غم أن الاقتصاد الهندي ينمو بمعدل 8% سنويا فإن كثيرا من من المستثمرين قد لا يدركون ما تمثله الهند بالنسبة لهم من فرص خصوصا أنها بلد يناهز تعداده السكاني المليار نسمة. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن مؤسسة مكنزي نشرت يوم الثالث من مايو الحالي نتائج دراسة أعدتها حول مستقبل الهند الاقتصادي والاجتماعي حتي عام 2025 تنير الطريق أمام المستثمرين في هذا الشأن خصوصا أن الدراسة تتوقع أن تشهد الهند طفرة اقتصادية خلال تلك الفترة. وتفترض دراسة مكنزي أن متوسط نمو الاقتصاد الهندي خلال العقدين القادمين سيكون 3.7% سنويا وهو معدل معقول وقابل للتحقيق وسيجعل الهند تتخطي ألمانيا لتصبح خامس أكبر سوق استهلاكي في العالم عام 2025. وتتوقع الدراسة أن يقفز تعداد الطبقة المتوسطة الهندية من 50 مليون نسمة حاليا ليصبح 583 مليون نسمة خلال نفس الفترة وأن 20% فقط من الهنود سيحصلون علي الحد الأدني المتاح من الدخل اَنذاك وهو 90 ألف روبية سنويا "2200 دولار". وإذا كانت هذه الطفرة الاقتصادية ستعني توافر الربح لكل أنواع الصناعات فإن الدراسة المعنونة "طائر الذهب: صعود سوق الهند الاستهلاكي" تحدد أين تكمن الفرص الأكبر لمن يريدون تحقيق الربح.. وأولي هذه الفرص تجدها لدي الأغنياء نسبيا.. فالفقراء والطبقة المتوسطة الدنيا يمثلون وحدهم حاليا 75% من سوق الاستهلاك الهندي، أما في عام 2025 فإن الوضع سيتغير وستمثل الطبقة الوسطي 59% من سوق الاستهلاك والأغنياء 20% من هذا السوق. وثانية الفرص توجد في المدن، فالدراسة تتوقع أن يمثل استهلاك سكان المدن 62% من جملة الاستهلاك الهندي عام ،2025 في حين أنه الاَن لا يتجاوز ال 43% وذلك علي الرغم من أن غالبية الهنود سيظلون من سكان الريف في ذلك التاريخ. أما ثالثة هذه الفرص فتصنعها الزيادة في الإنفاق علي السلع غير الضرورية، حيث تتوقع الدراسة أن تنخفض القيمة النسبية للإنفاق علي الطعام والشراب والتدخين من 42% حاليا لتصبح 25% فقط عام 2025.. في حين أن الإنفاق علي الرعاية الصحية سوف يرتفع نصيبه النسبي من 4% ليصبح 13% خلال نفس الفترة.. وإذا كانت توقعات دراسة مكنزي بالنسبة للنمو تبدو معقولة فإن بعض توقعاتها الأخري تبدو متفائلة أكثر من اللازم. فالدراسة تفترض ضرورة زيادة الإنفاق الهندي علي التعليم والبنية الأساسية حتي يتحقق ما تتوقعه من تطورات اقتصادية. والحقيقة أنه من الصعب تخيل كيفية تعليم مئات الملايين من الهنود ليصبحوا قادرين علي الانتقال إلي صفوف الطبقة المتوسطة.. فإصلاح اَلاف المدارس رديئة المستوي يبدو شيئا مستحيلا حتي لو تم رصد الأموال اللازمة لإجراء هذا الإصلاح، ناهيك طبعا عن أن وضع الهند الضعيف ماليا يؤكد استحالة توفير كل تلك الأموال. باختصار، فإن تحقيق ما احتوته هذه الدراسة يستلزم أن يكون طائر الذهب عنقاء وليس مجرد كتكوت صغير.. وربما لهذا السبب فإن سومان بيري مدير المجلس القومي لأبحاث الاقتصاد التطبيقي في الهند قد وقف يحذر من الإفراط في التفاؤل مذكرا إيانا بأن الهند لم تحقق معدلات النمو المرتفعة المشار إليها من قبل إلا في السنوات الأربع الأخيرة.