ماكرون يعلن عن إطلاق سراح فرنسي معتقل في إيران منذ عام 2022    العراق.. حريق هائل بمصفى نفط في أربيل    دويدار: علامة استفهام كبيرة على أداء المنتخب مع حسام حسن.. وصلاح أقوى منه    «آخرساعة» كانت معهم| الحُجاج المصريين بخير.. وكل الأمور ميسرة    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة.. لماذا تم رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب؟    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 في حادث سير بالمنيا    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    رسميًا.. تعرف على مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024 بجميع محافظات الجمهورية (تفاصيل)    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    رابطة الأندية تكشف حقيقة مقترح إلغاء الدوري بسبب ضغط المُباريات    "القاهرة الإخبارية": توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي غرب رفح الفلسطينية باتجاه الطريق الساحلي وسط إطلاق نار مكثف    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    لماذا امتنعت مصر عن شراء القمح الروسي في مناقصتين متتاليتين؟    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    أرمينيا تعلن نيتها الانسحاب من معاهدة أمنية تقودها روسيا    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    «الصحفيين» تعلن جوائز دورة هيكل الثانية في «تغطية النزاعات والحروب» (تفاصيل)    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    أستاذ تراث: "العيد فى مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر فى عاداتنا وتقاليدنا"    صور.. دار الكتب تحتفل بمسار العائلة المقدسة    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    في في أوج العدوان والمجازر ضد غزة ..رئيس أركان الجيش الصهيونى يلتقى قادة 5جيوش عربية    اعتقال شخصين بالسويد بسبب إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناظرات السياسية.. الفريضة الغائبة فى مصر
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 07 - 2009

◄مرشد الإخوان يختار أبوالعلا ماضى.. والغزالى يفضل جمال مبارك
◄صنع الله يملك حجة مناظرة فاروق حسنى..
◄مهدى عاكف يراهن على فشل حزب الوسط.. وماضى يشكك فى ديمقراطية مكتب الإرشاد.. وضعف الأحزاب على رأس أولويات مناظرة جمال مبارك وأسامة الغزالى
◄شيخ الأزهر يرفض الرد على جمال البنا والأخير يتهم قيادات مؤسسة الأزهر بأنها سبب اهتزاز صورة الإسلام فى الغرب وفاروق حسنى يقبل مناظرة صنع الله إبراهيم الذى يتهمه بالتطبيع من أجل اليونسكو
◄مناظرة يسارية بين رفعت السعيد وأبوالعز الحريرى حول تدهور «التجمع»والتحالف مع الإخوان والخضوع للحكومة وأبوالغار يطالب هلال بتنفيذ حكم القضاء وطرد الأمن من الجامعة
«لقد تسببت فى توترات فى المجتمع، وشابتها إساءات واتهامات لا أساس لها».. كان هذا تعليق المرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى إيران، عما جرى من مناظرات بين المرشحين للرئاسة، والتعليق كان كفيلا لإثارة الانتباه نحو واحدة من كبرى النقاط المشتركة بين النقيضين، إيران وأمريكا، وهى المناظرة السياسية التى يمكن الرجوع إليها بوصفها عنصرا انتخابيا حاسما.. هذه أمريكا التى نتمنى ديمقراطيتها، والأخرى إيران التى ننتقد «ولاية الفقيه» فيها، ونحن فى المنتصف لم نسمع كلمة المناظرة سوى عام 2005 حينما طالب أيمن نور بمناظرة مع الرئيس مبارك أثناء الانتخابات الرئاسية، إلا أن طلبه هذا لم يعرف له مصير حتى الآن.
والمناظرة بجانب أنها نوع من الحوار فهى بكل بساطة لقاء يجرى بين طرفين يطرح كل منهما قضايا معينة يتم التناقش حولها، والغلبة تكون لأكثر الطرفين قدرة على الإقناع بالكلمة والمعلومة، وكما رأينا أوباما وهو يحصد المرشحين أمامه فى المناظرات، ورأينا أيضا رئيس إيران يتم انتقاده وجها لوجه مع مرشحى الرئاسة، فثمة تساؤل حول إمكانية أن يأتى اليوم الذى نرى فيه هذه الأمثلة لدينا ليس فى السياسة فقط، بل والدين أيضا والاقتصاد والفن والثقافة، فهل نرى مثلا مناظرة رزينة بين جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطنى والدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة، أو بين مهدى عاكف مرشد الإخوان وأبوالعلا ماضى وكيل مؤسسى حزب الوسط.. هل نرى وزير الثقافة يناظر مثقفا كبيرا يختلف معه أو على النقيض منه، أو شيخ الأزهر يناظر مفكرا إسلاميا له آراء صادمة مثل جمال البنا، أو هل نرى مثلا مناظرة هادئة حول الحجاب بين الكاتبة المناهضة له إقبال بركة، والداعية الإسلامية الأكثر جدلا وربما «عصبية» وهى الدكتورة ملكة زرار.. أن يجتمع الإخوة الأعداء حول مائدة واحدة يكون الحكم فيها للفكرة وليس الشخص؟.. ربما.
والمناظرة التى نأملها لا تعنى بالضرورة أن العلاقة بين الطرفين قد ترقى لمستوى الند للند، فلسنا بصدد وزن الأشخاص، إنما هى أفكار يتقاطع بعضها مع الآخر، فلو سلمنا بأن المناظرة الأولى كانت بين المرشد العام للإخوان المسلمين مهدى عاكف، بصفته يقود أكثر تيارات المعارضة تنظيما، وأبو العلا ماضى وكيل مؤسسى حزب الوسط الجديد «تحت التأسيس»، وهو من أوائل القيادات التى انشقت عن الجماعة ولجأت إلى تأسيس حزب سياسى.. فإن المناظرة فى هذه الحالة لن تخرج عن إطار الحديث حول فكرة «الحزب»، فماضى سيحاول أن يثبت لعاكف أن الانشقاق عن الجماعة لا يعنى بالضرورة الفشل أو الإحساس بالوحدة، سيقول له إن الجماعة بكل ثقلها، لم تستطع حتى الآن أن تنشئ حزبا، بينما استطاع هو ومن معه تأسيس هذا الحزب، بل وجمع فى عضويته عددا كبيرا من الأطياف المصرية، سيرد عاكف حينها بأن عدم قدرة الجماعة على إنشاء حزب، لا يعنى فشلها أيضا، إنما هو تعنت الدولة والتضييق الأمنى، عاكف سيهاجم مشروع حزب الوسط، بقوله إنه مجرد حزب صغير مدعوم من الأمن، وربما سيتحول إلى مجرد رقم فى لجنة شئون الأحزاب، بينما جماعة الإخوان وحزبها مشروع إسلامى عالمى كبير تمتد جذوره إلى أكثر من 80 عاما.
ماضى سيضحك حينها لأن تهمة التعاون مع الأمن، سبق أن ألصقها بالإخوان، حينما انتقد غياب الديمقراطية داخل مكتب الإرشاد، وسيكرر انتقاده مرة أخرى مشككا فى صدق نية عاكف فى التقاعد بعد انتهاء مدته، وسيصف القرار مرة أخرى بأنه «شو إعلامى» وهو الأمر الذى سيرد عليه عاكف بأن حزب ماضى أجدر بهذا اللقب، وسيتهمه بالكذب مرة أخرى حول ما يقوله عن وجود تيارات من الشباب داخل الجماعة غير راضية عن أداء مكتب الإرشاد.
وبالاسترسال فى مثل هذه المناظرات -بفرض أنها من الممكن أن تجرى على أرض مصرية- هناك مناظرة أخرى مرتبطة بما سبق، فإذا تساءلنا عن الشخصية المناسبة لمناظرة جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الحاكم، فإنه من الصعب تحديد هذه الشخصية، خاصة أنه لا منصبه، ولا لجنة السياسات موجودة فى أى من الأحزاب الأخرى، لذا فلن يصلح هنا سوى الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة، فالغزالى هو أحد مؤسسى الفكر الجديد داخل الحزب الوطنى والذى تلخص بعد ذلك فى لجنة السياسات، فإذا التقى الاثنان جمال والغزالى كيف سيكون الحوار، هل سيدور عن تداول السلطة، أم عن ضعف الأحزاب، أم عن الديمقراطية، وربما يتطرق أيضا إلى الحديث عن اجتماعات لجنة السياسات أو الخلافات فى حزب الجبهة.
ولا مفر هنا من الهجوم العاصف الذى سيشنه الغزالى على الحزب الوطنى وقياداته، بل سيكرر ما قاله من قبل بأن أمانة السياسات تعقد اجتماعات بلا فائدة، ويتساءل الغزالى حول الكوادر السياسية التى أفرزتها الأمانة، حتى وزراء الحكومة يقفون «انتباه» أمامك، وهو تعبير قديم للغزالى، يرد عليه جمال مبارك بأن هذه الأمانة هى صاحبة الفضل فى كل المؤشرات المتقدمة الآن فى الأداء الحكومى اقتصاديا وسياسيا، كما سيسأل جمال بدوره «أين هى الكوادر التى أفرزتها الجبهة، بعد كل هذا الضجيج حول الحزب الذى سيعيد لليبرالية المصرية مجدها، أين هى إنجازات الحزب الذى تأسس منذ أكثر من عامين وإنجازاته لا توازى الخلافات التى نشبت به».
الغزالى حينها سيرد بأن الكوادر والإنجازات التى يبحث عنها جمال ليست موجودة بالفعل، لأنه ببساطة كما يقول «كان الحزب الوطنى سببا فى مطاردتها وإفشالها طوال ال30 عاما الماضية، والخلاف هو أمر وارد فى مرحلة التكوين لأى حزب، بينما لجنة السياسات تستمد قوتها منك أنت بوصفك ابن الرئيس، «وعلى الرغم من هذه القوة فمازال أيضا الحزب الوطنى يتعامل بمنطق الشعارات دون أى تطبيق».
ولأن الجدل فى هذه المنطقة لن ينتهى، فسيكتفى جمال مبارك بالحديث عن ضعف أحزاب المعارضة، وتحولها إلى دكاكين و«عزب» خاصة، بينما يحاول الغزالى جاهدا إقناعه بأن محاصرة الدولة واحتكار الحزب الوطنى هما سبب هذا الضعف.
المناظرة الأخرى تكون بين القيادى اليسارى أبوالعز الحريرى والدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع، وهى ذات طابع مميز لكونها مناظرة بين اثنين من قيادات اليسار، فالحريرى الذى ينتظر الفصل من الحزب خلال أيام، كما يشاع، سيكون المحور الأساسى لمناظرته مع السعيد يدور حول مسئوليته عن تدهور الحزب وتحويله لكيان «خاضع للحكومة»، كما سينتهى الحريرى أيضا إلى مهاجمة السعيد بشأن سفر اثنين من قيادات الحزب إلى بروكسل عن طريق المعهد الجمهورى، والذى من المفترض ألا يتعامل معه الحزب، وهو الأمر الذى سيرد عليه السعيد بأنه مجرد «أكاذيب» يروجها الحريرى بدليل أن القيادات التى سافرت إلى بروكسل تلقت دعوات من حزب الشعب البلجيكى لمراقبة الانتخابات، وسيؤكد أيضا أنه رئيس الحزب ومن حقه أن يوافق أو يرفض، وهو ما قاله من قبل بالفعل.
وحين يستبد الغضب بالدكتور رفعت السعيد فإنه سيسأله «ألم تُحل للجنة الانضباط 5 مرات فى أقل من عامين، بسبب تطاولك على قيادات الحزب، وهو ما يرد عليه الحريرى بأن جميعها كانت بسبب آرائه وهو حر فيها، ولهذا السبب رفض المثول أمام اللجنة، بل سيتهم السعيد أيضا بأن كل ما يشغل تفكيره هو السيطرة على حزب التجمع، والاكتفاء بمهاجمة الإخوان لمجرد إرضاء الحكومة، السعيد أيضا سيؤكد له أن الديمقراطية والنزاهة هى التى أبقت عليه رئيسا للحزب، أما الإخوان فهناك من يخشى داخل التجمع أن يتولى الحريرى رئاسة الحزب فيقيم تحالفا معهم من أجل بعض المكاسب، وهو الأمر الذى سينفيه الحريرى بالطبع مؤكدا عدم وجود أى رابط بينه وبين الإخوان.
مناظرة سياسية مهمة أخرى لا ينبغى أن نتجاهلها، وهى تلك التى تكون بين النائب محمد العمدة ووكيلة مجلس الشعب الدكتورة زينب رضوان، صاحبة القوانين المثيرة للجدل والتى تلاقى هجوما من بعض النواب وعلى رأسهم العمدة، والذى كعادته سيتهم الدكتورة بأنها تقترح قوانين ضمن ما يسميه «المسلسل التخريبى لأحوال الأسرة المصرية الذى يقوده المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة»، وهو ما ترد عليه وكيلة المجلس بأنها «تبحث عن صيانة حقوق المرأة ووضع أسس عادلة للتعامل مع هذا الكائن الذى عانى من نظرة تقلل من شأنه».. زينب ستؤكد على هذا بالقوانين التى أثلجت صدور النساء مثل شهادة المرأة وحق رؤية الأبناء، وتبسيط إجراءات التقاضى فى الأحوال الشخصية.
لن ينتهى الأمر بين الاثنين عند هذا الحد، فربما تتهم وكيلة المجلس، النائب الأسوانى بأنه يتعامل مع الأمور بمنطق الصوت العالى ،وتذكره بتهديده بالاعتصام أمام المجلس مع بناته، اعتراضا على قانون «تجريم الختان»، وربما تصف هذه التصرفات بأنها «رجعية»، الرد المتوقع من العمدة فى هذه الحالة، أن الرجعية لا تكون عيبا فى كل الأحوال، ويكرر موقفه الرافض لقوانين «مخالفة للشريعة» على حد قوله، أو حتى تلك التى تنتصر للمرأة على حساب الرجل.
وقد لا تكون المناظرة مبنية على قضايا عامة فقد ينحدر الطرفان إلى مستوى المسائل الشخصية لتتحول المناظرة إلى نوع من «المكايدة» مثلما حدث بين جميلة إسماعيل فى صورتها كمناضلة بعد سجن زوجها، وعبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف الذى لم يهاجم نور فقط، بل فى أكثر الأحيان حصدت جميلة نصيبها الوافر من «إساءة» كمال.. جميلة فى مناظرتها معه لن تترك له «قديما أو جديدا» ليس أشياء تخص «العيش والملح» مع أيمن فقط بل الأهم وصلات السب والقذف التى تعرضت لها منه.. جميلة ستطلق وابلا من الكلام على كمال بدءا من التشهير بها وإهانتها وتهديد أمنها وقذفها.. كمال بالطبع سيستعد ويدشّن حوائط أسلوبه الصحفى وسيكون أبسط رد عليها هو أنها هى وزوجها عميلان للأمريكان ويستقويان بالخارج، ولا يليق بهما حتى أن يتكلما أو يشتكيا، «جميلة لن تسكت وسترفع تهمة الهجوم غير الأخلاقى وغير المنطقى عليها»: «أنت تسخر قلمك للنيل من المعارضين الشرفاء أمثالنا».. ما الذى يضرك من ذلك؟ هل أنت طرف فى القضية؟ هل أنت المتحدث الرسمى باسم مصر؟.. أنت تنبش فى الأعراض والشرف، وهو أمر لا يتفق مع ميثاق الشرف الصحفى.. كمال عندئذ لن يقف مكتوف اللسان: «أنت وزوجك تتكلمان عن ميثاق الشرف الصحفى، يجب أولاً أن توضحا لنا وللرأى العام، ما حقيقة الخلافات بينكما على صفحات الجرائد والفضائيات.. أنتِ تطالبين بالانفصال.. وهو ينفى.. أين الحقيقة؟»
ولنخرج قليلا من حدة الحوار بين هؤلاء لمناظرة أكثر هدوءا وتنظيما نظرا لطبيعة طرفيها، فنحن لدينا هنا الدكتور محمد أبوالغار عضو حركة استقلال الجامعات، والدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى، «استقلال الجامعة» سيكون أول النقاط الخلافية التى سيتمسك بها الدكتور أبوالغار فى مواجهته للدكتور هانى هلال، أبوالغار يرفض التدخلات الأمنية المتكررة فى شئون الجامعة، بدءا من التضييق على النشاط الطلابى، وصولا إلى تعيين العمداء ورؤساء الجامعات، وهو ما سيرفضه هلال جملة وتفصيلا، نافيا الاعتماد على التقارير الأمنية فى تعيين الأساتذة ورؤساء الجامعات، مؤكدا أن دور الأمن فى الجامعة الحفاظ على منشآتها، إلا أن الدكتور أبوالغار سيرفع فى وجه الحكم القضائى الصادر بإلغاء الحرس الجامعى واستبداله بأفراد تابعين لإدارة الجامعة وليس لوزارة الداخلية، وهو ما سيصفه وزير التعليم العالى بأنه حكم مازال مطعونا عليه أمام القضاء، وكالعادة سيبدأ الدكتور أبوالغار برفض ربط زيادات دخول أعضاء هيئة التدريس بالجودة قائلا: إن تحسين دخول الأساتذة حق يجب الوفاء به حرصا على كرامة الأساتذة، بينما الجودة واجب يسعى إليه جميع أعضاء هيئة التدريس ولكن يجب على الدولة أولا أن توفر المقومات اللازمة لتحقيق الجودة، ثم تطالب الأساتذة بتطبيقها، فى المقابل سيكون الرد المعد سلفا لدى الدكتور هلال بأن هناك أساتذة يريدون الحصول على زيادات دون أن يبذلوا أى جهد وأنه حريص على مكافأة المجتهد، الأمر الذى سيواجهه الدكتور أبوالغار بالحكم القضائى الذى طالب بعدم التمييز بين أساتذة الجامعات وربط زيادة دخولهم بتحقيق الجودة.
بعيدا عن السياسة، هناك شخصيات أخرى يمكن أن يكتب لها التلاقى وجها لوجه، بشرط وجود مناخ فكرى جيد بعيدا عن التعصب واتهامات الرجعية أو الكفر، ولو فرضنا هذا فإن رجلا مثل جمال البنا إذا ناظر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى، فإن أول اتهام سيكيله له كالعادة هو أنه شيخ معين و«مقلد للسلف»، وأصاب الأزهر بالرجعية والتخلف، ولن ينسى البنا أيضا أن يهدى طنطاوى بعضا من اجتهاداته الخاصة بالحجاب، وجواز التدخين أثناء الصيام، وحد الردة، وكل هذه الأمور لن يرد عليها شيخ الأزهر سوى بمقولته الشهيرة بأن فتاوى البنا باطلة وبعيدة عن المنهج الإسلامى الصحيح، مضيفا أنه يترفع عن الرد على جمال البنا لأنه لا تجوز له الفتوى.
إلا أن البنا سيسأل شيخ الأزهر عن الجهة التى خوّلت له الظهور بمظهر المتحدث الوحيد باسم الإسلام، حينها سيرد الشيخ بكلام كثير عن تاريخ الأزهر، وعدد من يدرسون فيه، ومنهجه الذى يتسم بالوسطية والاعتدال وهو الأمر الذى يجعل طلاب 63 دولة يقصدونه للدراسة.
ولن نبتعد عن هذه المنطقة كثيرا إذا رأينا مناظرة أخرى شبيهة بين الكاتبة إقبال بركة رئيسة تحرير مجلة حواء، والداعية الإسلامية الدكتورة ملكة زرار، المناظرة فى هذه الحالة لن تخرج عن موضوع واحد، يعتبر رأس الاشتباك بين بركة ورجال الدين، فهى تعتبر أن الحجاب ليس من الإسلام، إنما هو امتداد للعصور الجاهلية بل ستكرر إعلانها باستمرار محاربتها له، ولنا أن نتصور الدكتورة ملكة زرار وهى تنتفض فى ثيابها السوداء اللامعة، لتدافع عن حجاب المرأة المسلمة، لتؤكد أنه على الرغم من عدم اعترافها به كفرض إلا أنه واجب على المرأة المسلمة، ولا تكتمل حشمتها إلا به، وبالتأكيد سترفض زرار التفسير الذى تسوقه إقبال بركة للآيات التى تأمر بالحجاب بأنها «آيات متشابهات» والأحاديث بأن «إسنادها ضعيف».
ربما لن يكون أمام بركة سوى أن تكرر ما قالته من قبل عن حزنها لزيادة عدد المحجبات فى الشارع المصرى، وربما يكون هذا أيضا سببا لسعادة ملكة زرار باعتباره إشارة إيمانية جيدة.
ومن الدين إلى الثقافة، حيث يقف وزير الثقافة فاروق حسنى فى مواجهة الروائى صنع الله إبراهيم، ليسأله لماذا رفض جائزة مصرية بينما يقبل بجوائز خليجية، حينها سيصر صنع الله إبراهيم على نفس الأسباب التى قالها من قبل، حين رفض جائزة الرواية: «فى الوقت اللى مافيش فيه لأمتنا حاضر ولا مستقبل، واللى فيه إسرائيل بتجهز على ما تبقى من الأراضى الفلسطينية وسفيرها آمن فى مصر، واللى موجود فيه السفير الأمريكى فى القاهرة ويحتل حيا بالكامل، وينتشر جنوده فى كل شبر من الوطن، وفى الوقت اللى بتتفرج فيه الحكومات العربية على المجازر التى تحدث فى العراق وفلسطين ولا تصنع حيالها شيئا، أكرر رفضى قبول هذه الجائزة، لأنها صادرة عن حكومة غير قادرة على منحها«.
سيرد حسنى على هذا الكلام: «اللى انت بتقوله يا أستاذ صنع الله ليس مبررا لمقاطعة جائزة، يهفو إليها كثير من المثقفين.. صنع الله سيصعد هجومه على الوزير عندئذ بقوله «وأين هؤلاء المثقفون وأنت تقترب من إسرائيل، مرة بمقال، وأخرى باعتذار، والثالثة بترجمة كتب عبرية، ولا أحد يدرى ما القادم»، إلا أن حسنى لن يأل جهدا فى أن المنصب ليس عاديا، فكرسى اليونسكو منصب عالمى والحرب عليه تكون شرسة، ويستخدم فيها كل الوسائل، فإذا كانت الدولة التى يمثلها حسنى بوصفه وزيرا، تطبع مع إسرائيل، فلن يضر أن يتنازل هو قليلا من أجل حلم اليونسكو.
كل ماسبق كان أمثلة لمناظرات نأملها ربما تعلو فيها الحدة تارة، أو تطغى الأمور الشخصية تارة أخرى، وربما كان الشك هو معيار الحكم على صحة كلام أحد الطرفين، ولكن تبقى النتيجة الوحيدة المؤكدة أننا بهذا سنفتح طاقة صغيرة للحوار فى جدار التعصب الذى ينفر كل الأطراف من بعضها، فلنجرب قليلا وسنرى.
لمعلوماتك...
◄24 عدد الأحزاب السياسية فى مصر فيها 5 أحزاب مجمدة بسبب التنازع على رئاستها
◄23 مارس 2008 قاد أبوالغار أول إضراب ضد سياسة هلال
◄81 عاما هو عمر مهدى عاكف مرشد الإخوان وهو المرشد السابع للإخوان المسلمين
◄22 عاما هى فترة تولى فاروق حسنى منصب وزير الثقافة والمرشح حاليا لرئاسة اليونسكو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.