نال المصرفي الأول في العالم محمد يونس جائزة نوبل للسلام العام الماضي عن جدارة بعد أن أبهر العالم بذلك النمط الجديد الذي قام بتأسيسه من خلال بنك "جرامين" في بنجلاديش ويهدف إلي اقراض الفقراء وتمكينهم من إدارة مشروعات أعمال صغيرة تنهض بأوضاعهم المعيشية وتخفض من معدلات الفقر. حرصت العالم اليوم "الاسبوعي" علي لقاء محمد يونس والذي استغرق اعداده قرابة الشهرين بالتنسيق مع سفارة بنجلاديش بالقاهرة وأجاب فيه عن العديد من التساؤلات سواء عن تجربته في حد ذاتها أو ما يتعلق بالأوضاع في مصر. شدد يونس علي أن منهج الدعم الحكومي للفقراء في مصر فاشل مؤكدا أن مثل ذلك الدعم يوجد الفساد ولا يصل إلي مستحقيه اضافة إلي أنه لا يكفل تغيير حياة الفقراء أو محدودي الدخل بالتغيير الحكومي في مصر. ولفت يونس إلي أن تجربة بنك جرامين لا يوجد فيها متعثرون مؤكدا أن الفقراء عادة ما يسددون قروضهم وقال إن المتعثر ليس شخصا سيئا وإنما في حاجة إلي المساعدة ولم يفته تناول تجربته قبل سنوات لتطبيق تجربة بنك جرامين في مصر وفشلها بسبب "البيروقرطية" علي حد تعبيره. ويبقي حلمه الجديد الذي تناوله في الحوار بالتفصيل لإنشاء بورصة ل"البيزنس الاجتماعي" اضافة إلي قضايا أخري يتناولها ذلك الحوار مع هذه الشخصية الفريدة في السطور التالية. * لفت حصولك علي جائزة نوبل للسلام عام 2006 انظار العالم إلي النظام الاقتصادي المصرفي الذي وضعته للقروض متناهية الصغر فما الاسس الاقتصادية التي قام عليها مصرف جرامين؟ ** هناك عدد من الاسس والسمات الاقتصادية المرتبطة بمصرف جرامين فهو في الاساس ليس خدمة اجتماعية ولكن مشروع اقتصادي لمصرف له رأس يقارب 500 مليون "تكا" أي حوالي 5.12 مليون دولار يقوم باستثمارها في اقراض العملاء لتمويل مشروعاتهم الفردية وتتصاعد مستويات الاقراض من الفرد إلي المجموعات ويحدد البنك العملاء الذين يتعامل معهم من الفقراء الذين لا يمتلكون أرضا زراعية أو ممتلكات وهو ما يتناقض مع سياسة سائر البنوك التي لا تتعامل مع الفقراء لأنهم لا يمتلكون الجدارة الائتمانية أو الضمانات التي تشترطها البنوك كما أن هؤلاء العملاء من ناحية أخري هم الملاك الفعليون للبنك ويمتلكون 94% من أسهم المصرف وهم أيضا أعضاء في مجلس الادارة حيث يوجد 9 من بين 13 عضوا من هؤلاء العملاء أي بنسبة 69% تقريبا وهم المستحقون لارباح المصرف من استثمارات ويشاركون بقوة في صناعة القرارات. وقمنا في البنك بوضع نظام جديد للحلقة المفرغة القديمة لدخل الطبقات الفقيرة (دخل قليل = مدخرات قليلة = استثمار قليل = دخل قليل) وغيرنا هذا النسق إلي (دخل منخفض = ائتمان = استثمار = دخل أكبر = ائتمان أكبر = مزيد من الاستثمار ثم مزيد من الدخل) واسسنا نظاما يعتمد علي المشاركة والتعاون من الافراد فالشرط الوحيد للاستفادة من خدمات البنك هو أن يقدم المقترض طلبه ضمن مجموعة لا تقل عن خمسة أشخاص يؤيدون التزامه باستثمار القرض ودفع اقساطه كما وجهنا جانبا كبيرا من العروض إلي النساء وهن يمثلن 94% من عملاء المصرف ونفس النسبة في مالكي اسهم المصرف و69% من عضوية مجلس الادارة وجاء ذلك بعد أن لاحظنا أن الاسرة الفقيرة تحقق فوائد فورية إذا كان التحسن في دخلها عن طريق المرأة بينما لا يحدث نفس التحسن في الاسر التي يزيد فيها دخل الرجل، فالمرأة تضع أسرتها وأولادها في سلم أولوياتها بينما الرجل لديه سلم مختلف للاولويات. الفائدة عالية! كيف تفسر نسبة الفائدة العالية المفروضة علي القروض التي يمنحها بنك جرمين والتي تصل في بعض الأحيان إلي 20% مما يعني احتمال ألا يستطيع المقترض تحقيق أرباح بسبب خدمة هذا القرض؟ هذا الأمر يعتمد علي قدرة المقترض ومشروعه فالبنوك التقليدية في بنجلاديش تصل نسبة الفائدة بها إلي 15% ومصرف جرامين ترتفع فيه نسبة الفائدة عن البنوك التقليدية ما بين 4% و5% وهي نسبة ليست مرتفعة إذا أخذنا في الاعتبار أن المقترض يستطيع سدادها بالاسبوع أو بالشهر. من جانب آخر يجب أن تكون نسبة الفائدة عالية في مصرف جرامين لأن الخدمة التي يقدمها المصرف مختلفة فالمصرف هو الذي يذهب إلي العميل ويقرضه الامول لأن سياسة البنك تقوم علي أن البنك يجب أن يذهب إلي العملاء وليس العملاء يأتون إلي البنك ولهذا ترتفع التكلفة ولابد من تغطية تكلفة الخدمة لأنها تحتاج إلي كثير من الالتزامات لذلك نضع قاعدة بسيطة لحساب الفائدة هي تكلفة الخدمة واضافة 10% عليها.