رغم ان الهدف الرئيسي لاي سوق مال في العالم هو في الاساس تشجيع الاستثمار المباشر وتوفير التمويل اللازم للمشروعات بعديا عن الاقتراض من البنوك، لكن هذا لا ينطبق علي ما يجري في البورصة المصرية التي اكتفت فقط بكثير من المضاربات وقليل من الاستثمار بعد ان تحولت كافة فئات المستثمرين حتي الصناديق والمحافظ الاستثمارية الكبري للمضاربة علي الاسهم المجهولة وغير المعروفة التي لا يعمل المستمرون اي شئ عن نشاط شركاتها، لكنها هي التي باتت الملاذ لتحقيق الارباح والثروات وليست الاسهم الكبري والقائدة والقوية في وجهة نظر المضاربين وقوة السوق المسيطرة. وفي ظل هذه الحالة باتت العديد من القطاعات الجيدة بالبورصة المصرية تعاني من حالة توهان ونسيان ملحوظة مع عزوف المستثمرين عنها او بمعني اكثر دقة المضاربيين نحو القطاعات التي يمكن ان نطلق عليها " عليها العين" في هذه الفترة والتي ربما تقتصر فقط علي اسهم الاسكان والعقارات والاسهم الصغيرة، ويأتي في مقدمة القطاعات المنسية قطاع الغزل والنسيج والاسمنت والبنوك . ويوجد جملة دارجة في كل بورصات العالم خاصة بنشاطات قطاعات الأسواق ألا وهي " تعاقب القطاعات" في النشاط أو ( (sector rotate ولكن هذه الجملة لا تنطبق علي حال البورصة المصرية حيث لا يوجد تعاقب قطاعات لكن يوجد نظرية القطاع الواحد والسهم الأوحد حتي وصل الحال إلي تناسي ليس الكثير من الأسهم ولكن الكثير من القطاعات. وبدأنا نري في البورصة المصرية ظاهرة غريبة هي خروج عدد من الاسهم بين الحين والحين لتسجل ارتفاعات هلامية دون سبب معلن ثم تعود بعد ايام قليلة لتفقد ما كسبته من ارتفاعات ايضا دون سبب وخير مثال علي ذلك سهم العربية المتحدة للشحن والتفريع الذي صعد في يومين بنحو 50 في المائة فقدها في اليومين التاليين، وكذا عدد من اسهم المطاحن والاسكان وباتت البورصة المصرية كلعبة كراسي موسيقية قمة في احتراف المضاربة. ورغم عدم معرفة الخلل في ذلك وهل المستثمرون علي حق في هذا التوجه ام انه خطأ في اطار أشياء كثيرة فقد بات حدوث انفجار في اسعار الاسهم المجهولة أمرا غير مستبعدا وينذر بخطورة كبيرة لن يكون الخاسر فيها سوي المستثمرين الافراد وصغار المستثمرين ممن هم قليلي الخبرة والوعي يعودون بعدها الي لوم البورصة وهيئة سوق المال والحكومة والاعلام ويقولون اين كانوا من الارتفاعات بعد حدوث الانهيارات. ويوجد بالسوق العديد من التجارب في هذا الاطار من اسهم حققت معجزات في السوق لم يحلم او يتخيل ان يرسمها احد، ورغم ان العديد من تلك الاسهم الان تلقي قوة دفع رهيبة من أنباء قوية بشانها سواء تلك الخاصة بالتجزئة او زيادة رأس المال او توزيع اسهم مجانية الا اننا هنا نحتاج الي وقفة هل حقا هذه الانباء تساوي هذه الارتفاعات..؟أم انه كما هو الحال في مجتمع الفن نعود في النهاية الي سماع الصوت الاصيل عندما نحتاج حقا الي سماع الطرب الحقيقي وهنا نعود الي الاسهم الكبري والقيادية والتحليل الاساسي بعد انتهاء موضة الاسهم المجهولة..؟ ويري خبراء ومحللون بالبورصة المصرية ان نشاط القطاعات في سوق الاسهم المصرية يتوقف علي أهواء المضاربين حيث يستغلون توافر اخبار بشأن قطاع معين او سهم معين ويقومون بتهويل وتضخيم هذه الاخبار وتأثيرها علي القطاعات، بينما يتناسون عمدا الاخبار الجيدة علي قطاعات اخري ويقللوا من شأن اخبارها. محلل أسواق المال محمد صالح يقول ان البورصة المصرية يسيطر عليها حاليا ظاهرة النشاط الموسمي لكل قطاع مشيرا الي ان اي القطاعات سيكون صاحب الحظ الوفير في النشاط هو ما يتفق عليه المضاربون وهو ما يعني ان نشاط قطاع من عدمه يتوقف فقط علي أهواء المضاربين. واضاف ان المضاربين يستغلون موضة معينة جديدة كل فترة ويبدأون عمل مضارباتهم عليها بتسويق افكارهم ورؤيتهم بشأن القطاع الذي يرغبون عمل دورات ومضاربات سعرية عليه. واشار الي ان النصف الاخير من العام الماضي استغلوا موضة تجزئة الاسهم رغم انها لا تغني ولا تثمن من جوع ولا تفيد الشركة في شئ لكن هذه الظاهرة كانت وحدها هي العامل الرئيسي المحرك لاي سهم في السوق وما سواها ليس له اي قيمة حتي لو قالوا ان شركة ما حققت نموا في الارباح يصل الي المليارات. ولفت الي ان المضاربين جاءوا بموضة جديدة هذا العام وهي موضة الاسهم المجانية، بعد ان ضيقت هيئة سوق المال النطاق علي تجزئة الاسهم ، مشيرا الي ان تجزئة الاسهم كانت هي المحرك الوحيد لاي سهم طوال عام 2007 واصبحت مقولة" دي هتوزع مجاني" كلمة السر الوحيدة لطفرات سهم اي شركة وساعدهم في كل الاحوال اصحاب الشركات.