ارتفاع أسعار الاسمنت دائما ما يدق اجراس الانذار ويوقظ المخاوف المزمنة من الاحتكار والتحكم من السوق.. والسؤال الذي يطرح نفسه مجددا بعد فرض رسوم علي صادرات الاسمنت لإحداث توزان داخل السوق المحلي ويعيد مرة أخري قضية خصخصة شركات الاسمنت الي النقاش هو: هل كان ذلك قرارا خاطئا؟ وهل لو ظلت تلك الشركات تحت مظلة قطاع الأعمال العام لكانت الحكومة ستستطيع الآن السيطرة علي توازن الأسعار في السوق؟! وفيما اكد الخبراء ان الاسعار كانت ستظل مستقرة إذا ما احتفظت الدولة بهذه الشركات.. اشار آخرون الي ان السوق المصري كان سيظل هو ايضا في هذه الحالة مثلما كان عليه في السابق من اضطرار للاستيراد لتلبية جزء من الاستهلاك المحلي لتغطية الطلب. في حين ينبه الخبراء الي ضرورة ان يكون دور الدولة هو المنظم فقط موضحين ان الاحتكار قد يتحقق سواء كان المنتجون مصريين أو أجانب معتبرين ان القرار الاخير لوزير التجارة والصناعة بفرض رسوم علي صادرات الاسمنت يأتي في اطار تفعيل هذا الدور أي "المنظم" ويقترح البعض التعجيل بانشاء مصانع جديدة باعتباره الحل الامثل والوحيد لتحقيق التوازن وتلبية الطلب المتزايد مع الحفاظ علي مستوي الاسعار في نفس الوقت. التوسع في الصناعة وجهة النظر الاخيرة يؤكد عليها المهندس عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية مشيرا الي انه في اطار تنفيذ خطة الألف مصنع وفقا لبرنامج الرئيس مبارك الانتخابي فقد وافقت الهيئة علي تخصيص الأراضي اللازمة لانشاء 6 مصانع جديدة للاسمنت بطاقة انتاجية تبلغ مليونا و100 الف طن سنويا في محافظات الوادي الجديد، اسوان، سوهاج، الوادي الجديد، المنيا والسويس بتكلفة استثمارية 4 مليارات و516 مليون جنيه علي مساحة 1860 فدانا وتوفر حوالي 3526 فرصة عمل جديدة. ويؤكد عسل ان هذه المصانع سوف تضيف 30% من الانتاج مما يحقق الطلب المتزايد عليه في السوق المحلي وللصادرات. وفي نفس هذا الاتجاه يري المهندس السيد معوض مدير مركز معلومات قطاع الأعمال العام ان زيادة اسعار الأسمنت التي ظهرت في الفترة الأخيرة يكون حلها هو ضرورة انشاء التوسعات باستقدام الاستثمارات سواء المحلية او العربية او الاجنبية مع الابقاء علي الشركة القومية للاسمنت كشركة حكومية في ضوء إعادة هيكلة رأس المال.. ويشير الي ان اتجاهات الحكومة لضبط اسعار السوق المحلي لن تؤثر علي نمو هذه الصناعة في المستقبل نظرا لانها واعدة واقتصادات تشغيلها وربحيتها تفوق المعدلات السائدة في السوق. دور نتظيمي للدولة ومن جهته يعترض المهندس عادل الموزي رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية علي الأصوات التي تدعي ان قرار بيع شركات الأسمنت المملوكة للدولة كان خطأ والمستندة هذه المرة علي تدخل الدولة المتمثل في قرار وزير التجارة والصناعة بفرض رسم علي صادرات الاسمنت ويوضح الموزي ان هذه الآراء قديمة لكنها تغير من أسبابها.. مشيرا الي ان برنامج الخصخصة لهذا القطاع يتم تنفيذه لتوسيع قاعدة الملكية.. والاتجاه نحو السوق الحر ليصبح دور الحكومة "منظما" فقط كما يحدث حاليا من اجل الحفاظ علي استمرار السوق الداخلي ويجدد الموزي التأكيد علي ان القرار الاخير دليل علي تفعيل هذا الدور ويلفت ايضا الي ان ابقاء الشركة القومية للاسمنت في حوزة قطاع الاعمال العام هو جزء من تحقيق التوازن في السوق حيث حافظت الشركة علي معدلات الاسعار السابقة في حدود 300 جنيه للطن علي عكس باقي الشركات الخاصة التي اتجهت الي زيادات متواصلة في الأسعار مؤكدا في نفس السياق علي ان وزارة الاستثمار قررت عدم الاتجاه الي بيع الشركة القومية للاسمنت في الوقت الحالي وكذلك الاحتفاظ بحصصها في شركات قنا وطرة والسويس. آليات السوق الحر في المقابل يؤكد المهندس حمدي رشاد رئيس المكتب الفني السابق بوزارة قطاع الاعمال العام ان الدولة لو كانت قد احتفظت بحصتها في شركات الاسمنت لكان الوضع حاليا مختلفا فحتي لو بقيت الاسعار علي ما هي عليه فإن مصر كانت ستظل مستوردة للاسمنت وهو الحال ذاته الذي كان عليه السوق قبل بيع شركات الاسمنت التي أصبحت الآن تصدر بعد ان تم نقل ملكيتها الي القطاع الخاص.