة للتخلص بالبيع مما لا تملك وهي مباني الجامعة أو المستشفي. وما زال الحديث مستمرا.