كشفت بيانات اقتصادية صادرة مؤخرا أن معدل التضخم ببريطانيا ارتفع بصورة غير متوقعة إلي أكثر من 3% في مارس الماضي وذلك للمرة الأولي خلال العقد الحالي، كما أن هذه البيانات تسببت في إثارة قلق أسواق العملات من احتمالات رفع أسعار الفائدة للحفاظ علي معدل نمو الاقتصاد، كما ارتفع الجنيه الاسترليني إلي أكثر من دولارين للمرة الأولي له منذ 15 عاما كما أنه أبدي قوته أمام اليورو. وعلي جانب اَخر أضافت هذه البيانات الاقتصادية أن عجز الميزان التجاري لمنطقة اليورو مع الصين واليابان مستمر في منطقة اليورو ومستقبل العملة الأوروبية الموحدة أمام الين واليوان وما قد يترتب علي ذلك من توتر سياسي. ورغم ارتفاع معدل التضخم ببريطانيا الذي جاء أعلي من المعدل الذي توقعه البنك المركزي البريطاني وكذلك قوة العملة البريطانية فإن صادراتها لم تتأثر كثيرا بهذا الارتفاع التضخمي لما يمتاز به اقتصادها من قوة ضاربة. وبالقارة الأوروبية ساعدت قوة اليورو في إبقاء معدلات التضخم بالمنطقة دون تغير وخاضعة تماما للسيطرة، إلا أن بعض صناع السياسات الاقتصادية لدي كبريات الدول الأوروبية في مجال التصدير مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا يأملون المزيد من التوازن التجاري بينهم وبين الصين واليابان. وقال جوس لويز ألزولا اقتصادي لدي سيتي جروب بلندن إن الحظر يكمن في حالة هبوط الدولار والمتوقع حدوثه قريبا مما سيلقي بثقله بالكامل علي العملات الأوروبية. وجاء ارتفاع التضخم البريطاني في وقت سيئ بالنسبة لجوردون براون مستشار الخزانة البريطانية الذي يركز خلال الفترة الحالية علي تعزيز النمو الاقتصادي البريطاني ليساعده ذلك في الحصول علي الدعم المطلوب للفوز بمنصب رئيس الوزراء البريطاني خلال العام الجاري. وللمرة الأولي منذ أن خَوّل براون بنك انجلترا عام 1997 مهمة تحديد أسعار الفائدة، طُلب من ميرفيان كنج مدير بنك انجلترا أن يوضح في خطاب مكتوب أسباب ارتفاع معدل التضخم بأكثر من نقطة مئوية واحدة أكثر من المعدل المحدد الذي يجب عدم تجاوزه لدي بنك انجلترا وهو 2% وأن يقدم اقتراحاته لخفض هذه المعدلات المرتفعة.. وأوضح كنج في خطابه أن السبب الرئيسي في رفع معدل التضخم إلي 3.1% في مارس الماضي يرجع إلي ارتفاع أسعار الجازولين والأطعمة، لكنه أضاف أن البنك لايزال واثقا من هبوط معدلات التضخم ببريطانيا خلال شهور قليلة. وقال براون إن حكومته توافق علي رؤية وتقدير بنك انجلترا بشأن معدلات التضخم لكنها ستستمر في حربها حتي تنخفض. وفي الوقت الذي ارتفع خلاله الجنيه الاسترليني إلي أكثر من دولارين للمرة الأولي منذ 1992 يتوقع مستثمرون أن يقوم البنك المركزي البريطاني برفع أسعار الفائدة نقطة واحدة علي الأقل لتصل إلي 5.5% وذلك لكبح جماح التضخم، كما ارتفعت العملة البريطانية بالنسبة لليورو إلي 1.4786 يورو. يذكر أن هناك سياسيين من الأحزاب الأخري يستغلون بيانات التضخم البريطاني السلبية في نقد براون الذي يعد شاهدا علي فترة نمو وثبات اقتصادي في ظل حكومة حزب العمل علي مدار السنوات العشر الماضية. وقال جورج أوسبورني المتحدث باسم الحزب المحافظ بشأن الاقتصاد البريطاني إن سمعة براون بخصوص المنافسة الاقتصادية نسيجها يتفكك علي مرأي ومسمع منا. وطبقا لبيانات صادرة عن مكتب احصاء الاتحاد الأوروبي ارتفع حجم عجز الميزان التجاري لثلاث عشرة دولة موجودة بمنطقة اليورو إلي 10.7 مليار يورو "14.5 مليار دولار" مع كل من الصين واليابان في يناير الماضي أي ارتفع العجز 30% أكثر من العام الماضي كما وصل عجز الميزان التجاري لهذه الدول مع اليابان إلي 2.1 مليار يورو أي زاد بنسبة 17%. ويري محللون أن نمو العجز التجاري لبعض دول الاتحاد مع الصين واليابان يأتي معاكسا لرغبة صانعي السياسات الاقتصادية في أوروبا وأمريكا فهم يريدون العملتين اليابانية والصينية في قوة مستمرة مما يسمح للدولتين بشراء المزيد من البضائع من أوروبا أو من أي مكان اَخر لكي يساعد ذلك في جعل النمو الاقتصادي في العالم أكثر توازنا. وتتصاعد مخاوف خبراء اقتصاديين من أن الاقتصاد الأوروبي سيتحمل عبء أغلب التغيرات التي تحدث في أسعار العملات وذلك مع ارتفاع اليورو وزيادة أسعار البضائع بالمنطقة مع انخفاض قدرتها التنافسية بالأسواق الخارجية.