اختلف علماء الدين حول مسألة وضع اموال المسلمين في بنوك أجنبية فهناك من أيد ذلك اذا كان الهدف من هذا الايداع هو حفظ هذه الأموال في تلك البنوك وخاصة في ظل عدم وجود بنوك اسلامية، وايضا بشرط ألا تستثمر تلك الأموال في أنشطة محرمة كانتاج الخمور. علي الجانب الآخر يري الرافضون لايداع هذه الأموال في البنوك الأجنبية بالخارج ان هناك مخاوف من مصادرة تلك الأموال في حالة التوترات السياسية كما ان ذلك يقوي من الدول الاجنبية علي حساب دولنا. يقول الشيخ محمد زيدان مستشار وزير الاوقاف ان ايداع أموال المسلمين في بنوك أجنبية بالخارج يعتبر أثماً، والأمر نفسه بالنسبة عند ايداع الأموال في الفروع الأجنبية بالداخل لأن عائد هذه المدخرات سيذهب لهذه الدول بالخارج في بنوكها الأم، وبالتالي الأرباح والمكاسب ستعود لها وليس لمصر رغم ان البنك الوطني أولي بهذه الأموال. وبالنسبة لمسألة الايداع بالبنوك اليابانية يري انه ما دامت البنوك هناك تحدد الفائدة فهي حرام، فالمسألة ليست تخفيض الفائدة أو زيادتها. ويتفق مع الرأي السابق الدكتور أحمد طه ريان الاستاذ المتفرغ بكلية الشريعة جامعة الازهر ويقول اننا عندما نستثمر في البنوك الاجنبية لا نعرف في أي شيء يتم استثمارها ولا كيف تستثمر فهناك لا يوجد حلال أو حرام وليس لديها ما يعرف بالربا. ويضيف الدكتور طه ريان بأن عائد الاستثمار للأموال يصبح عائدا ملوثا ويقع في شبهة الحرام علي حد قوله. ويشير طه ريان إلي أنه ايضا عند الاستثمار لاموال المسلمين بالفروع الاجنبية الموجودة في مصر لابد ان يتأكد بأن هذه الأموال هل يتم استثمارها في الداخل بالفعل ويستفيد منها البلد وتوفر فرص العمل للشباب أم لا واذا تم التأكد بأن هذه الأموال تستثمر في الداخل والعائد يعود علي الوطن فلا اثم علي وضع هذه الأموال في هذه البنوك الاجنبية بالداخل. أما اذا كانت هذه البنوك الاجنبية تستثمر أموالها في اشياء محرمة كالخمور وما إلي ذلك فإنه من الافضل الابتعاد بسرعة عنها والذهاب للبنوك الوطنية والافضل ان يتم استثمار هذه الاموال في بنوك تمول المشاريع الغذائية والسياحية والصناعية من اجل توفير الانتاج والغذاء وفرص العمل للشباب المسلم. ويتفق مع الآراء السابقة الدكتور محمد النجار رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بنها ويقول ان المشكلة لا ترتبط بالمعاملات المصرفية بقدر ما تربط بأهمية الاستثمار لأموال العرب والمسلمين في بلادهم وليس خارج الوطن. ويوضح الدكتور النجار ان آثار استخدام اموال المسلمين في الاسثمارات الوطنية يعود علي المواطنين بزيادة في الدخل والانتاج بعكس ما تم استثمارها. ويؤكد الدكتور النجار ان الاستثمار الاموال في الفروع الاجنبية داخل البلد لا ينطبق عليه ما ينطبق علي البنوك الموجودة خارج الوطن لان الاستثمار هنا يتم داخل الوطن وليس خارجه. ويوضح استاذ الاقتصاد بأن العيب في هذا الأمر هو ان تستخدم هذه الفروع الموارد المحلية لخدمة نشاطها في الخارج بدلا من جلب موارد أجنبية إلينا. وبالنسبة لإيداع أموال المسلمين بالبنوك اليابانية يقول د. النجار إن البنوك اليابانية هي بمثابة بنوك إسلامية بسبب قلة الفائدة قول أقرب إلي "النكتة". ويضيف أن خفض سعر الفائدة إلي صفر أو نصف في المائة كما في اليابان يقلل تكلفة الاستثمار والاقتراض ويشجع علي الاقتراض من البنوك فينتعش الاقتصاد القومي هناك. ويشير أستاذ الاقتصاد إلي ان اليابان فعلت ذلك مؤخرا لأنها تعرضت منذ أكثر من عشر سنوات إلي ركود شديد في اقتصادها فأرادت انعاشه بخفض الفائدة الدائنة والمدينة. ويختلف مع الآراء السابقة الدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر السابق ويؤكد بأننا لا نستطيع القول بأن الشخص المودع لبعض أمواله في بعض المصارف الغربية آثم كما أنه إذا رأي ان العائد من هذه الأموال به شبهة التحريم فعليه ان يأخذها ويتبرع بها لأي جهة خيرية أو لمن يستحقها. ويضيف الدكتور عثمان ان إيداع الأموال بالبنوك بالخارج أيضا لا يعتبر إثماً. ويفسر عميد الشريعة والقانون السابق ذلك بأن الإنسان ممكن ان يكون مضطرا لذلك إذا كان يعمل في الخارج ولا يجد بنوكا إسلامية، فإنه يقوم بوضع هذه الأموال وعائدها يتبرع به في أي مكان يريده. ويقول: لا نستطيع القول إن البنوك التي تأخذ فائدة قليلة كالبنوك اليابانية تختلف في الحكم الشرعي عن البنوك التي تأخذ فائدة أكبر فالفائدة محرمة طالما تم تحديدها. ويتفق مع الرأي السابق الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر ويقول: إن المبدأ الأساسي هو ان العالم لا يستغني بعضه عن بعض فالعالم كله كالجسد الواحد ولكن بشرط ان نتأكد بأن أموالنا لا يتم استخدامها ضدنا ويزداد غني ونزداد فقرا وأمية ومرضا وألا يتم حجز أموالنا ومصادرتها. ويشير الدكتور أبو ليلة إلي انه إذا ثبت ذلك فالأولي ان توضع هذه الأموال في بنوكنا الوطنية بدلا من تجميدها بالخارج وعلي المودع ان يتبين ذلك من الأوضاع العامة لهذه الدول. وان في هذه الحالة فإن المصلحة تقتضي وضع الأموال بالبنوك المحلية والوطنية بدلا من ضياعها وتجميدها في بنوك الغرب، وحول مسألة البنوك اليابانية يقول أبو ليلة: ليس حراما ولا عيبا ان أموالنا في البنوك اليابانية طالما انها تحقق مصلحة للمسلم. ويتفق مع الآراء السابقة بشار أحمد شريف مفتي اليونان ويقول: إن موضوع البنوك في الإسلام موضوع غاية في التعقيد وان الفقهاء أفتوا في فترات سابقة بعدم جواز وضع الأموال وحتي إذا تم وضعها في البنوك لا يجوز أخذ فوائد محددة لأنها تعتبر ربا. ويشير بشار شريف إلي ضرورة عدم وضع الأموال الإسلامية في بنوك يهودية أما ان يودع المسلم الذي يعمل بالخارج أمواله في البنوك هناك فلا عيب في ذلك لأنها الوسيلة الوحيدة في حالة عدم وجود بنوك إسلامية هناك.