منطقة البحر المتوسط غنية بتراثها المرئي والمسموع مما يجعلها بحاجة ماسة إلي تبني نقل المحفوظات السمعية والبصرية من أساليب الأرشفة القديمة إلي الرقمنة لحفظها علي المدي الطويل والانفتاح علي العالم. اكدت هذا المفهوم ندوة إقليمية بعنوان "المحفوظات السمعية والبصرية في العصر الرقمي: صفقة جديدة" والتي نظمتها مؤخرا مكتبة الإسكندرية. استهدفت الندوة تبادل الخبراء للرأي حول كيفية الحفاظ علي تراث الماضي والانفتاح علي العالم بالتحول للنظام الرقمي في أرشفة المحفوظات السمعية والبصرية. شاركت عدة دول أوروبية وعربية في الملتقي، بالإضافة إلي منظمات دولية مختصة مثل المعهد الوطني الفرنسي للمواد السمعية والبصرية INA والذي تعاون مع مكتبة الإسكندرية في تنظيم المؤتمر. يقول السفير علي ماهر مدير معهد دراسات السلام بمكتبة الاسكندرية إن المشروع يواجه عدة صعوبات تتعلق بالتمويل والجوانب الفنية والوقت المستغرق لتنفيذه والإطار القانوني المتعلق بحقوق الملكية الفكرية، إلا أنه أشار إلي حاجة مصر للحفاظ علي التراث المرئي والمسموع، حيث إننا لدينا تاريخ ثقافي وحضاري قديم وحديث. واوضح أن الندوة سعت إلي تقييم التراث السمعي والبصري في بلدان الشرق الأدني والأوسط والبحر المتوسط، وإطلاق مبادرات إقليمية في مجال الرقمنة واستخدام المحفوظات السمعية والبصرية، وتبادل احدث تقنيات حفظ ورقمنة المحفوظات السمعية والبصرية، وأخيراً الأخذ بعين الاعتبار التمزق المترتب علي الترقيم عند طرح إشكالية حفظ وإدارة الوثائق وعند الاستخدام. وقد انعقدت هذه الندوة الدولية بدعم من السفارة الفرنسية في مصر ووزارة الخارجية والاتحاد الدولي لأرشيف التليفزيون والمؤتمر الدائم لمشغلي الوسائل السمعية والبصرية في حوض البحر الأبيض المتوسط والمركز المتوسطي للاتصالات البصرية والسمعية. من ناحية أخري أشار إيمانويل هوج مدير المعهد الوطني الفرنسي للمواد السمعية والبصرية Ina إلي أهمية إطلاق مبادرات إقليمية في مجال الرقمنة واستخدام المحفوظات السمعية والبصرية، وأهمية رقمنة وحفظ أرشيف التليفزيونات في العالم ، وأرشفة نشرات الأخبار والبرامج الوثائقية التي تحمل ذاكرة الإنسانية، خاصة وأن الوثائق السمعية والبصرية من مستلزمات العصر الحالي الذي يعتمد بشكل أساسي علي تقنيات الديجيتال. الاسكندرية تتطلع للريادة كما أوضح برنارد سالوميه، الممثل الرسمي لمدير مكتبة الإسكندرية ما قامت به المكتبة في مجال رقمنة الوثائق السمعية والبصرية، وأكد علي أهمية المكتبات التقليدية في الحفاظ علي التراث الإنساني عبر العصور وأشار إلي أن فكرة المكتبات الرقمية بدأت تنتشر انتشارا سريعا في الغرب، ويدعمها في ذلك التطور السريع في تقنيات حفظ المعلومات ورقمنتها واستعراضها والبحث فيها، إضافة إلي توافر شبكة المعلومات الدولية الإنترنت كبنية تحتية يمكن بواسطتها الربط بين المستخدم وبين المكتبات الرقمية المختلفة موفرة بذلك فضاءً معلوماتياً رحبا. وأكد أن مكتبة الإسكندرية ولدت رقمية، وأنها تعد حالياً من أهم وأكبر المؤسسات الثقافية والعلمية في العالم وليس مجرد مكتبة تقليدية. ومن بين غاياتها المتعددة تتطلع مكتبة الإسكندرية للريادة العالمية في المجال الرقمي وتكنولوجيا المعلومات؛ وتتبني المكتبة في هذا الإطار عددا من المشروعات الرقمية والتكنولوجية التي تحقق غايتها في هذا المجال ومنها المعمل الرقمي، أرشيف الإنترنت، مشروع المليون كتاب، المكتبة الرقمية لتاريخ مصر الحديث، مشروع وصف مصر. كما أعلن عن ترحيب المكتبة بالتعاون مع المعهد الوطني الفرنسي للمواد السمعية والبصرية Ina ، في مشروع أرشفة المواد السمعية والبصرية للتليفزيونات العربية وهو المشروع الذي تسعي إليه المكتبة منذ وقت طويل، وسوف يضم هذا المشروع كما هائلا من المواد التليفزيونية المرقمنة والتي ستحتوي علي تراث القنوات والإذاعات العربية الثري. مجال استثمار ومن جانبه تحدث دانيال تروجيه، من المعهد الوطني الفرنسي للمواد السمعية والبصرية Ina، عن عمليات التحول الرقمي من الأنالوج إلي الديجيتال ، وإمكانية إيجاد أرباح من عمليات التحول الرقمي كمجال استثماري مهم كما ألمح إلي الدور الاجتماعي الذي يقوم به الأرشيف في المجتمع وهو أمر يتطلب الوصول إلي الجهات المنوطة بعملية الأرشيف والتواصل معها. كما أوضح أنه خلال السنوات الست القادمة ربما تتم عملية تحويل النظام الرقمي إلي نظام آخر، وهو ما أسماه هجرة المعرفة ، وقال : انه عبر التاريخ الإنساني انتقلت المعرفة من مرحلة إلي أخري متخذة قالبا جديد ، فمثلا في عصر أرسطو ظل النساخ يقومون بنسخ هذه المعلومات بانتظام ونقلها بأشكال جديدة . وطرح تساؤلا مهما مفاده : أن كل ما تم حفظه حتي الآن يساوي آلاف الساعات من التسجيلات السمعية والبصرية والفيديو هل سيبقي للأبد ؟