عد نحو 6 قرون من صعود وزوال أسرة ميديتشي العريقة في عالم لم التجارة والمال والأعمال بدأت إيطاليا مرة أخري استعادة دورها الريادي في القطاع المصرفي الأوروبي. فالاندماج المرتقب الذي تم الإعلان عنه بين بنكي يوني كريدي في ميلانو وكابيتاليا في روما سيؤدي إلي قيام عملاق مصرفي بقيمة سوقية تصل إلي 100 مليار يورو "135 مليار دولار". ووفقا للقيمة السوقية فإن البنك الإيطالي العملاق الجديد سوف يكون أكبر المصارف في منطقة اليورو المؤلفة من 13 دولة والثاني علي مستوي القارة الأوروبية بعد مصرف "اتش اس بي سي" البريطاني والسادس علي مستوي العالم، فيما تنتشر مكاتبه إلي أقصي الجنوب في اسطنبول وإلي أقصي الشمال في أوسلو وفي أنحاء شرق أوروبا. وصفقة الاستحواذ التي بلغت قيمتها 8.21 مليار يورو التي سوف يسيطر من خلالها بنك يوني كريدي علي ثالث أكبر البنوك الإيطالية يجب أن تحصل علي موافقة البنك المركزي الإيطالي وسلطات مكافحة الاحتكار فيما من المتوقع أن تكتمل في الربع الثالث من العام الجاري. وهذه الصفقة هي الأحدث في إطار سلسلة عمليات استحواذ خطط لها الرئيس التنفيذي الطموح لبنك يوني كريدي أليساندرو بروفومو الذي كان وراء أكبر صفقة مصرفية عابرة للحدود في أوروبا بالاستحواذ علي بنك هايبو فيرانيس بنك الألماني ومصرف بنك أوستريا النمساوي.. فيما لايزال هناك الكثير للاستحواذ عليه إذ إن خطة البنك الإيطالي التوسعية لم تنته بعد. ونقل عن رئيس مجلس إدارة البنك ديتر رامبل قوله: إنها خطوة أولي وليست نهاية الطريق. وفي مقابلة مع صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية وصف رئيس بنك "كابتاليا" سيساري جيرونزي إتمام صفقة محتملة في المستقبل مع العملاق المصرفي الفرنسي سوسيتيه جنرال بأنه "أمر مرغوب فيه". وتأتي صفقة يوني كريدي كابتاليا في صدارة قائمة الاندماجات وعمليات الاستحواذ التي تمت خلال 15 عاما التي شهدت خصخصة البنوك الإيطالية منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي. ولم يكن لإيطاليا قبل سنوات قليلة مضت إلا عدد كثير من البنوك الصغيرة مع عدم وجود بنك كبير فاعل علي المستوي الأوروبي لكن أصبح لها الاَن بنكان من بين أكبر 10 بنوك أوروبية.. والبنك الاَخر إضافة إلي يوني كريدي كابتاليا هو "انتيسا سان باولو". ومن المتوقع أن يوجد اندماج يوني كريدي كابتاليا تكاليف موحدة لمرة واحدة تقدر بنحو 1.1 مليار يورو وهو ما ستكافئها توفير نفقات مجمعة بحوالي 2.1 مليار اعتبارا من عام 2010. وأعرب كل من رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي ووزير الاقتصاد توماسو بادوا شيوبا عن دعمهما لهذه الصفقة. ونقل عن برودي قوله: إننا نشكر "يوني كريدي كابتاليا" و"انتيسا سان باولو" فإننا الاَن أصبح لدينا بنكان يمكن أن يساعدا الشركات الإيطالية في أنحاء العالم وأن يساهما في إعادة هيكلة نظامنا الاقتصادي. وبالعودة إلي القرن الخامس عشر كان بنك عائلة ميديتشي يقوم بدور رئيسي في النهضة الأوروبية بإيطاليا التي جعلتها مركزا للقارة الأوروبية. ويستطيع برودي الاَن أن يعرب عن أمله في أن أمثال يوني كريدي وانتيسا سان باولو يمكن أن يساهما في أن تستعيد إيطاليا من جديد دورها الريادي في عالم العولمة، ولاسيما في القطاع المصرفي وهو الدور الذي فقدته لسنوات طويلة خلال القرن الماضي.