نعم، إن الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها جميعا والتي سينشأ أبناؤنا في ظلها تختلف تماما عن تلك التي عايشناها منذ عشر أو عشرين سنة ولهذا يتفق العلماء والمفكرون علي أننا بحاجة إلي نظم تعليم مختلفة وأولويات مختلفة. يجب ألا يكون هدف التعليم هو غرس وعاء للمعرفة أو حشو الدماغ بالمعلومات وإنما ينبغي أن يكون هدفه تطوير الملكات.. ملكات أساسية كالقراءة والكتابة وملكات اجتماعية كالتصرف بمسئولية تجاه الآخرين ملكات ابداعية مثل اتخاذ المبادرة والعمل الخلاق والعمل كفريق.. وأهم ما في ذلك كله ملكة القدرة علي مواصلة التعلم. إن إقامة مجتمع يتشوق إلي التعلم هو ما نادي به مفكرون كثيرون مثل شارلز ليد بيتر Lead Beater.. ان الحاجة إلي الابداع والابتكار والمخاطرة باتت تشكل صناعات العصر وأبرز معالمه. لقد بدأت رحلة عبر المكان والزمان علي سطح كوكبنا تنطلق بنا من عصر إلي عصر ومن فكر إلي فكر لكي تفرض في كل مرحلة وعند أحداث كل تطور احتياجات مختلفة وملامح مغايرة.. فإذا كنا في فترة من الفترات نرفع القبعات لموارد الثروة الطبيعية والصناعات التقليدية ثم انتقلنا من قطاع السلع إلي قطاع الخدمات فإن هذا قد أسلمنا إلي مرحلة أخري مغايرة يطلق عليها مرحلة الصناعات الابداعية وأصبحت هي جوهر ومضمون الاقتصاد الجديد، فخلال فترة رئاسة كلينتون بدا وكأن الاقتصاد يستكمل مرحلة الانتقال من التصنيع إلي خدمات المستهلك.. فلم تعد القيمة تأتي من تصنيع الأشياء كتحويل الصلب إلي سيارات.. وإنما تأتي القيمة من المعلومات مثل نظم تشغيل الكمبيوتر.. وبعد أن كانت الشركات مثل جنرال موتورز وجنرال اليكتراك لها سيادة في سوق الاسهم أصبحت السيادة لشركات مثل مايكروسوفت وشركات الاتصالات.. بعد أن تحولنا إلي مجتمع المعلومات وفي كل مرحلة من المراحل السابقة والتي تلتها كان يحدث تحول في مفهوم الثروة ومصدرها ومن ثم في مفهوم المال.. وسنواصل رحلتنا مع هذا التطور كمقدمة لازمة لتفهم ما تحتاج إليه إدارة المال في كل صورة يتبدي فيها.