بعد حسم رئاسة الهيئة العامة لسوق المال وتفضيل الدكتور هاني سري الدين الرحيل لعدم توافق شروط التجديد مع استراتيجية وخطة التطوير التي بدأها، تبقي كلمة حق يجب أن تكتب وتقال عن فترة توليه رئاسة الهيئة وما حدث فيها من تطوير، انعكس بالإيجاب علي سوق المال والبورصة، وترك سري الدين بصمات واضحة في فترة قصيرة مثمرة لشخصية اتسمت بالوضوح والقوة في الحق وامتلاك الرؤية المستقبلية، بالإضافة للخبرات الأكاديمية والقانونية وخبرات القطاع الخاص. ويبقي الأجمل في عهد رئاسة سري الدين الشفافية في القرارات وإقامة علاقات وثيقة وعادلة مع الصحفيين ووسائل الإعلام لمدهم بكل المعلومات وتوضيح الصورة بالنسبة لسوق المال المصري. وبالعودة للوراء قليلا لم يكن سوق المال قبل تولي سري الدين رئاسة الهيئة يمتلك القدرة المؤسسية، وكانت تنقصه الكثير من الأدوات، وكانت هناك عشوائية في تحديد السعر العادل في عمليات الطرح العام والخاص، بالإضافة لتلاعب بعض الشركات في قوائمها المالية، وغياب الرقابة علي مراقبي الحسابات، وكذلك تعسف الأغلبية من المستثمرين الرئيسيين ضد الأقليات، أما شركات الأوراق المالية فتميزت بغياب القدرات الفنية والمالية والضعف.. فماذا حدث بعد ذلك؟ يمكن القول إن عام 2004 ومع تولي حكومة نظيف، واصلت البورصة انتعاشها الذي بدأته عام ،2003 وواصلت البورصة الصعود القوي عام ،2005 ولذلك غابت السلبيات عن الأذهان بعد أن صعدت البورصة خلال أعوام ،2003 ،2004 2005 بنسبة 30%، 80%، 120% علي الترتيب. وتصدرت البورصة أسواق العالم قاطبة عام 2005. ولكن عام 2006 وبالذات في شهر فبراير شهد بداية موجة تصحيح حادة أدت لفتح كل الملفات وعلاج كل السلبيات في السوق، وكانت البداية بشطب الشركات غير الملتزمة بالإفصاح والشفافية والتي لم تستوف شروط القيد بعد ان تم منحها مهلة بلغت عاما كاملا، فتم تنظيف جداول البورصة من الكثير من الشركات الضعيفة.. وتم انشاء سجل لمراقبي الحسابات الملتزمين تتقيد بهم الشركات المقيدة في البورصة وصناديق الاستثمار. وتم تحديد أسس تقييم السعر العادل للشركات التي سيتم طرحها للاكتتاب سواء كانت شركات خاصة أو عامة مادامت متداولة ومقيدة في جداول البورصة، وتم إصدار قواعد الاستحواذ الجديدة لتحمي حقوق الأقليات، وتطبيق قواعد الملاءة المالية لشركات السمسرة حتي تكون الشركات قوية ولحماية المستثمرين من المخاطر، وتم تنظيم الأنشطة المختلفة في السوق، وتحديد ملاءة مالية لكل شركة للقيام بنشاط معين تتناسب مع مخاطره. وزادت الرقابة بشكل كبير لمنع التلاعب سواء من السماسرة أو الشركات المقيدة، وهذا قليل من كثير تم عمله لتطوير السوق نسترجعه من الذاكرة، ولكن ما تم فعليا كان أضعاف ذلك. ولذلك لم يكن غريبا أن تخرج البورصة من كبوة فبراير ،2006 لترتفع خلال عام 2006 كمجمل اداء بنسبة زادت علي 10% ثم استمرت في الصعود عام 2007 بايقاع واثق وبمعدل تذبذب محدود يعكس انخفاض المخاطر وربما يكون قرار رفع الحدود السعرية عن 45 شركة والذي صدر مؤخرا من أشجع القرارات التي تدل علي رؤية جيدة للسوق ولمنع التلاعب بالأسهم محدودة السيولة. وفي النهاية رسالة قصيرة نوجهها للدكتور هاني سري الدين رجل القانون الأكاديمي ورجل الأعمال ورئيس الهيئة العامة لسوق المال حتي 28 يونيو الجاري، لقد اضفت الكثير للسوق تشريعيا وقانونيا وتنظيميا وبصماتك واضحة تميز سمات شخصية مثقفة وواعية وتمتلك رؤية مستقبلية جيدة وكونت علاقة وثيقة مع كل أطراف السوق ومع الصحافة الاقتصادية ولا شك أيضا أنك ستضيف الكثير لكل موقع جديد سواء كان عاما أو خاصا ونتمني أن يتحقق حلمك باستخدام امكاناتك القانونية لوضع قانون جديد لسوق المال يحدث نقلة نوعية جديدة في سوق المال المصري. لقد لونت موقعك في الهيئة بألوان من القانون الذي تمتلك ادواته والثقافة بصفتك متابعا لما يصدر من كتب وقارئا جيدا ومتابعا لما يحدث في المجتمع والعالم من حولنا.. شكرا سري الدين.