إكرام يوسف لم تكن دماء ضحايا مجزرة جامعة فرجينيا للتكنولوجياجفت،عندما وقع حادث عنف مسلح آخر بعد أربعة أيام أودي بحياة رهينة وقاتله في مركز تابع لوكالة ناسا، ففيما اتفقت وسائل الإعلام علي تسميته بأسوأ حادث اطلاق نار في تاريخ الولاياتالمتحدة الحديث راح 32 طالباً ضحية جنون طالب من أصل كوري جنوبي أطلق يوم 17 ابريل الحالي علي زملائه النار قبل أن يطلق النار علي نفسه وفي العشرين من نفس الشهر كان مركز "جونسون" لأبحاث الفضاء في مدينة هيوستن بولاية تكساس، والتابع لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا"، مسرحا لمأساة جديدة حيث أطلق مسلح تبين فيما بعد أنه مهندس بالمركز، النار علي شخصين كان يحتجزهما فأردي احدهما قتيلا علي الفور فيما أصيبت الرهينة الأخري قبل أن يطلق الجاني النار علي نفسه ويلفظ أنفاسه ولم يكن الحادثان رغم ما سبباه من صدمة غريبين علي مجريات الأحداث في المجتمع الأمريكي مع تسارع وتيرة وقوع هذه الحوادث التي تنسب غالبا بعد التأكد من كون الجاني غير عربي ولا مسلم بمعني انعدام شبهة الارهاب التي لا تنطبق إلا علي العرب والمسلمين! إلي أفراد يعانون خللا في قواهم العقلية فعلي سبيل المثال لا الحصر حادثة اطلاق النار في مدرسة كولومبيا الثانوية عام ،1999 وفي يناير من العام الماضي، قتل ثلاث طالبات أمريكيات واصابة سبعاً عندما أطلق مسلح النار عليهن داخل احدي المدارس الصغيرة للأطفال في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، قبل أن ينتحر باطلاق الرصاص علي رأسه وقبل أسبوع من حادث بنسلفانيا كانت مدرسة أخري بولاية كلورادو، شهدت أحداثا مماثلة حيث قتل أحد المسلحين طالبة بمدرسة "بلات كانيون" العليا بمدينة "بايلي"، قبل أن يطلق النارس علي رأسه وقبل عامين تماما من حادثتي فيريجينيا وناسا، وبالتحديد في ابريل 2005 قتل طالب بمدرسة ثانوية تسعة أشخاص في محمية ريد ليك انديان بولاية مينيوستا وجرح 13 آخرين قبل أن يقتل نفسه فيما اعتبر أسوأ حادث اطلاق نار بمدرسة أمريكية منذ مذبحة كولومبيا عام 1999 وفي الأيام الماضية تزايدت التهديدات بتفجير قنابل واطلاق نار في مؤسسات تعليمية أمريكية مما أدي إلي اغلاق العديد من المدارس والجامعات في مختلف الولاياتالأمريكية. مصادفة ومثلما هو الحال في كل مرة يقع فيها حادث عنف مسلح تبدأ المناقشات في وسائل الاعلام الأمريكية حول قوانين حمل الأسلحة في الولاياتالمتحدة وترتفع أصوات منادية بتعديل هذه القوانين لتقييد حرية حمل السلاح ولعله من قبيل المصادفة المدهشة أنه يوم السبت السابق علي وقوع كارثة فرجينيا كانت ولاية ميسوري الأمريكية تشهد انعقاد المؤتمر السنوي "للرابطة القومية للبنادق"، الذي عقد في مدينة سانت لويس وفي هذا الاجتماع طالب "واين لابيير" نائب الرئيس التنفيذي للرابطة حضور الاجتماع بأن يكونوا علي أهبة الاستعداد "للعاصفة المقبلة" حيث ترددت تقارير تفيد بأن عددا من المشرعين الديمقراطيين في الكونجرس بدأوا حملة لتعديل قوانين حمل الأسلحة بل إنه أشار إلي المخاطر التي تهدد تجار الأسلحة من احتمال سيطرة الديمقراطيين علي البيت الأبيض أيضا بعد انتخابات 2008 ولاشك أن "لابيير" عندما كان يطلق تحذيراته لم يدر بخلده أن الجدل حول موضوع الأسلحة سيثار بصورة عنيفة بعد يومين فقط بعد جريمة بطلها كوري جنوبي مختل العقل. وبين الحديث الذي يدور عقب كل حادث مسلح عن ضرورة تقييد الحق في شراء الأسلحة وحملها وبين المتشبثين باعتبار حق الأسلحة حقا دستوريا لا يجب التنازل عنه خاصة وأن عدد من يحملون أسلحة نارية في الولاياتالمتحدة يتراوح حول 80 مليون أمريكي تغيب حقيقة مهمة لا يلحظها كثيرون وهي أن "الرابطة القومية للبنادق" من بين جماعات الضغط النافذة في الولاياتالمتحدة حيث تبلغ ميزانيتها 180 مليون دولار ويحرص المرشحون في الانتخابات علي خطب ود أعضائها الذين يزيدون علي أربعة ملايين عضو ولاحظ مراقبون أن الرابطة كان لها دور فعال في وصول الرئيسين بوش (الأب والابن) فضلا عن سيطرة الجمهوريين علي الكونجرس منذ عام 2000. رد التحية ولم يتردد الجمهوريون في رد التحية بأحسن منها فقد عملت الإدارة الأمريكية علي عرقلة جهود الأممالمتحدة لمكافحة تهريب الأسلحة وتبنت إدارة بوش تفسير النص الدستوري حول "حق الناس في اقتناء الأسلحة وحملها"، علي النحو الذي يضمن حقوق شركات الأسلحة حيث اعتبرت الحظر الذي ظل مفروضا لثلاثة عقود علي الاحتفاظ بالأسلحة النارية في البيوت حظرا "غير دستوري" كما أصدر الكونجرس قانونا يعفي شركات ومصانع الأسلحة من المسئولية عن عمليات العنف المسلح وأنهي الحظر علي البنادق شبه الآلية بل إن البيت الأبيض أصدر أمرا لمكتب التحقيقات الاتحادي باتلاف السجلات التي تحوي بيانات عن مالكي الاسلحة ورغم التخوفات التي يبديها بعض رموز لوبي الأسلحة في الولاياتالمتحدة ازاء صعود نجم الديمقراطيين واحتمالات