رحم الله الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الذي قاد النضال الفلسطيني لسنوات ووجه كل طاقة الشعب الفلسطيني لانهاء الاحتلال الإسرائيلي واتمامه الدولة الفلسطينية. وبعد أن تصادم ياسر عرفات مع القوي الدولية بزعامة الولاياتالمتحدة وفشلت مفاوضات كامب ديفيد الثانية اشتعلت الانتفاضة الثانية في عام 2000 وحدثت التداعيات التي أدت إلي عزل عرفات دوليا وحصاره في رام الله حتي وفاته في باريس في نهاية المطاف. واثناء رحلة الحصار وفرض العزلة علي عرفات حدث تفتيت لسلطاته وتوزعت السلطة الرئاسية لعرفات كزعيم علي رئيس الوزراء محمود عباس في ذلك الوقت كحل مؤقت لمشكلة عزل عرفات ولكن الأمور سارت في طريق الخطأ إذ لم تقدم إسرائيل ولا الولاياتالمتحدة أي شيء للشعب الفلسطيني يؤكد صدق رؤيتها في عزل عرفات. كان عزل عرفات إذن انتقاما شخصيا منه وابعادا له عن الحياة السياسية والغاء لدوره كزعيم فلسطيني مسموع الكلمة من الشعب الفلسطيني، صحيح أن بوادر تمرد الفصائل المسلحة عليه كانت قد ظهرت ولكن كان معروفا أن ميلشيا حركة حماس هي التي تقوم بالدور المناوئ الرئيسي، ومع ذلك كانت لدي عرفات القدرة علي كبح جماح الفصائل نسبيا لأن الشعب الفلسطيني كان يؤيد عرفات وأعتقد أن القوي الدولية التي أزاحت عرفات بالحصار والابعاد حتي وفاته باتت تدرك الآن كم كانت مخطئة في تفتيت السلطة في بلد تحت الاحتلال مثل فلسطين، فالتعامل مع قيادة قوية أفضل بكثير من التعامل مع شراذم تتحول فيما بعد إلي عصابات مسلحة تنشر الارهاب وتروع الآمنين وتهدد مصالح الجميع بلا استثناء. الحرب التي تدور الآن بين الفلسطينيين سببها الرئيسي غياب القيادة التي تحظي بالقبول الشعبي ويخشي المسلحون أن تقلب الشارع ضدهم وسوف تظل هذه الحرب قائمة مادام كل فصيل لديه سلاح ولديه مقاتلون ليس لهم عمل آخر غير القتال، وسوف يحرصون جميعا علي القتال حتي يتحقق طرف منهم انتصارا استراتيجيا علي الطرف الآخر، أو تستمر المهزلة كما يحدث في العراق فتتبادل الفصائل عمليات الاغتيال والتفجير بالسيارات المفخخة والانتحاريين وتدور دائرة الثأر والانتقام وهي دائرة مفرغة لا نهاية لها. وتخطئ إسرائيل إذا اعتقدت أن ما يجري في غزة يصب في مصلحتها في النهاية حيث تتحول أجيال صاعدة من الشعب الفلسطيني إلي مسلحين ينتمون إلي الفصائل ويتسترون بالمقاومة ضد الاحتلال ويزايدون علي بعضهم البعض لا يبالون بالقتال في الحرب أو في الاغتيالات أو في التفجيرات. ان إسرائيل برفضها الدخول في مفاوضات سلمية مع الفصائل التي تؤيد الحل السلمي تؤدي إلي وجود قنوات لتمويل ودعم الفصائل الرافضة حيث يري البعض أن الرفض الإسرائيلي يجب أن يقابله رفض فلسطيني. إسرائيل هي من جلبت حماس إلي الحكم في غزة ولاتزال تدعم وجودها في الحكم.