في الوقت الذي أكد فيه مسئولو البنوك ضرورة الأخذ بتوصيات مؤسسات التقييم الدولية ووضعها في الاعتبار في جميع أنشطتهم فإنهم في المقابل رفضوا توصيات مؤسسة ستاندرد آند بورز الصادرة مؤخرا بشأن حث البنوك في مختلف دول العالم علي الحد من القروض المقدمة لمشروعات البنية التحتية. وأكدوا أنه من الصعب تعميم تلك التوصيات علي جميع البلدان لاختلاف الظروف المحيطة بالمشروعات والبنوك أيضا في كل بلد عن الآخر، مشيرين إلي أن دول العالم الثالث مازالت في حاجة كبيرة لمشروعات البنية الأساسية كالطرق والكباري والطاقة والصرف الصحي وهو ما تختلف عنها فيه الدول الأوروبية ودول الخليج، ومن ثم يجب قياس ظروف كل مجتمع علي حده للوقوف علي متطلباته المالية بدقة. كما أشاروا في الوقت نفسه إلي أن مشروعات البنية التحتية تعد من المشروعات الجاذبة لتمويل البنوك لا سيما أن الحكومة تضمن للبنوك أموالها لقيامها بالسداد لمنفذي تلك المشروعات. وكانت وكالة ستاندرد آند بورز لتقييم مخاطر ائتمان البنوك قد حذرت البنوك مؤخرا من الدخول في تمويل مشروعات البنية التحتية. وقالت الوكالة في تقرير لها إن هذا القطاع أصيب بتخمة شديدة بسبب تدفق الاستثمارات عليه بشكل غير طبيعي بما يمكن أن يسبب مشاكل للبنوك في استرداد قروضها. وأشار التقرير إلي أن البنوك علي مستوي العالم منحت قروضا لمشروعات البنية التحتية خلال عام 2006 بلغت 145مليار دولار بزيادة قدرها 180% عما قدمته عام ،2000 كما أن هناك اتفاقيات لقروض لم تنفذ بعد علي مستوي العالم أيضا تبلغ قيمتها 150 مليار دولار. اعتبارات عدة حسن عبدالمجيد العضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية يقول إن الفيصل في تقديم التمويل لأية مشروعات هو دراسات الجدوي الاقتصادية الخاصة بها ومدي امكانية تحقيق البنوك لعائد وهامش ربحي من ورائها وكذا درجة المخاطر التي تحتوي عليها تلك المشروعات، وبالنظر إلي مشروعات البنية الأساسية نجد توافر كل تلك المقومات بها. ويشير عبدالمجيد إلي أن توصيات مؤسسات تقييم مخاطر الائتمان تأخذها البنوك بمحمل الجدية، ولكنها في المقابل فإن البنوك تدرس المشروعات بنفسها وفي حالة توافر الشروط التي تضعها البنوك لمنح الائتمان تقبل علي تمويلها. وفيما يخص مشروعات البنية الأساسية أكد عبدالمجيد أنها مشروعات ذات بعد مادي وآخر اجتماعي، كما أن الحكومة تتكفل بإيجاد موارد نقدية لسد مديونيات تلك المشروعات ومن ثم فلاخوف من تمويلها. دراسات متأنية ومن جانبه يؤكد عبدالبديع الصادق مساعد العضو المنتدب والمشرف علي إدارة الائتمان ببنك قناة السويس علي ضرورة الاطلاع علي جميع البحوث والدراسات التي تتناول جميع الاقتصادات المحلية والاقليمية والعالمية، مشيرا إلي وجود إدارات معنية بهذا الشأن داخل البنوك كإدارة البحوث والتطوير وإدارة المخاطر وهي التي تسعي لمعرفة المخاطر التي تحف الأنشطة المختلفة وعلي ضوئها يتم تحديد أولويات الأنشطة والمجالات الاستثمارية الجيدة والقطاعات الواعدة قليلة المخاطر. ويشير عبدالبديع الصادق إلي أن العبرة بالملاءة الائتمانية والجدوي الاقتصادية لجميع المشروعات ومدي اتفاقها مع سياسة البنك وخطته الائتمانية. ويختلف الصادق مع مؤسسة ستاندرد أند بورز في تحذيرها من الدخول في مشروعات البنية الأساسية كالكهرباء والغاز والصرف الصحي مؤكدا أنها مشروعات واعدة ومازالت مجتمعات دول العالم الثالث في حاجة للمزيد منها ومنها مصر مشيرا إلي أن الحالة التي تمثل خطورة علي أموال البنوك في تمويل الخدمات والمرافق تتمثل فقط في عدم حاجة المجتمع لها وهو ما لم نصل إليه بعد في مجتمعاتنا. دور الحكومة ومن جهتها تقول بسنت فهمي مستشار رئيس بنك التمويل المصري السعودي إن البنوك لا تمول مشروعات بنية تحتية بشكل مباشر ولكنها تمول المقاولين المسئولين عن تنفيذها، وفي بعض الأحيان يكون تمويل تلك المشروعات من صميم اختصاصات الحكومة عن طريق طرح سندات واذون خزانة واستغلال مواردها في اقامة تلك المشروعات. وتضيف فهمي ان البنوك تقدم علي تمويل نشاط له تدفق نقدي ومصدر سداد واضح ومحسوب درجة مخاطره وهو ما لا يتوافر في مشروعات البنية الأساسية، فرغم كونها مشروعات استراتيجية إلا أنها تفتقد التدفق النقدي المباشر الذي يمكنها من سد أقساط البنوك وإن كان لها أثر إيجابي علي الاقتصاد القومي. وتؤكد فهمي علي أن تحذيرات وكالة التقييم الدولية تنصب علي تقييم حكومات الدول نفسها باعتبارها مصدر سداد تلك المشروعات لمنفذيها، مشيرة إلي أن الحروب والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها معظم الدول العربية المجاورة تساهم بصورة كبيرة في زيادة المخاوف من تمويل مثل تلك المشروعات وإن كانت تري أن مصر أكثر أمانا ومازالت في احتياج لبنية تحتية، وهو ما يدفع البنوك لتمويلها دون حوف. أخذها في الاعتبار أما شافعي عبدالرازق مدير عام فرع بأحد البنوك الخاصة فيري أن البنوك تخشي الدخول في مشروعات ضخمة وتعتمد علي القروض المشتركة، مطالبا بضرورة إيجاد نوع من التكاتف بين البنوك في تمويل المشروعات الوطنية. وأشار الشافعي إلي أن البنوك مازالت بين الاقدام والاحجام في تمويل المشروعات العملاقة رغم زيادة رأس مالها وإعادة هيكلتها، مؤكدا أنه من الضروري أن تسعي البنوك لاستغلال تلك الزيادة في ضخ الائتمان وزيادة الاستثمارات. ويؤكد عبدالرازق علي أن التقييمات التي تصدر من مؤسسات دولية تأخذها البنوك كمؤشر ويتم دراستها جيدا من الإدارة العليا قبل الشروع في منح أية تمويلات. وبدوره يقول هشام توفيق رئيس قسم الائتمان بالبنك الوطني المصري إن منح الائتمان يتم علي أسس ودراسة متأنية للمشروع المتقدم بطلب التمويل ومدي اتفاق ذلك مع سياسة البنك ورغبات المساهمين مؤكدا أن البنوك كمؤسسات تمويلية تهدف إلي الربح فهي تراعي البعد الاجتماعي أيضا. ويشير توفيق إلي أن مشروعات البنية التحتية من كهرباء وغاز وخدمات ومرافق لا تتحفظ البنوك علي تمويلها مادامت تتوافر الاعتمادات المالية المناسبة المتمثلة في الحكومة، مستشهدا بزيادة بزيادة اقبال البنوك المصرية علي تمويل تلك المشروعات من غاز وبتروكيماويات ومحطات كهرباء في الفترة الأخيرة.