تواصل إيران تحديها بقوة للمجتمع الدولي الذي أفرز قرار مجلس الأمن الأخير بفرض عقوبات "محدودة" ضد إيران نظرا لعدم استجابتها للنداءات الدولية بوقف تخصيب اليورانيوم. ويبدو من رد الفعل الإيراني أن حكومة نجاد تستشيط غضبا من شدة الغيظ نظرا لصدور القرار الدولي بالإجماع من ناحية، ولعدم تمكنها من الضغط كفاية علي الصين وروسيا لوقف هذا القرار الذي يمثل في الحقيقة محطة انتظار إضافية يتوقف عندها الصراع بين الغرب وإيران حول الملف النووي لكي يحشد كل طرف إمكانياته استعدادا للجولة التالية، أو تمهد المفاوضات طريقا اَخر غير طريق التحدي والمجابهة. والمعروف أن الصين وروسيا لم توافقا علي مشروع القرار الذي تقدمت به الدول الأوروبية ضد إيران إلا بعد التأكد من عدم تصريحه باستخدام القوة ضد إيران حال امتناعها عن التنفيذ واستمرارها في تخصيب اليورانيوم. فالصين تعتمد علي إيران كمورد رئيسي للبترول، أما روسيا فهي التي تبني محطة طاقة نووية في إيران وتساعدها في بناء المفاعلات النووية. ويرجع التباين في المواقف بين كل من روسيا والصين من ناحية والدول الغربية من جهة أخري إلي عدم وجود دلائل ملموسة علي سعي إيران إلي الحصول علي سلاح نووي، وإنما تشير التقارير والمعلومات الغربية إلي سعي إيران لامتلاك الوسائل التي تتيح لها فرصة الحصول علي سلاح إذا أرادت ذلك.. كما تربط التحليلات بين طبيعة النظام الإيراني وحالة قياداته النفسية والعصبية وبين الميل إلي الحصول علي سلاح ردع شامل للالتحاق بنادي الدول النووية. وجاء رد فعل الرئيس الإيراني علي القرار الأممي عصبيا للغاية إذ وصف القرار الدولي بأنه قطعة ورق لا قيمة لها، وأن الأعضاء الذين أيدوه "15 عضوا" سيندمون. وهذه الردود العصبية تشير إلي أهمية المعركة الكلامية الدبلوماسية للنظام الإيراني ولحملة الدعاية الخاصة بالرئيس الإيراني المبنية علي تضخيم الصراع مع الغرب وإبرازه كعدو لإيران يسعي لحرمانها من حق طبيعي في استخدام الطاقة النووية. وأعتقد أن إيران وهي مستمرة في تخصيب اليورانيوم متحدية بذلك المخاوف الدولية من سعيها للحصول علي سلاح نووي تترك الفرصة للولايات المتحدة والحلفاء الغربية لبناء موقف دولي أكثر قوة والحصول علي دلائل إضافية علي أن إيران دولة خطرة تفتح باب سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط وتهدد مصالح الدول شرقا وغربا دون استثناء. إن الإصرار علي إنتاج سياسة مستقلة الإرادة لا يعني الدخول في مجابهة مع دول العالم، وكذلك لا تستفيد الشعوب من إيجاد مناخ المجابهات الذي يؤدي في لحظة إلي مواجهة لا تحمد عقباها.