حذر وزير الخزانة الامريكي هنري بولسون وفدا صينيا رفيع المستوي أول أمس أن صبر الامريكيين بدأ ينفد ازاء الصين بخصوص وتيرة التعديلات في السياسة المالية التي ستقلص العجز التجاري القياسي بين البلدين حيث أكد بولسون قبل بدء يومين من المحادثات خلف أبواب مغلقة مع وفد صيني تقوده وو يي نائبة رئيس الوزراء الصيني ويضم 15 مسؤولا علي مستوي وزاري من بكين "هناك تشكك متزايد في كل دولة ازاء نوايا الاخري." وأضاف "للاسف .. يظهر ذلك في أمريكا علي أنه شعور مناهض للصين مع تحول الصين الي رمز للجانب السلبي الحقيقي والتخيلي للتنافس العالمي." وفي بداية تعليقاتها ردا علي بولسون قالت وو ان تسييس الخلافات بخصوص القضايا التجارية من شأنه أن يزيد من تدهور الامور في تحذير للمشرعين الامريكيين الذين يهددون باتخاذ اجراءات لتقييد الواردات الصينية اذا لم ترفع الصين قيمة عملتها اليوان. وأضافت "اننا مستعدون لاتخاذ اجراءات فعالة مع الجانب الامريكي لمعالجة الخلل في الميزان التجاري الثنائي... تشمل تلك الاجراءات زيادة واردات الصين من الولاياتالمتحدة وتوسيع الصادرات الي الصين." وتجري المحادثات الامريكية الصينية تحت مظلة "الحوار الاقتصادي الاستراتيجي" الذي بدأت جولته الاولي في بكين في ديسمبر الماضي ويهدف الي ضمان ادارة أسهل للعلاقات طويلة الاجل والتعامل مع القضايا قصيرة الاجل. وقال بولسون ان علاقات اقتصادية "منفتحة ومخلصة" بين الولاياتالمتحدة والصين "محورية لمستقبل الاقتصاد العالمي". ويأتي علي جدول أعمال الولاياتالمتحدة علي مدي الايام الثلاثة المقبلة اطلاع وو ورفاقها علي أن البيت الابيض يفقد القدرة علي مواجهة الغضب بالكونجرس ازاء العجز التجاري الامريكي مع الصين الذي سجل مستوي قياسيا العام الماضي بلغ 233 مليار دولار. وفي وقت سابق قالت متحدثة رسمية باسم وو ان نائبة رئيس الوزراء الصيني ستسعي لحشد الدعم بالكونجرس لصالح علاقات تجارية أوثق. وسيصطحب بولسون وو الي مبني الكونجرس يومي الاربعاء والخميس لحضور اجتماعات مع مشرعين. وأعلنت الصين أنها توسع نطاقا تدير خلاله قيمة اليوان مقابل العملات الاخري. غير أن ذلك الاجراء لم يرض المشرعين الامريكيين الذين ابلغوا وو في رسالة بأنه لا ينبغي فقط للصين أن تترك اليوان يرتفع وانما أيضا وقف سرقة حقوق الملكية الفكرية الامريكية. وارتفعت قيمة اليوان بنسبة 5.9 % فقط مقابل الدولار منذ تم رفعها بنسبة 2.1 % في يوليو تموز 2005 وفك ارتباطها بالدولار وهو ما سيقول بولسون انه لا يكفي. ويقول مصنعون أمريكيون إن اليوان يقيم بأقل من قيمته بنحو 35 % مما يبقي البضائع المنتجة بالصين أرخص بشكل غير منصف. وتشمل المحادثات جلسات حول فتح أسواق الخدمات المالية الصينية فضلا عن جلسات بخصوص قضايا الطاقة والبيئة. ويتوقع أن تلتقي وو مع الرئيس جورج بوش في البيت الابيض اليوم الخميس قبل أن تلقي خطابا تلك الليلة أمام رجال أعمال. وقد تتحدث عن مبررات الصين للمضي بشكل حذر في تحريك اقتصادها باتجاه نظام اقتصاد السوق. وقالت جيانج يو المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ان وو ستزور مصنعا لشركة بوينج في سياتل بعد انتهاء القمة. والصين مشتر كبيرللطائرات الامريكية مع تزايد سفر الصينيين للاعمال وقضاء العطلات. غير أن جيانج لم تفصح عما اذا كانت وو ستعلن عن أي صفقات. ومن ناحية أخري نشرت ألمانيا الاتحادية تقريراً عن واردات ألمانيا من الشركات الصينية ، و قالت إن الصين تمكنت في العام الماضي من تجاوز الولاياتالمتحدة في التصدير إلي ألمانيا وأجبرتها أن تنحدر في صادراتها لتأتي خلف صادرات الصين. ويكتب المعلق الاقتصادي الألماني شتيفان كاوفمان بهذا الصدد عن السوق الألمانية وعن الميزان التجاري فيقول : "يعتبر الألمان من الشعوب الأكثر وعياً بالأسعار" ويعلق علي تهافة الألمان لشار البضائع الصينية الرخيصة التي أخذت تغرق السوق في السنوات الأخيرة بأن الأمر هو بمثابة وصلة اقتصادية تشير إلي حقيقة تغلغل الاقتصاد الصيني إلي معظم البلدان " وينعكس هذا الأمر علي نحو ما في الميزان التجاري الألماني فيما يخص الواردات". في العام الماضي ( 2006) ، بسب أسعار البضائع الصينية ية الرخيصة، دفعت الصين الولاياتالمتحدة الأميركية إلي المرتبة الرابعة بعد أن كانت تحتل الثالثة وفق الأحصائيات الألمانية بخصوص وارداتها من الخارج. وفي العام 1950 عندما أعلنت الإحصائية لأول مرة كانت الولاياتالمتحدة الأميركية تأتي في المرتبة الأولي علي رأس القائمة دون منازع فيما كانت الصين تحتل المرتبة 38 فقط. وفي العام 2006 صدرت الشركات الصينية بضائع للسوق الألمانية بمقدار 48,8 مليار يورو. ولم تكن البضائع محصورة بالقمصان والبيرة ومنتجات النسيج فقط، بل تجاوزتها إلي تصدير التلفيزيونات والثلاجات والأدوات المنزلية المختلفة. و قد قفزت الصادرات الصينية في مجال الألكترونيات المستخدمة في البيوت لتشكل زيادة 40 بالمئة و20 بالمئة في مجال الحاسوب. وثمة شركات عديدة لا تحمل أسماء صينية تتاجر بنجاح وتغرق السوق الألمانية مثل شركة لينوفا التي تصدر الحاسوب وشركة كونكا المصدرة للأدوات الأحتياطية وشركة هاير وغالانس المصدرة للحاجيات المنزلية وشركة تي سي إل الخاصة بالتلفونات المحمولة. وتثير سياسة الصين بإغراق أسواق العالم ببضائعها الرخيصة بعض القلق والغضب خاصة في الولاياتالمتحدة الأميركية التي تعتبر الصين ثاني أكبر مصدر لها. والواقع أن الصين الشعبية تورد أكثر مما تستورد. وقد حصلت علي 178 مليار دولار في العام 2006 عبر تجارتها مع الدول الأخري. ويعتبر هذا المبلغ بالمقارنة مع العام 2005 زيادة 74 بالمئة. وتملك الصين في الوقت الحاضر حوالي 1200 مليار دولار كاحتياطي في ميزانيتها القومية. وتشتكي الولاياتالمتحدة الأميركية وتنتقد بصوت عال استخدام الصين لوسائل غير مشروعة وعادلة في المباراة الاقتصادية بحيث تدمر فرص أماكن العمل للأميركيين. ويأتي النقد بالدرجة الأولي ضد موقف الحكومة الصينية من تحديدها سعر صرف عملتها بأقل من قيمتها والتمسك بذلك مما يجعل البضائع الصينية في السوق العالمية رخيصة الثمن بالقياس مع البضائع المنتجة في غيرها من البلدان