تتصرف الاقدار احيانا بطريقة غريبة هذا ما قلته لنفسي وانا اركب القطار التوربيني متجها الي الاسكندرية ولم اكن قد استطعت العثور علي تذكرة في الدرجة الاولي فقبلت تذكرة في الدرجة الثانية فقد كانت تلك هي تذكرة ايام الشباب فوجئت بأن القطار اقذر مما اتخيل ولم يكن هناك مفر من قبول هذا الهبوط الحاد في الاحساس بالجمال وسألت نفسي الم يسأل احد وزير المواصلات التاريخي سليمان متولي عن رحلة انهيار السكك الحديدية في بر مصر المحروسة؟ ويبدو اني كنت احدث نفسي فقلت بصوت شبه مسموع الله يسامحك ياسادات واخرجت الكومبيوتر المحمول محاولا تسلية نفسي بالقراءة او الكتابة فوجدت من بجانبي يحدثني قائلا الا تحب الرئيس السادات؟ فسألته اولا: من انت؟ فأجانبي "عمرو شلبي" سألني عن عملي وسألته عن عمله فقال لي انه يعمل باحثا في مكتبة الاسكندرية وسألته عن عمره فأجاب: ثلاثة وعشرون عاما فقررت ان استفزه قائلا: لابد ان لك واسطة جامدة حتي تجد لنفسك مكانا في مكتبة الاسكندرية وانت في هذا العمر. ضحك الشاب وهو يقول: كل الذي حدث اني احببت الرئيس السادات واسست موقعا علي شبكة الانترنت عنه وجمعت كل ما يخص الرجل منذ عشر سنوات تقريبا وبعد التخرج واصلت عملي في محاولة دراسة شخصية استثنائية حكمت مصر في ظروف شديد الاستثنائية وعندما تخرجت في العام الماضي تصادف ان اتصل بي الدكتور خالد عزب مسئول الاعلام بالمكتبة والمشرف علي جزء من نشاطها التوثيقي وقال لي انه شاهد الموقع وتابعه علي الانترنت وحدد لي موعدا لاجراء مقابلة وفي المقابلة عرفت ان المكتبة تحاول دراسة تاريخ مصر الحديث منذ عام 1800 الي الآن وعرض علي العمل كباحث في فترة السادات بما اني احب تلك الفترة وطبعا فرحت بعرض العمل علي الرغم من اني خريج كلية التجارة. ولولا اني اعرف قواعد العمل في مكتبة الاسكندرية حيث لا تنفع اي وساطة من اي نوع وكان قولي للشاب عمرو بأن له واسطة جامدة هو محاولة استفزاز لا اكثر ولا اقل ولما كنت اعرف بشكل شخصي جراءة د.خالد عزب ومحاولاته لاقتحام مناطق في نشاط المكتبة يصعب حصرها عمليا لكل ذلك كان لابد من تصديق الشاب فإسماعيل سراج الدين قد يعطي فرصة لشاب يثبت ابداعا وخالد عزب الذي اعرفه هو القادر علي تدريب الشباب بشكل عملي في مناح مختلفة. وعلي الرغم من ان الاسكندرية استقبلتني في ذلك اليوم بمطر اقل ما يوصف به انه لا اخلاقي بمعني اني لم اكن مستعدا بشمسية كما لم يكن قسم النقل والاستقبال في المكتبة علي مستوي من الجدية التي تليق بمكان يشهد له العالم بأنه منافس فعال في الجدية والانضباط لذلك بقيت تحت المطر الي ان تعطف علي سائق تاكسي لينقلني الي موقع الاجتماع الذي كنت مدعوا اليه وهو في مكتبة الاسكندرية ولا احد يتصور قدر الفرح والامل الذي تزرعه المكتبة في قلب من يتعامل معها وفور ان رأيت د.خالد عزب قلت له: علي الرغم من مرارة الوقوف تحت المطر لترهل ادارة استقبال البشر في المكتبة الا اني مدين لك بالشكر لاني عرفت حقيقة التدقيق في منح فرص للشباب الجاد وقد قضيت ساعتين من القاهرة الي الاسكندرية في صحبة شاب هو عمرو شلبي. وطبعا لم يفت د.اسماعيل سراج الدين ان يحقق بنفسه في خلل استقبال المدعوين الي الاجتماع الذي كنت مدعوا اليه لان سمعة المكتبة تنبع من دقة عملها واسماعيل سراج الدين لا يسمح بالترهل في الاداء. وعلي قدر غضبي من الذين كان مفترضا فيهم الا يتركوني فريسة للمطر علي قدر سعادتي لان المكتبة تمنح شابا جادا فرصة للنمو والتعلم والبحث شكرا اسماعيل سراج الدين.