أعلنت الحكومة الاسبوع الماضي عن البدء في مراجعة دعم أسعار الطاقة المقدمة للعديد من الصناعات وتصحيح مساراتها.. وقد شكل المجلس الأعلي للطاقة برئاسة د.أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء مجموعات عمل لمراجعة هذا الدعم الذي تقدمه الدولة لصناعات: الاسمدة والاسمنت والحديد والبتروكيماويات. الخبراء من جانبهم اختلفوا حول هذا التوجه الذي تسعي إليه الدولة. بعضهم طالب بضرورة تصحيح مسارات دعم الطاقة وبضرورة أن يصل دعم الطاقة من غاز وكهرباء لمستحقيه بدلا من دعم صناعات تحقق أرباحا طائلة ومنخفضة التكاليف ومعظم خاماتها محلية.. وأسعارها احتكارية. والبعض الآخر دعا إلي ضرورة بقاء هذا الدعم علي أن يوجه للصناعات التصديرية وللصناعات التي يحتاجها السوق المحلي.. وشددوا علي أن انخفاض سعر الطاقة عن الاسعار العالمية سيجعل المستثمر الأجنبي يقبل علي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.. كما شددوا في الوقت ذاته علي ضرورة وضع آليات صارمة تمنع جميع الممارسات الاحتكارية.. تعالوا لنناقش وجهتي النظر: يري د.محمد رضا محرم أستاذ هندسة واقتصاديات التعدين والعميد السابق لهندسة الأزهر: أن الحكومة كانت متهاونة إلي أقصي حد ممكن مع منتجي الاسمنت والحديد والاسمدة.. وهي سلع استراتيجية مهمة.. فتركت لهم حرية البيع بأسعار احتكارية لفترات طويلة وأضرت بالمستهلكين أبلغ الضرر.. ولمتتدخل بشكل حاسم لتضع الأمور في نصابها الصحيح لأسباب يعرفها الجميع!! بل وأكثر من هذا قدمت لهم الطاقة بأسعار مدعمة.. وهي لا تدري أنها بهذا السلوك تدعم المستثمر الأجنبي الذي يربح كثيرا من وراء صناعة مثل صناعة الاسمنت ويحول أرباحه للخارج ولا يستفيد منها الاقتصاد المصري! الاسعار الاحتكارية وتساءل د.محمد رضا محرم: كيف تدعم الحكومة أسعار الطاقة المقدمة لصناعات تحقق أرباحا طائلة؟! وكيف تقف بجوار صناعات أصحابها يحرصون علي الاسعار الاحتكارية وعلي التلاعب بالسوق؟! وكلنا قد شاهدنا ما حدث في الفترة السابقة في سوق الاسمدة والحديد والاسمنت! وطالب د.رضا وفاروق مخلوف المستشار الاقتصادي لاحدي شركات الاسمنت بضرورة أن تتحمل الصناعات الثلاث التي سبق الاشارة إليها تكلفة الطاقة الحقيقية وأشار إلي ضرورة ترشيد استهلاك الطاقة وتوصيل دعم الطاقة لمستحقيه فقط.. وشددا علي أنه ليس من المنطقي أن ندعم صناعات أسعارها احتكارية غير مبررة.. والدولة للأسف تقف في موقف المتفرج!! وتدعم الخواجة الذي يسيطر علي صناعات عديدة ويحول أرباحها للخارج!! أمور مهمة ويشير كل من د.محمد سراج أستاذ العمارة بهندسة الأزهر والدكتور حمزاوي بكري وعلاء علي بربار الخبيرين الاقتصاديين إلي عدد من الأمور والحقائق المهمة ومنها: 1- أن هناك تطورات كثيرة قد حدثت في صناعة الاسمنت كان لها أثر واضح علي سعره.. فقد حدث ارتفاع كبير ومفاجئ في الاسعار مقارنة بالتكاليف المنخفضة والتي بلغت حسبما أعلن نحو 182 جنيها للطن بينما يتم بيعه حاليا بأكثر من 360 جنيها.. مما يؤكد وجود اتفاق احتكاري بين الشركات المنتجة للاسمنت ادي الي تحقيق أرباح طائلة.. ونفس الشئ يمكن أن يقال علي سوق حديد التسليح، فقد ارتفع سعر الطن بشكل غير مبرر من نحو 1200 جنيه في عام 2002 ليزيد علي ال 3700 في عام 2007. صناعات رابحة 2 آن الأوان لتوصيل دعم الطاقة لمستحقيه فقط.. وليس من المنطقي ولا من المعقول أن ندعم أسعار الطاقة لصناعات تحقق ارباحا طائلة، خاصة اذا كانت هذه الصناعات جزء كبير منها مملوك للأجانب.. ففي قطاع الاسمنت مثلا، الاجانب يستحوذون علي 80% من شركات اسمنت طرة السويس وأسمنت أسيوط والإسكندرية وبني سويف والعامرية وقنا ومصر بني سويف وغيرها.. وهذه صناعة رابحة بها ممارسات احتكارية منخفضة التكاليف.. لا تحتاج لدعم ولطاقة بسعر منخفض! دعم الخواجات 3 ليس من المنطقي ان نحرص علي تقديم الدعم للخواجات بهذا الشكل غير المبرر!! ونحرص في الوقت ذاته علي تدعيم صناعة تحقق ارباحا طائلة.. وعلي سبيل المثال وحسبما هو معلن اظهرت نتائج أعمال شركة اسمنت سينا خلال العام المالي 2006 نمو صافي ارباح الشركة بمعدل 7.57% حيث سجلت صافي ربح قدره 811.286 مليون جنيه مقارنة بنحو 854.181 مليون جنيه عام 2005.. ويأتي هذا بالطبع بسبب ارتفاع اسعار الاسمنت بشكل غير مبرر!! فلماذا إذاً الاصرار علي تقديم الطاقة لهذه المصانع بسعر منخفض.. رغم انها صناعة منخفضة التكاليف ومعظم خاماتها محلية. ميزات نسبية 4 بالنسبة للصناعات المهمة التي تحتاجها الدولة، ويحتاجها المجتمع مثل الأسمدة وغيرها من الصناعات التي يحتاجها السوق المحلي، يمكن للدولة أن تمنح اصحاب هذه الصناعات ميزات نسبية عديدة لا تقتصر فقط علي خفض أسعار الطاقة بل يجب أن تشمل أيضا أسعار الأراضي والبنية الأساسية والخامات والتسهيلات الائتمانية.. إلخ فالأسمدة مثلا تحدث فيها أزمات متكررة كل عام بسبب وجود الفجوة الشاسعة بين الانتاج والاستهلاك.. والسوق المحلي يحتاج لاكثر من 8 ملايين طن.. وهذه الكميات غير متوافرة علي النحو المطلوب لأن المصانع لا تعمل بكامل طاقتها ولا تجد التمويل اللازم لتحديث آلاتها أو إنشاء خطوط انتاج جديدة بها.. وهنا لا يمكن لوزارة الصناعة ان ترفع الدعم عن هذه المصانع!! بل يجب أن نقدم لها الطاقة بأسعار مخفضة ولفترة محددة لكي تتمكن من تغطية احتياجات السوق والتصدير للخارج. الصناعات التصديرية ومن جهتها أيضا أيد كل من عادل مصطفي رجل أعمال ود.طلعت بيومي الخبير الاقتصادي بقاء دعم الطاقة وشددا علي أن انخفاض سعر الطاقة من الأسعار العالمية يجعل المستثمر الاجنبي يقبل علي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الاسمنت والاسمدة والحديد والالومنيوم والبتروكيماويات كما شددا في الوقت ذاته علي ضرورة تقييم القانون رقم 3 لعام 2005 الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية للتعرف علي مدي قدرته علي تحقيق الهدف منه. واشارا الي ان بقاء دعم الطاقة سيؤدي الي زيادة معدلات التنمية الصناعية كما سيؤدي في نهاية المطاف الي زيادة القدرات التصديرية.. وكلنا قد شاهدنا الارتفاع الملحوظ في اجمالي الصادرات لتصل الي 4.18 مليار دولار في عام 2005/2006 مقابل 8.13 مليار دولار في عام 2004/2005 ويعتبر هذا تقدما ملحوظا يجب ان ندعمه بالمزيد من التسهيلات الخاصة بأسعار الاراضي والطاقة والخامات والتسهيلات الائتمانية. كما اشارا الي ان هناك اكثر من 30 شركة صناعية تحصل علي الطاقة بسعر مدعم وهذا توجه يجب أن يبقي بعد ان تجاوزت الصادرات غير البترولية رقم ال10 مليارات جنيه في عام 2005/2006.