لا أعرف السر في أن الإنسان المصري دائماً ثمنه بلغة السوق ليس غالياً. والدليل علي ذلك إذا حدث له مكروه سواء في الخارج أو الداخل. فكل سفارات العالم تقريبا تهتم بمواطنيها في الخارج بشكل لافت للنظر وبطريقة تعكس مدي القيمة الكبيرة لهذا الإنسان، إلا سفارات مصر والتي دائما تتعامل مع المصري في الخارج بشكل روتيني وبطريقة "سد الخانة" فتضيع الكثير من حقوق المصريين بسبب ذلك. بل وفي الداخل عندما يتعرض المواطن إلي حادثة علي سبيل المثال أو انتقاص لحقوقه أو مساس بكرامته، لا يجد من يقف بجانبه ويعيد له حقوقه المسلوبة ويرفع الظلم عنه، إلا إذا وجد واسطة أو تدخلت شخصية مهمة رئيس الجمهورية أحيانا فتجد كل المسئولين يسارعون بطريقة لا تخلو من المزايدة والنفاق من أجل المساعدة وتصحيح الأوضاع واعطاء الحقوق. فعلي سبيل المثال تعرض الطفل أحمد محمود علي عثمان ذو العشر سنوات لحادثة مفجعة قبل عيد الأضحي مباشرة وأثناء خروجه من مدرسته بعد أداء امتحان التيرم في مدرسة إسكان المستقبل بمدينة العبور، فقد تعرض للصعق بالكهرباء من كابينة مفتوحة كانت بجوار سور المدرسة، فأصيب الطفل أحمد عثمان بحروق شديدة في مختلف أنحاء جسمه وأجريت له عملية بتر ليديه بالكامل وحتي كتفيه في مستشفي الحسين الجامعي، والطفل يرقد الآن بالمستشفي بين الحياة والموت، ويعاني بجانب آلامه الجسدية آلاما نفسية رهيبة.. وضاع بالتالي مستقبله. والغريب أن محضر الشرطة لم يأت في صالح الطفل وادعت شركة الكهرباء أن أحمد عبث بيديه في الكابينة فصعقته الكهرباء، وهذا بالطبع من أجل إخلاء مسئولية وزارة الكهرباء وتحميل الطفل وعائلته المسئولية. ويضيع عليهم التعويض والذي لا يساوي بالطبع مهما بلغ يوماً واحداً من معاناة هذا الطفل. صحيح أن وزير الكهرباء أمر بعمل تحقيق حول الواقعة وعرض علاج الطفل علي نفقة الوزارة وتعيين والده ووالدته بها وصرف 150 ألف جنيه تعويضا له بخلاف الأجهزة التعويضية، إلا أن ذلك لم يحدث حتي الآن، وكل ما حصلت عليه عائلة الطفل المنكوب وعود وكلام فقط رغم ضآلة التعويض، لأن ملايين الجنيهات لن تعوض طفلا عن ضياع مستقبله وأن يعيش بعاهة مستديمة نتيجة الإهمال. وأنا أعرف الوزير الإنسان د. حسن يونس وزير الكهرباء عن قرب، وأعلم تماما أنه موضوعي ولا يصرح إلا بالحقيقة ولا يتكلم إلا في وقائع بعيداً عن التصريحات غير الواقعية، وهذا ما لمسته من حوار طويل تم في ندوة نظمتها نقابة الصحفيين مؤخراً، وشرفت بإدارتها وتحدث فيها بصراحة مطلقة لم نعهدها من وزراء آخرين. فأرجو أن يهتم وزير الكهرباء بحالة الطفل أحمد، ويعتبره كأحد أحفاده وأن يعوضه هو وأسرته بشكل جدي عن ما حدث له خاصة أنه من أسرة فقيرة، بدلاً من أن يحصلوا علي وعود فقط لم تنفذ حتي الآن، وتصبح المسألة تصريحات صحفية معسولة لتهدئة الرأي العام.. أما التنفيذ فلا شيء وهذا لم نعهده إطلاقا من وزير الكهرباء. تساؤلات: * إذا كان هناك لصوص يقومون بسرقة أغطية بلاعات الصرف الصحي وبيعها خردة، وأيضا يسرقون أبواب كبائن الكهرباء وبالتالي يتعرض المواطنون خاصة الأطفال للخطر الشديد.. فأين دور "دوريات" الشرطة، وما حجة وزارة الكهرباء في عدم حراسة الكبائن، ولاسيما أن هناك شرطة خاصة للكهرباء؟ ولماذا لا تقوم الوزارة بعمل أبواب مصفحة علي الكبائن؟ بعد حوادث التوربيني وبعد أن فشلت أسرة أحمد عثمان الذي صعقته الكهرباء في الحصول علي تعويض يصبح السؤال هو: أين دور منظمات المجتمع المدني خاصة المجلس القومي للطفولة والأمومة، وهل الأمر يتطلب دائما تدخلاً إنسانياً من رئيس الجمهورية لحل مشكلات ضحايا الإهمال كما حدث مع هند نواف عطية التي نسي الطبيب فوطة في بطنها؟ وأين الاهتمام بمحدودي الدخل؟ [email protected]